شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ). متفق عليه. زاد في رواية لمسلم : ( وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ). حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد : " عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ) متفق عليه.
زاد في رواية لمسلم: ( وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أربعٌ من كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ) متفق عليه.
عن جابر رضي الله عنه قال: ( قال لي النّبيّ صلّى الله عليه وسلم: لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا، فلم يجئ حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر رضي الله عنه فنادى: مَن كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عِدة أو دين فليأتنا، فأتيته وقلت له: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي كذا وكذا، فحثى لي حثيةً، فعَددْتها، فإذا هي خمسمائة، فقال لي: خذ مثليها ) متفق عليه "
.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
نقل المؤلف النووي رحمه الله في *رياض الصّالحين في باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( آية المنافق ثلاث ) آيته: يعني علامته ثلاث، ( إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ): يعني هذه من علامات المنافقين، إذا رأيت الرّجل يكذب إذا حدّث، ويُخلف إذا وعد، ويخون إذا اؤتمن، فهذه من علامات المنافقين، لأن أصل المنافق مبني على التورية والسّتر، يستر الخبث، ويُظهر الطيب، يستر الكفر ويظهر الإيمان، والكاذب كذلك، يخبر بخلاف الواقع، والواعد الذي يَعِد ويخلف كذلك، وكذلك الذي يخون إذا اؤتمن، فهذه علامات النّفاق والعياذ بالله.
وفي هذا التّحذير من الكذب وأنه من علامات المنافقين، فلا يجوز للإنسان أن يكذب، لكن إذا اضطرّ إلى التورية وهي: التأويل فلا بأس، مثل أن يسأله أحد عن أمرٍ لا يحب أن يطّلع عليه غيره فيحدّث بشيء خلاف الواقع، لكن يتأول، فهذا لا بأس به، وأما إخلاف الوعد فحرام، يجب الوفاء بالوعد، سواء وعدته مالا، أو وعدته إعانة تعينه في شيء، أو أيّ أمر من الأمور، إذا وعدت يجب عليك أن توفي بالوعد، وفي هذا ينبغي للإنسان أن يحدّد في المواعيد ويضبطها، مثلاً إذا قال: وعدك المكان الفلاني، فليحدّد في السّاعة الفلانيّة من أجل إذا تأخّر الموعود وانصرف الواعد يكون له عذر، حتى لا يسجنه كثيرًا، وقد اشتهر عند بعض السّفهاء أنهم يقولون: أنا أُواعدك ولا أُخلفك وعد إنجليزي!! يظنون أن الذين يوفون بالوعد هم الإنجليز، ولكن الوعد الذي يوفى به هو وعد المؤمن، ولهذا ينبغي أن تقول إذا وعدت أحدًا وأردت أن تؤكّد: تقول إنه وعد مؤمن حتى لا يخلفه، لأنه لا يخلف الوعد إلاّ المنافق.
( وإذا اؤتمن خان ): يعني إذا ائتمنه الناس على أموالهم أو على أسرارهم أو على أولادهم أو على أيّ شيء من الأشياء فإنه يخون والعياذ بالله، فهذه أيضا من علامة النّفاق.