شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء ) متفق عليه... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما تركتُ بعدي فتنة هي أضرَّ على الرجال من النساء ) :
المعنى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُخبر بأنه ما ترك فتنة أضرَّ على الرجال من النساء، وذلك أن الناس كما قال الله تعالى: (( زُين للناس حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ )) كل هذه مما زين للناس في دنياهم، وصار سبباً لفتنتهم فيها، لكن أشدها النساء، ولهذا بدأ الله بها فقال : (( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ )) .
وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، يريد به الحذر من فتنة النساء، وأن يكون الناس منها على حذر، لأن الإنسان بشر إذا عُرضت عليه الفتن، فإنه يخشى عليه منها.
ويستفاد منه سد كل طريق يوجب الفتنة بالمرأة، كل طريق يوجب الفتنة بالمرأة فإن الواجب على المسلمين سده، ولذلك وجب على المرأة أن تحتجب عن الرجال الأجانب، فتغطي وجهها، وكذلك تغطي يديها ورجليها عند كثير من أهل العلم، ويجب عليها كذلك أن تبتعد عن الاختلاط بالرجال، لأن الاختلاط بالرجال فتنة وسبب للشر من الجانبين، من جانب الرجال ومن جانب النساء.
ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ) : وما ذلك إلا من أجل بعد المرأة عن الرجال، كلما بعدت فهو خير وأفضل.
وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يأمر النساء أن يخرجن إلى صلاة العيد، ولكنهن لا يختلطن مع الرجال، بل يكون لهن موضع خاص، حتى إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا خطب الرجال وانتهى من خطبتهم، نزل فذهب إلى النساء فوعظهن وذكرهن، وهذا يدل على أن النساء في مكان منعزل عن الرجال.
هذا والعصر عصر قوة في الدين، وبُعد عن الفواحش، فكيف بعصرنا هذا؟ فإن الواجب توقي فتنة النساء بكل ما يُستطاع، ولا ينبغي أن يغرنا ما يدعو إليه أهل الشر والفساد والمقلدين للكفار، من الدعوة إلى اختلاط المرأة بالرجال، فإن ذلك من وحي الشيطان والعياذ بالله، هو الذي يزين ذلك في قلوبهم، وإلا فلا شك أن الأمم التي كانت تقدم النساء وتجعلهن مع الرجال مختلطات، لا شك أنها اليوم في ويلات عظيمة من هذا الأمر، يتمنون الخلاص منه فلا يستطيعون.
ولكن مع الأسف أن بعض الناس منا ومن أبنائنا وأبناء جلدتنا يدعون إلى التحلل من مكارم الأخلاق، وإلى جلب الفتن إلى بلادنا، في توسع النساء، وفي محاولة توظيفهن مع الرجال جنباً إلى جنب، فنسأل الله تعالى أن يعصمنا وإياكم من الشر والفتن إنه جواد كريم.