تفسير قول الله تعالى : (( ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين )) حفظ
(( وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ )) (( يقولون )) يعني المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم الذي توعدوا بالعذاب والنكال فيقولون متحدين ومستبعدين ومنكرين : (( متى هذا الوعد )) (( متى )) اسم استفهام والمراد به الإنكار والتحدي ، (( الوعد )) أي بالعذاب الذي وعدتمونا به ويحتمل أن يكون (( متى هذا الوعد )) بالنصر لكم لأن المعروف أن الوعد في الخير وفي الشر وعيد ولكن قد يقال : إن الوعيد لهؤلاء الكفار هو بالنسبة للمؤمنين وعدوهم ، (( متى هذا الوعد )) بالعذاب (( إن كنتم صادقين )) فيه يعين إن كنتم صادقين بما تقولون من أن العذاب سيحل بنا وسنعاقب ، والصدق هو الإخبار بما يوافق الواقع ، والكذب الإخبار بما يخالف الواقع ، فإذا قلت : قدم زيد البلد ولم يكن قدم فإنه كذب لأنه خلاف الواقع وإذا قلت : قدم زيد البلد وقد قدم فهو صدق لموافقة الواقع فيقولون إن كنتم صادقين فمتى يكون هذا ، وهذا قوله تعالى في الساعة : (( وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ * يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ ))[الشورى17:18]فالكفار يستعجلون العذاب تكذيباً للرسل عليهم الصلاة والسلام طيب .
قال الله تعالى (( أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ * أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ))[الشعراء:207]يعني أي شيء يغني عنهم فمهما طال بهم الأمد فإن المسألة محدودة معدودة (( إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ )) طيب فهنا يتحدون ومع ذلك أحياناً يتحدون كذباً فإنهم قالوا حين أخبروا بالبعث قالوا متحدين للرسل عليهم الصلاة والسلام : (( ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ ))[الجاثية:25]وهل قيل لهم إن آبائهم يأتون الآن حتى يوجهوا إلى هذا ؟ لا يعني قيل إن آبائهم سيبعثون يوم القيامة لكنهم يموهون على العامة بمثل هذه الدعاوى .