باب التحذير من ارتكاب ما نهى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم عنه : قال الله تعالى: (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )). وقال تعالى: (( ويحذركم الله نفسه )). وقال تعالى: (( إن بطش ربك لشديد )). وقال تعالى: (( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد )). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله تعالى يغار، وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه ). متفق عليه. حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب التحذير من ارتكاب ما نهى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم عنه :
قال الله تعالى : (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )) .
وقال تعالى : (( ويحذركم الله نفسه )) .
وقال تعالى : (( إن بطش ربك لشديد )) .
وقال تعالى : (( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد )) .
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تعالى يغار، وغَيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه ) متفق عليه "
.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
ذكر النووي -رحمه الله تعالى- في كتابه *رياض الصالحين* : " باب التحذير من الوقوع فيما نهى الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم عنه " :
يعني أن الإنسان يجب أن يكون حذراً من الوقوع في المحرمات ولا يتهاون ولا يغلبه الأمن من مكر الله عز وجل ، فإن بعض الناس يغره الشيطان ، يقول : افعل المعصية واستغفر الله ، افعل المعصية ورحمة الله تعالى سبقت غضبه ، افعل المعصية فقد قال الله تعالى : (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) ، إلى غير ذلك من الآمال الكاذبة التي يغر بها الشيطان بني آدم ، (( وما يعدهم الشيطان إلا غرورا )) ، الواجب الحذر مما نهى الله ورسوله عنه .
ثم استدل المؤلف رحمة الله بآيات من كتاب الله منها :
قول الله تعالى : (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )) ، (( فليحذر الذي يخالفون عن أمره )) : أي عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنى : يخالفون عنه يخرجون عنه ، ولا يبالون به ويرتكبونه ليحذروا : (( أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )) : فتنة : يعني فتنة في قلوبهم والعياذ بالله ، يُلقي في قلوبهم الفتنة من الشك فيما يجب اليقين فيه ، أو الشهوة فيما يحرم تناوله ، ولهذا قال الإمام أحمد -رحمه الله- : " أتدري ما الفتنة ؟! يعني في قوله تعالى : (( أن تصيبهم فتنة )) ، الفتنة الشرك ، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك " ، والعياذ بالله ، فاحذر الفتنة ، احذر المخالفة عن أمر الله ورسوله أن يصيبك فتنة : (( أو يصيبهم عذاب أليم )) : أي عذاب مؤلم إما في الدنيا وإما في الآخرة .
وقال الله تعالى : (( ويحذركم الله نفسه )) : يحذركم الله نفسه يعني احذروا الله عز وجل فإنه شديد العقاب ، كما قال تعالى : (( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم )) ، وقال تعالى : (( اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم )) : فبدأ بالعقاب وثنى بالمغفرة ، لئلا يغلب الأمن من مكر الله .
والإنسان إذا أمن من مكر الله أصابه البلاء والعذاب ، ولهذا قال الله تبارك وتعالى : (( أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون * أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون * أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون )) : الآمن من مكر الله يظن أنه رابح ، وأنه يعمل ما يشاء من المعاصي ولا يعاقب ، لكنه في الحقيقة خاسر ، لأن مآله العذاب والنكال نسأل الله العافية .
وقال تبارك وتعالى : (( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد )) : فسرها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله : ( إن الله ليملي للظالم ) : يعني يمهله ويدعه يظلم نفسه ويعصي الله ، ( حتى إذا أخذه لم يفلته وتلا قوله تعالى : (( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد )) ) .
فالحذر الحذر من التهاون بمعصية الله عز وجل ، حتى إن من أهل العلم من قال : " إن الرجل إذا فعل المعصية متهاونا بها ولو كانت صغيرة صارت كبيرة والعياذ بالله لما قام في قلبه من التهاون بها " ، نسأل الله أن يحمنا وإياكم من أسباب غضبه وعقابه .