تعليق الشيخ على قراءة الطالب للصفات الإلهية : " ... قلت: أما ابن الجوزي - مع مكانته العلمية المعروفة- فقد أبعد النعجة وابتعد عن سياق النص فتكلف في تأويل الحديث تأويلا يشبه تأويل أهل الكلام عفا الله عنه، ولماذا هذا التكلف كله؟ ومعنى الحديث واضح والسياق يدل على أن الرجل مع إيمانه بربه وخشيته، جهل أن الإنسان الذي يفعل به ما فعله أولاده لا يبعث مثل الذي يدفن في الأرض، كما غفل عن قدرة الله الشاملة لجميع الحالات، هذا ما جهله الرجل، وربه الرؤوف الرحيم رحمه وعذره فغفر له، وهذا هو الذي يليق برحمته سبحانه ولطفه بعباده، وقد سبقت رحمته غضبه وغلبته. وأستحسن أن أذكر هنا قاعدة عند أهل السنة في مسألة قبول عذر من جهل شيئا من الدين: وهي هكذا : " يعذر الإنسان إذا جهل ما مثله يجهله من المسائل الخفية كمسائل الصفات من حيث تحققها وتحقيقها ومعرفة وجه الصواب فيها " ولا سيما بعد أن طغى علم الكلام، وفرض سلطانه على جمهور المتأخرين فتغير كثير من المفاهيم في مسائل العقيدة، ودخلت بسببه على العقيدة الإسلامية اصطلاحات كثيرة، فشوشت على الناس في عقيدتهم، وما ذكرناه من كلام الإمام ابن تيمية مأخوذ من هذه القاعدة، أو هو عينها، وقد صرح رحمه الله : أن الفاضل المجتهد الذي يخطئ وهو يريد متابعة الرسول أولى بقبول عذره من الجاهل الذي لم يطلب العلم إذا جهل ما يجهل مثله، أو كما قال رحمه الله. وللشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله تحقيق دقيق في مسألة التكفير، ويرى أن المبادرة بالتكفير والتفسيق والهجر أمر في غاية الخطورة إلا بعد التحقيق ومعرفة تفاصيل ما في المسألة - قلت: بل ومعرفة الزمان والمكان- وينصح الشيخ رحمه الله بالتريث في المسألة، ثم نقل كلام شيخ الإسلام رحمه الله، حيث يقول شيخ الإسلام : "... إن من عيوب أهل البدع تكفير بعضهم بعضا ومن ممادح أهل العلم أنهم يخطئون ولا يكفرون ... " كما نقل قول الإمام الشافعي رحمه الله إذ يقول : " لأن أتكلم في علم يقال لي فيه أخطأت، أحب إلي من أن أتكلم في علم يقال لي فيه كفرت ". ثم قال الشيخ سليمان رحمه الله : " إذا فهمت ذلك وتحققته فاعلم أن الكفر الذي يخرج من الإسلام ويصير به الإنسان كافرا وهو جحوده بما علم أن الرسول عليه الصلاة والسلام جاء به من عند الله عنادا، من أسماء الرب وصفاته وأفعاله وأحكامه التي أصلها من توحيده وحده لا شريك له، وهو مضاد للإيمان من كل وجه، ثم استشهد على ما ذكر بقول الإمام ابن القيم رحمه الله إذ يقول في نونيته المعروفة: فالكفر ليس سوى العناد ورد ما *** جاء الرسول به لقول فلان . إلى أن قال رحمه الله: والله ما خوفي من الذنوب فإنها لعـ *** ـلى طريق العفو والغفران لكنما أخشى انسلاخ القلب عـــــــن *** تحكيم هذا الوحي والقرآن ورضا بآراء الرجال وخرصــــــــــــها *** لا كان ذاك بمنة الرحمن ... " . حفظ