باب تلقين المحتضر لا إله إلا الله. عن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ). رواه أبو داود والحاكم وقال: صحيح الإسناد. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ). رواه مسلم. حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " باب تلقين المحتضر لا إله إلا الله، عن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ) رواه أبو داود والحاكم وقال: صحيح الإسناد، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ) رواه مسلم ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف النووي رحمه الله في كتاب رياض الصالحين: " باب تلقين المحتضر قول لا إله إلا الله " المحتضر هو الذي حضرت الملائكة لقبض روحه، والله سبحانه وتعالى قد وكّل بالإنسان ملائكة يحفظونه في حال حياته وبعد مماته، قال الله تعالى: (( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله )) وقال الله تبارك وتعالى: (( حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون )) والإنسان إذا حضر أجله نزل إليه الملائكة يقبضون روحه من يد ملك الموت يتولى قبضها من البدن، والملائكة معهم كفن من الجنة وحنوط من الجنة إذا كان من المؤمنين جعلني الله وإياكم منهم، وأما إذا كان من الكافرين فملائكة العذاب معهم كفن من النار وحنوط من النار نعوذ بالله من ذلك، فإذا احتضر الإنسان وعلمنا أنه في النزع وأنه ميت فإننا نلقنه لا إله إلا الله كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في حديث أبي سعيد الخدري الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ) قال العلماء فيلقنه برفق لا يأمره لا يقول قل لا إله إلا الله، لأنه ربما إذا قال قل لا إله إلا الله وهو في تلك الحال قد ضاق صدره وضاقت عليه الدنيا ربما إذا قيل له قل لا إله إلا الله يقول لا لأنك ما تتصور ضيق الصدر في تلك الساعة إلا إذا كنت في هذه الحال نسأل الله أن يشرح صدورنا وإياكم عند لقائه، فتذكر الله عنده تقول لا إله إلا الله ترفع صوتك بهذا حتى يسمع فربما يمن الله عليه ويستحضر أنك تلقنه فيقول لا إله إلا الله، فإذا قال لا إله إلا الله وكانت آخر كلامه من الدنيا دخل الجنة، كما في حديث معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة ) قال أهل العلم: فإذا قال لا إله إلا الله فليسكت لا يلقنه ولا يقول شيئا فإن عاد هو نفسه وتحدث بشيء مثل قال أسقوني أعطوني ماء أو تكلم بشيء آخر فليعد التلقين فليقل لا إله إلا الله حتى يسمع لعله يكون آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله، ولكن إذا كان الإنسان والعياذ بالله كافرًا مرتدًا فهذا ربما نقول قل لا إله إلا الله نأمره، لأنه كافر إن منّ الله عليه وقال لا إله إلا الله فهذا المطلوب وإن لم يكن فهو كافر، لذلك لما حضرت أبا طالب الوفاة وأبو طالب عم النبي عليه الصلاة والسلام، وأعمام الرسول صلى الله عليه وسلم الذين أدركوا الرسالة أربعة، اثنان أسلما واثنان ماتا على الكفر، والذين أسلما أحدهما أفضل من الآخر حمزة والعباس، حمزة أفضل من العباس، واللذان ماتا على الكفر أحدهما أقبح كفرًا من الآخر أبو طالب والد علي بن أبي طالب وأبو لهب، أبو لهب والعياذ بالله من أشد الناس إيذاء للرسول عليه الصلاة والسلام، ولهذا أنزل الله في ذمه سورة كاملة يقرؤها الناس في الصلوات الفرائض والنوافل (( تبت يدا أبي لهب وتب * ما أغنى عنه ماله وما كسب * سيصلى نارًا ذات لهب * وامرأته حمالة الحطب * في جيدها حبل من مسد )) شف عم الرسول تنزل فيه سورة كاملة في قدحه وذمه وبيان عقابه، لأنه من أشد الناس عداوة وإيذاء لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أما أبو طالب فكان كافرًا لكن به حدب على الرسول عليه الصلاة والسلام وحنان وشفقة ومدافعة وثناء على الرسول عليه الصلاة والسلام، إلا أنه والعياذ بالله حيل بينه وبين الإسلام، فحضرته الوفاة وكان النبي صلى الله عليه وسلم عنده وعنده رجلان من قريش، فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: ( يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله ) ولكن كان هذان الرجلان جليسي سوء قالا له: " أترغب عن ملة عبد المطلب " وكأنهم والله أعلم رأياه همّ أن يقول لا إله إلا الله فقالا له: " أترغب عن ملة عبد المطلب " فلما قال هذه الكلمة أخذته العزة بالإثم فقال: هو على ملة عبد المطلب، وكان آخر كلمة منه كلمة الشرك والعياذ بالله فمات، يقول الرسول عليه الصلاة والسلام إنه شفع له عند الله شفع له فخفف عنه العذاب فكان في ضحضاح من نار قد غاص في هذا الضحضاح وعليه نعلان يغلي منهما دماغه، نعلان من نار يغلي منهما دماغه والعياذ بالله، ودماغه أبعد شيء عن قدميه فإذا كان يغلي كالقدر فيه الماء تحته النار فما بالك بما هو أدنى من رأسه إلى قدميه يكون أشد، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار ) والشاهد من هذا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال له: ( يا عم قل لا إله إلا الله ) ولم يذكر الله عنده فقط، بل قال: ( يا عم قل لا إله إلا الله ) فهذا من أفضل ما يكون ومن أجلّ ما يكون هدية للمرء إذا لقّن الإنسان أخاه عند الموت قول لا إله إلا الله هذه تسوى الدنيا كلها، فإذا حضرت إلى أحد قد حضر أجله فاحرص على أن تلقنه لا إله إلا الله امتثالًا لأمر الرسول عليه الصلاة والسلام وإحسانًا لهذا الشخص، وربما يلقنك الله سبحانه وتعالى لا إله إلا الله عند موتك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ) ختم الله لنا ولكم بالشهادة.