تتمة تفسير قول الله تعالى : (( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ... )) . حفظ
الطالب : (( فأذاقهم الله الخزى فى الحياة الدنيا ولعذاب الاخرة أكبر لو كانوا يعملون ))
الشيخ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تبارك وتعالى (( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه )) الهمزة هنا للاستفهام والفاء حرف عطف والمعطوف عليه ما سبق على أحد الوجهين عند علماء النحو وقيل أن الفاء عاطفة على مقدر بعد الهمزة والتقدير أليس أغفلتم فلم تدركوا هذا الأمر فمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ليس كمن لم يكن كذلك ونحن لدينا قاعدة أنه إذا اختلف النحاة فى أمر فإننا نتبع الاسهل لأن المسألة اجتهادية وإذا كان كذلك فإننا نرى أن الهمزة للاستفهام والفاء عاطفة على ما سبق وأن محل الهمزة بعد فاء العطف بعد فاء العطف والتقدير فآمنوا شرح الله صدره وقوله جل وعلا (( شرح الله صدره ))شرح بمعنى وسع ومنه شرح الكتاب يعنى هم يوسع ويبسط وقوله (( شرح الله صدره للإسلام )) المراد بالصدر هنا القلب لأنه محله فعبر به عنه وقد يراد وقد يقال أن المراد بالصدر حقيقة الصدر بدليل أن الانسان إذا اهتم يجد صدره وكان عليه حصى الرحا من الضيق دون أن يشعر أن هذا يمس قلبه فيكون المراد بالشرح هنا شرح الصدر نفسه والمؤدى واحد ، وقوله بالإسلام أى بقبوله والتزامه والإسلام له معنيان ال المعنى الأول عام، والثانى خاص ،فالعام يشمل كل من استسلم لله سبحانه وتعالى بطاعته حين كان الشرع قائما كل يشمل من استسلم لله بطاعته حين كان الشرع قائما وعلى هذا فاليهود فى زمن عيسى فى زمن موسى ها ؟
الطالب : مسلمون
الشيخ : مسلمون وفى زمن عيسى كافرون والنصارى فى زمن عيسى مسلمون وفى زمن محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم كافرون يرحمك الله ولذلك نجد أن الله عزو وجل يصف بالاسلام قوما قوم نوح ومن بعده أما المعنى الخاص للإسلام فهو ما كان خاصا بشرع محمد صل الله عليه و آله وسلم فالناس بعد بعثة محمد صلى الله عليه وآله وسلم إما مسلمون وإما كافرون فالمسلمون من اتبع الرسول صل الله عليه وآله وسلم دون غيره وهذا يسمى الإسلام الخاص فقوله إن الدين عند الله الاسلام ماذا يعنى به ؟ يعنى به الإسلام الذى بعث به محمد صل الله عليه وآله وسلم ولا يمكن لأحد أن يدعى لأحد أنه مسلم بعد بعثة النبى صل الله عليه وآله وسلم إلا اذا كان متبعا له لأن الإسلام بعد بعثته صار خاصا بمن اتبع شريعته فهنا (( أفمن شرح الله صدره للإسلام )) هل نفسره بالمعنى العام أو بالمعنى الخاص إذا فسرناه بالمعنى العام شمل حتى من شرح الله صدره للإسلام فى عهد الأنبياء السابقين ومن شرح الله صدره للإسلام فى عهد الرسول صل الله عليه وآله وسلم فأيهما ترون ؟
الطالب: العام
الشيخ : العام العام لأن ممن سبق من شرح الله صدره للإسلام قال موسى عليه الصلاة والسلام (( رب اشرح لى صدرى ويسر لى أمرى )) لكن إذا كان الخطاب موجها إلى ما بعد بعثة الرسول صل الله عليه وآله وسلم فإنه يتعين أن يكون المراد به الخاص وقوله (( فهو على نور من ربه )) الفاء هذه عاطفة للتفريع يعنى فاذا فهو اذا شرح الله صدره على نور من ربه نور معنى ايش ؟ نور معنوى نور معنوى يسير الإنسان فيه على شرع الله وكأن بيده قنديلا يهتدى به إلى الطريق لأن الله شرح صدره للإسلام فلا يضيق به فهو على نور من ربه يبقى عندنا الهمزة فى (( أفمن شرح الله صدره للإسلام )) للاستفهام فأين مقابل ذلك ؟ مقابله ما يقابل فى المعنى الذى يقابل انشراح الصدر فى المعنى كمن ضاق صدره بالاسلام أفمن شرح الله صدره للإسلام كمن ضاق صدره به والجواب نعم أو لا ؟ يعنى هل يستوى من شرح الله صدره للإسلام ومن ضاق صدره به ؟ لاء ، إذا فالمقابل أو المعادل إن شئت المعادل محذوف دل عليه السياق والمعنى أفمن كان كذلك كمن لم يكن كذلك فمن شرح الله صدره ليس كمن لم يشرح الله له صدره ولاشك أن الفرق بينهما عظيم أبعد مما بين السماء والارض لأن من شرح الله صدره للإسلام وأسال الله ان يجعلنى وإياكم منهم يجد نفسه قابلا لشرائع الإسلام مسرورا بها يفرح اذا أدى طاعة من طاعات الله ويحزن إذا فعل معصية من معصية الله ،حتى إن الذين بلغوا الغاية فى هذا يغتمون لما حصل منهم من خلل وإن لم يكن عن قصد يعنى اذا فاتته العبادة يجد نفسه فى غم وحزن وهو لا يشعر وهو لا يشعر بذلك ، وأضرب لهذا مثلا بالنبى صلوات الله وسلامه عليه لما سلم من ركعتى من صلاة الظهر ماذا صنع انفتل من صلاته وكأنه مغموم قام على غير عادته إلى خشبة فى المسجد واتكأ عليها ووضع يديه هكذا كأنه مغضب كأنه مغضب لماذا لأن صلاته لم تتم فانقبضت نفسه من حيث لا يشعر، لكن هذا لكمال درجاته عليه الصلاة والسلام أن الله عز وجل يجعل فى نفس الإنسان انقباضا وإن كان لا يشعر لأنه لم يتم العبادة المطلوبة منه اتكأ عليها وشبك بين أصابعه كذا كجلسة المهموم اذا فمن شرح الله صدره للإسلام يجد نفسه مرتاحة مسرورا للقيام بشرائع الاسلام وبالعكس اذا اخل بشىء منها أو انتهك معصية من معاصى من معاصى الله طيب ، وقوله (( فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله))