تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة ، وإجماع الأمة على وجوب التوبة قال الله تعالى : (( وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون )) ، وقال تعالى : (( استغفروا ربكم ثم توبوا إليه )) ، وقال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا )) ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
سبق أن المؤلف -رحمه الله- قال : " إن النصوص من الكتاب والسنة تظاهرت وتضافرت على وجوب التوبة من جميع المعاصي " ، وصدق -رحمه الله- فإن الآيات كثيرة في الحث على التوبة وبيان فضلها وأجرها ، وكذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد بين الله تعالى في كتابه أنه يحب التوابين ويحب المتطهرين ، التوابين : الذين يكثرون التوبة إلى الله عز وجل ، كلما أذنبوا ذنبا تابوا إلى الله .
ثم ذكر المؤلف من الآيات قول الله تعالى : (( وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون )) : هذه هذه الجملة ختم الله بها آيات بل آيتي وجوب غض البصر : (( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ )) إلى قوله تعالى : (( أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) : ففي هذه الآية دليل على وجوب التوبة من عدم غض البصر وحفظ الفرج ، لأن غض البصر : يعني قصره وعدم إطلاقه ، وحفظ الفرج كل ذلك من أسباب الهلاك ، وأسباب الشقاء ، وأسباب البلاء وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء ، وقد كانت فتنة بني إسرائيل في النساء ) ، ولهذا كان أعداؤنا أعداء الإسلام ، بل أعداء الله ورسوله من اليهود والنصارى والمشركين والشيوعيين وأشباهمم وأذنابهم وأتباعهم كل هؤلاء يحرصون غاية الحرص على أن يفتنوا المسلمين بالنساء ، يدعون إلى التبرج ، يدعون إلى اختلاط المرأة بالرجل ، يدعون إلى التفسخ بالأخلاق ، يدعون إلى ذلك بألسنتهم وأقلامهم وأعمالهم والعياذ بالله ، لأنهم يعلمون أن الفتنة العظيمة التي ينسى بها الإنسان ربه ودينه إنما تكون في النساء ، النساء التي أو اللاتي يَفتن أصحاب العقول كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( ما رأيتُ من ناقصاتِ عقل ودين أذهبَ للبِّ الرجل الحازم من إحداكن ) ، هل تريد شيئا أبين من هذا ؟ ( أذهب للب الرجل ) : لعقله الحازم ، فما بالك بالرجل المهين الذي ليس عنده حزم ولا عزم ولا دين ولا رجولة يكون أشد وأشد والعياذ بالله ، لكن الرجل الحازم النساء يذهبن عقله ، نسأل الله العافية ، وهذا هو الواقع ، لذلك قال الله تعالى عقب الأمر بغض البصر من الرجال والنساء قال : (( توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )) ، وقوله عز وجل : (( توبوا إلى الله جميعا )) : يدل على أنه ينبغي لنا ، بل يجب علينا أن نتواصى بالتوبة وأن يتفقد بعضنا بعضًا هل الإنسان تاب من ذنبه أو بقي مصرا عليه ، لأنه وجه الخطاب للجميع : (( توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون )) ، وفي قوله تعالى : (( لعلكم تفلحون )) : دليل على أن التوبة من أسباب الفلاح ، والفلاح كما قال أهل العلم بالتفسير واللغة : الفلاح : " كلمة جامعة يحصل بها المطلوب ويزول بها المرهوب " ، فهي كلمة جامعة لخير الدنيا والآخرة ، وكل إنسان يطلب خير الدنيا والآخرة ، ما تجد إنسانا حتى الكافر يريد الخير ، لكن من الناس من يوفق ومنهم من لا يوفق .
الكافر يريد الخير لكن يريد خير الدنيا ، لأنه رجل بهيمي ، هو شر الدواب عند الله (( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا )) : شر من كل دابة تدب على الأرض الكافر ، ومع ذلك هو يريد الخير ، يريد الرفاهية يريد التنعم بهذه الدنيا ، لكنها الدنيا جنته والآخرة والعياذ بالله عذابه وناره ، المهم أن كل إنسان يريد الفلاح لكن على حسب الهمة ، المؤمن يريد الفلاح في الدنيا والآخرة ، والكافر لا يؤمن بالآخرة فهو يريد الفلاح في الدنيا .
من أسباب الفلاح التوبة إلى الله عز وجل : (( توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )) : أي لتنالوا الفلاح وذلك بحصول المطلوب وزوال المرهوب والله الموفق .