تتمة تفسير قول الله تعالى : (( قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة )) حفظ
وقوله : (( قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ )) الاستفهام هنا يراد به النفي يعني لا أحد يعصمكم وإذا جاء النفي بصيغة الاستفهام فإنه أبلغ من النفي المجرد لأنه يكون نفياً مشرباً بالتحدي كأنه يقول أخبروني أيعصمكم أحد من الله إن أراد بكم سوءاً ، عرفتم هذه قاعدة في كل ما يكون فيه الاستفهام بمعنى النفي أن نقول عدل عن النفي المحض إلى الاستفهام ليكون مشربا ًمعنى التحدي نعم (( مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ )) أي يمنعكم منه (( إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا )) إيش الجواب ؟ لا أحد يقول : (( إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا )) هلاكاً أو هزيمة ، هلاكاً إذا لم يكن هناك قتال أو كان قتال فقتلتم أو هزيمة إذا غلبتم وبقيتم وكل ذلك سوء لكنه سوء بالنسبة للمكلف أما بالنسبة لفعل الله عز وجل فإنه خير لأنه لحكمة (( أو أراد )) قال المؤلف " أو يصيبكم بسوء إن أراد الله بكم رحمة " المؤلف رحمه الله قدر هذه الجملة لأنه رحمه الله ذكي جداً قال " أو يصيبكم بسوء " يصيبكم معطوفة على يعصمكم يعني أو من ذا الذي يصيبكم بسوء إن أراد الله بكم رحمة خيراً والجواب أيضا ًكالسابق لا أحد وإنما قدر المؤلف أو يصيبكم بسوء على خلاف ظاهر السياق نعم لأن الرحمة لا تعد مصيبة حتى تحتاج إلى العصمة فإنه إذا أراد الله بالإنسان رحمة ما يقال من ذا الذي يعصمه منها ليش ؟ لأن الرحمة مطلوبة لا يتطلب الإنسان فيها أحداً يعصمه منها فلهذا قدر قوله أو يصيبكم بسوء يعني لا يصيبكم أحد بسوء إن أراد الله بكم رحمة ولكن الصحيح أنه لا حاجة إلى هذا التقدير إذا جعلنا العصمة بمعنى المنع فالمعنى من الذي يمنعكم من الله إن أراد بكم سوءاً ومن الذي يمنعكم من رحمته إن أراد بكم رحمة فالفرار لا يمنعكم من السوء الذي أراده الله بكم والبقاء لا يجلب لكم الرحمة التي أراد الله بكم فالكل بيد الله عز وجل لا ينفعكم الفرار ولا البقاء وقوله : (( أو أراد بكم رحمة )) قال المؤلف خيراً وإذا كنا فسرنا الأول بالهلاك والهزيمة فالمراد بالخير هنا النصر والبقاء