شرح حديث عن المقداد رضي الله عنه في حديثه الطويل قال: كنا نرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه من اللبن، فيجيء من الليل، فيسلم تسليما لا يوقظ نائما، ويسمع اليقظان، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فسلم كما كان يسلم. رواه مسلم. وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يوما، وعصبة من النساء قعود، فألوى بيده بالتسليم. رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وهذا محمول على أنه صلى الله عليه وسلم، جمع بين اللفظ والإشارة، ويؤيده أن في رواية أبي داود: فسلم علينا. وعن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام. رواه أبو داود بإسناد جيد. ورواه الترمذي بنحوه. وقال : حديث حسن. وعن أبي جري الهجيمي رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: عليك السلام يا رسول الله. فقال: ( لا تقل عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الموتى ). رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب كيفية السلام: " عن المقداد رضي الله عنه في حديثه الطويل قال: كنا نرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه من اللبن فيجيء من الليل فيسلم تسليمًا لا يوقظ نائمًا ويسمع اليقظان، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فسلم كما كان يسلم، رواه مسلم، وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يومًا وعصبة من النساء قعود فألوى بيده بالتسليم، رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وهذا محمول على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين اللفظ والإشارة، ويؤيده أن في رواية أبي داود فسلم علينا، وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام ) رواه أبو داود بإسناد جيد، ورواه الترمذي بنحوه وقال: حديث حسن، وعن أبي جري الهجيمي رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام يا رسول الله، فقال: ( لا تقل عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الموتى ) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
هذه الأحاديث التي ذكرها النووي في كتابه رياض الصالحين من آداب السلام، منها حديث المقداد بن الأسود رضي الله عنه أنه كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يدخل البيت في الليل فيسلم سلامًا خفيفًا يسمعه اليقظان ولا يوقظ النائم، وهكذا ينبغي للإنسان إذا دخل بيتًا أو حجرة أو ما أشبه ذلك وفيها نيام وأيقاظ أن يسلم سلامًا يسمعه الأيقاظ ولا يوقظ النيام، لأن النائم لا يحب أن يوقظه أحد لاسيما أن بعض الناس إذا أوقظ ما صار يأتيه النوم بعد ذلك ويبقى أرِقا إلى الفجر، وهذا فيه أذى وفيه ضرر على الآخرين، فإذا دخلت مكانًا فيه أيقاظ ونيام فأعط الأيقاظ حقهم بالسلام عليهم، وامنع الأذى عن النيام بحيث يكون السلام خفيًّا يسمعه من كان يقظان ولا يسمعه النائم، ثم ذكر المؤلف حديث أسماء في مرور النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعلى نساء في المسجد فألوى بيده إليهن بالتسليم، وقال رحمه الله: إن هذا محمول على أنه جمع بين التسليم باليد بالإشارة وكذلك باللسان، لأن التسليم باليد فقط منهي عنه نهى عن النبي عليه الصلاة والسلام، وأما الجمع بينهما فلا بأس خصوصًا إذا كان الإنسان بعيدًا يحتاج إلى أن ينظر اليد التي يشير بها المسلِّم أو كان أصم لا يسمع أو ما أشبه ذلك، فإنه يجمع بين السلام وبين الإشارة وأما ما يفعله بعض الناس إذا مرّ بك في السيارة فإنه يضرب البوري فإن هذا لا يكفي في السلام وليس من السنة، اللهم إلا أن بعض الناس يقول أنا لا أريد به السلام لكن أريد أن ينتبه ثم أسلم عليه فهذا أرجو ألا يكون به بأس، وأما أن يجعله بدلًا عن السلام فإن هذا لا شك خلاف السنة، السنة أن يسلم الإنسان بلسانه وإذا كان الصوت لا يسمع فإنه يسلم بيده يشير بيده حتى ينتبه البعيد أو الأصم، كذلك أيضًا في صيغة السلام تقدّم أن صيغة السلام أن تقول: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وإذا كانوا جماعة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأما عليك السلام فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها وقال: ( إن هذه تحية الموتى ) يعني أنهم كانوا في الجاهلية يسلمون على أمواتهم بمثل هذا، مثل قول الشاعر:
" عليك سلام الله *** قيس ابن عامر "
فهم إذا خاطبوا الأموات ولو كانوا غائبين لكن يستحضرونهم كأنهم بين أيديهم يسلمون عليهم بهذا " عليك سلام الله " فلهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، لأنه تحية الموتى ومشابهة لأهل الجاهلية في جاهليتهم، فبدلًا من أن تقول عليك السلام قل السلام عليك هذا هو السنة، والله أعلم.