تعليق الشيخ على قراءة الطالب للصفات الإلهية : " ... ومما يشهد لما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وأمثاله قصة الرجل الإسرائيلي المشهورة وهذا نصها من صحيح البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا هشام أخبرنا معمر عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( كان رجل يسرف على نفسه فلما حضره الموت قال لبنيه: إذا أنا مت فأحرقوني ثم اطحنوني ثم ذروني في الريح، فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا، فلما مات فعل به ذلك، فأمر الله الأرض فقال لها: اجمعي ما فيك منه! ففعلت، فإذا هو قائم، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ قال خشيتك يا رب فغفر له، وقال غيره: مخافتك يا رب ) . وللحديث عدة روايات وهذه الرواية من أجمعها تقريبا . قال الخطابي تعليقا على هذا الحديث: قد يستشكل هذا فيقال: كيف يغفر له، وهو منكر للبعث والقدرة على إحياء الموتى؟ والجواب: أنه لم ينكر البعث وإنما جهل فظن أنه إذا فعل به ذلك لا يعاد فلا يعذب، وقد ظهر إيمانه باعترافه بأنه إنما فعل ذلك من خشية الله. قال ابن قتيبة: وقد يغلط في بعض الصفات قوم من المسلمين فلا يكفرون بذلك، ورده ابن الجوزي وقال: جحده صفة القدرة كفر اتفاقا، وإنما قيل: أن معنى قوله: ( لئن قدر الله علي ) أي ضيق، وهي كقوله تعالى: (( ومن قدر عليه رزقه )) أي ضيق، وأما قوله: ( لعلي أضل الله ) - يعني في رواية أخرى غير التي ذكرناها- فمعناه: لعلي أفوته، يقال: ضل الشيء إذا فات وذهب، وهو كقوله تعالى: (( لا يضل ربي ولا ينسى)) ولعل هذا الرجل قال ذلك من شدة جزعه وخوفه كما غلظ ذلك الآخر فقال: ( اللهم أنت عبدي وأنا ربك ) ويكون قوله: ( لئن قدر ) بتشديد الدال، أي إن قدر علي أن يعذبني ليعذبني، أو على أنه كان مثبتا للصانع , وكان في زمن الفترة فلم تبلغه شرائط الإيمان. قال الحافظ ابن حجر: "وأظهر الأقوال أنه قال ذلك في حال دهشته وغلبة الخوف عليه حتى ذهب بعقله ما يقول، ولم يقل قاصدا لحقيقة معناه بل في حالة كان فيها كالغافل والذاهل والناسي الذي لا يؤاخذ بما يصدر منه " اهـ...". حفظ