شرح حديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله ). متفق عليه. حفظ
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب الأمر بالمحافظة على الصلوات المكتوبات والنهي الأكيد والوعيد الشديد في تركهن : " عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * في باب المحافظة على الصلوات الخمس فيما نقله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة ) : أُمرت الآمر له هو الله عز وجل ، أن يقاتل يقاتال الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة : فالذي أمرهم بقتالهم هو الذي خلقهم ، وله أن يتصرف في ملكه بما يشاء ، له أن يأمر بقتل هؤلاء وأن يأمر بقتالهم إلى أن يسلموا ، فإذا أسلموا كف عنهم ، وهذا الحديث مخصوص بقوله تعالى : (( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون )) .
وكذلك بحديث بريدة بن الحُصيب : ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله عز وجل ) : وذكر الحديث وفيه : ( أنهم إذا بذلوا الجزية فاقبل منهم وكف عنهم ) ، وعلى هذا فيقاتل الكفار إلى غايتين : إما أن يُسلموا وإما أن يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون ، فإن لم يفعلوا لا هذا ولا هذا وجب على المسلمين قتالهم ، وقتال المسلمين لهم بأمر الله الذي هو ربهم ورب الكافرين ، ليس تعصبًا من المسلمين لدينهم ، وحُق لهم أن يتعصبوا له لأنه دين الله عز وجل ودين غير المسلمين دين باطل منسوخ لا يقبله الله عز وجل من أي أحد ، كما قال تعالى : (( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه )) .
وقوله : (( أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة ) سبق الكلام عليه .
( فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم ) : وفي هذا دليل على أن الكفار إذا قوتلوا فأموالهم حلال لنا ، كما أننا نستبيح دماءهم فنستبيح أموالهم من باب أولى ، وكذلك أيضا نستبيح نساءهم وذرياتهم يكونون سبيا لنا ويكونون أرقاء للمسلمين ، لأننا نأخذهم بكلمات الله عز وجل ، وبأمره ودينه وشرعه .
( فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله ) .
وقد قاتل أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، قاتل مانعي الزكاة حتى راجعه الصحابة، وراجعه عمر في ذلك، ولكنَّ أبا بكر أصر على أن يقاتل مانعي الزكاة وقال : ( والله لو منعوني عناقًا ) أي : ماعزا صغيرة وفي رواية : ( عقالا ) عقالا ما تربط به البعير ( كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لقاتلتهم على ذلك ، يقول : فلما رأيت أن الله شرح صدر أبي بكر للقتال علمت أنه حق ) .
ففي هذا دليل على أهمية الصلاة وأن الناس يقاتلون على تركها إلى أن يصلوا ، والله الموفق .