تفسير قول الله تعالى : (( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله )) . حفظ
ثم قال تعالى: (( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله )) (( ولئن سألتهم )) الخطاب إما للرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو لكل من يتوجه إليه الخطاب، واللام في قوله: (( ولئن )) موطئة للقسم، وإن: شرطية، والجواب في قوله: (( ليقولن الله )) جواب الشرط أو جواب القسم ؟ جواب القسم، لأنه قرن باللام، والذي يجاب باللام هو القسم وليس الشرط، والقاعدة أنه إذا اجتمع شرط وقسم فالجواب للسابق منهما، الجواب للسابق منهما قال ابن مالك في الألفية:
واحذف لدى اجتماع شرط وقسم *جواب ما أخرت فهو ملتزم
واحذف لدى اجتماع شرط وقسم * جواب ما أخرت فهو ملتزم .
الشيخ : والمؤخر هنا القسم أو الشرط ؟
الطالب : الشرط.
الشيخ : الشرط فيحذف جوابه، ويكون جوابه معلوما من جواب القسم.
قوله: (( ولئن سألتهم )) سؤال استفهام، من خلق السموات والأرض ؟ يعنى: من أوجدهما على هذه الصنعة البديعة والأرض والسموات مأخوذة من السمو وهو العلو لعلوها وارتفاعها، وجمعها لأنها سبع سموات طباقا متطابقة كل واحدة فوق الأخرى، وعلى هذا فتكون الثانية أوسع من الأولى، والثالثة أوسع من الثانية، والرابعة أوسع من الثالثة، وهلم جرا، وإذا كان بينهما مسيرة خمس مئة عام عرفت سعة كل سماء بالنسبة لما تحتها، وأن سعتها عظيمة، ومع هذا فهذه السموات التي بهذه السعة العظيمة هي بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض، الحلقة حلقة المغفر الصغيرة، ألقيت في فلاة من الأرض، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة، والرب عز وجل لا يقدر قدره إلا الله عزو وجل، طيب إذا السموات سبع متطابقة، والأرض واحدة لأنه قال: (( والأرض )) ولم يقل والأراضين ؟ نقول المراد بها الجنس، المراد بالأرض هنا الجنس، فلا ينافي أن تكون سبعا، وقد أشار الله تعالى في القرآن إلى أنها سبع في قوله: (( الله الذى خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن )) وجاءت السنة صريحة في ذلك في مثل قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: ( من اقتطع شبرا من الأرض ظلما طوقه الله به يوم القيامة من سبع أراضين ).
(( لئن سألتم من خلق السموات والأرض ليقولن الله )) هذا جواب سؤال يقولن الله هو الذي خلق السموات والأرض، ولم يدع المشركون أن السموات والأرض كانت قديمة غير محدثة، ولم يدعوا أن أحدا خلقها سوى الله، بل أقروا بأن الخالق هو الله وحده كما أنهم إذا سئلوا من خلقهم ؟ ليقولن الله، فكلما سئلوا عن شيء يتعلق بالربوبيه نسبوه إلى من ؟ إلى الله عز وجل من غير شريك، فهم مقرون بتوحيد الربوبية غاية الإقرار، يعلمون أن الله هو الخالق.
وقوله: (( ليقولن الله )) سأورد عليكم إشكالا في ضم هذا الفعل مع إتصال نون التوكيد به، والمعروف أن المضارع يبنى في موضعين: إذا اتصلت به نون التوكيد يبنى على الفتح، أو نون النسوة يبنى على السكون، فلماذا هنا صار مضموما ؟
الشيخ : فؤاد
الطالب : ...
الشيخ : عوضت عنه الضمة ؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب كمل يا منصور.
الطالب : ...
الشيخ : إذا النون غير مباشرة للفعل، على هذا التقدير يكون بينها وبين الفعل واو الجماعة ونون الرفع، فهي غير مباشرة حقيقة، مباشرة لفظا، والفعل يبنى مع نون التوكيد المباشرة لفظا وتقديرا، أما هذه فهي في التقدير غير مباشرة ولهذا بقي الفعل معربا، فيقال أنه مرفوع بالنون المحذوفة لتوالي الأمثال، والواو المحذوفة لالتقاء الساكنين فاعل هكذا يعرب.
(( ليقولن الله )) الله بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي هو الله، ويجوز أن تكون فاعلا لفعل محذوف أي خلقهما الله، ويجوز أن تكون مبتدأ والخبر محذوف التقدير الله خالقهما، والأمر في هذا واسع، باب الإعراب له وجوه. نعم