هل يجب على الإمام تطبيق السنة في ترك السكتة الطويلة بعد الفاتحة ؟ أم يسكت إن كان الناس قد تعودوا على ذلك ؟ حفظ
السائل : في أحيانا المأمومين بيقوموا على الإمام إذا استرسل بعد الفاتحة بالقراءة وهم يصرون على قراءة الفاتحة، فما رأيكم شيخنا إذا كان كل المأمومين يعلم الإمام أنهم يقرؤون الفاتحة بعده، يترك لهم مجال أو يعمل بالسنة ؟
الشيخ : لا شك أنه ينبغي أن يطبق السنة ولا تأخذه في الله لومة لائم، وإلا كيف يمكن نشر السنة مع متابعة الناس في عاداتهم وتقاليدهم ومذاهبهم ؟ لكن الحق والحق يقال أن الذي يريد أن ينشر السنة ينبغي أن يوطئ لها وأن يمهد لها وألا يفجأ الناس بها، أي هذا الذي يريد أن يبطل هذه العادة التي توجد في أكثر أئمة المساجد في هذه البلد وهو أن يسكت بعد فراغه من قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية ليس بالأمر السهل فلابد أن يتخول الناس وأن يتابعهم بتذكيرهم بالسنة الصحيحة في هذه القضية وأن هذه السكتة الطويلة التي يسكتها بعض الأئمة ليس لها أصل في السنة الصحيحة لازم يتابعهم بالتذكير بهذه القضية حينئذ يمكن أن يجد تطبيقه لهذه السنة قبولا في صدور الناس، أما أن يفجأهم عمليا بأن لا يسكت وهو لم يقدم بين يدي السكوت، بين يدي إعراضه عن هذا السكوت تذكيرا ولو مرة واحدة هذا صعب جدا وقد تعمل بعض القلاقل والتلاتل في بعض المفاهم ولذلك يجب الأمر بين الدعوة إلى السنة وتطبيقها ولا يغني أحدهما عن الآخر، لا يغني إلى أن تدعوا إلى أن السنة ترك السكوت بعد الفراغ من الفاتحة وأنت تسكت لأن هذا يصدق فيه قوله تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ )) إلى آخر الآية، كما أنه لا ينبغي أن يسكت تطبيقا للسنة وهو لا يدعوا إليها بالموعظة وبالحكمة وبالموعظة الحسنة، إذا عليه أن يجمع بين أمرين سنة يحسن أن يلفت نظر هؤلاء الأئمة إلى أنهم يسيئون تطبيق هذه السكتة التي يزعمون أنها من السنة وأنها واجبة لتمكين المصلين من الإتيان بركن الفاتحة، يجب أن يلفت نظرهم إلى أشياء هم يقعون في مخالفتها، أهمها : أن قليلا جدا جدا كما جربنا من هؤلاء الأئمة من يسكت السكتة التي تمكن المقتدي من أن يقرأ الفاتحة بكاملها، فبعضهم يسكت بحيث أنه يصل إلى نصف الفاتحة المقتدي بقراءتها إلا وهو راكع إذا شو الفائدة من السكتة ؟ نصف الفاتحة ليست فاتحة فهو ما سكت بحيث يمكن المقتدي من قراءة الفاتحة، ثم يلفت نظرهم إلى أن هذه السكتة ما أحد يقول لأنها فريضة حتى الشافعية المتعصبة، لأن هؤلاء من مذهبهم أنه إذا شرع الإمام في قراءة ما بعد الفاتحة جهرا فعلي المقتدي أن يقرأ الفاتحة سرا، إذا لا يجب على الإمام أن يسكت هذه السكتة ، ونحن لا نستطيع أن نفرض على كل مصلي ما نعتقده من الحق والصواب، أي نحن لا نستطيع أن نقول لكل مصلي لا تقرأ الفاتحة والإمام يقرأ القرءان جهرا، لأنه هذا القول يجد مقاومة شديدة من المقلدين هذه تحتاج إلى محاضرات ومناظرات ومباحثات ولذلك فنحن نتصور يقينا أن هناك مقتدين لابد لهم من أن يقرؤوا الفاتحة، فنحن لا نقول لهم لا تقرؤوا الفاتحة إلا بعد البيان وإقامة الحجة ونحو ذلك ، فكما أننا نحن معشر أئمة المساجد الذين هداهم الله عز وجل لاتباع السنة الصحيحة ليس من السنة أن يفرضوا على المقتدين آرائهم وإنما يذكروهم فمن تذكر فبها، فمن باب أولى أنه ليس لهؤلاء مقتدين أن يفرضوا آرائهم على الأئمة وأن يجعلوا الإمام مؤتما والمؤتم إماما فهذا قلب من حقيقة الإمامية والاقتداء بهؤلاء الأئمة فلو يقال لمثل هؤلاء مثل هذا الكلام أيضا فإنه يساعد على تسكيت وطفي حرارتهم وتحمسهم حينما يلحون على الإمام بأن يسكت، فبتقول له أنت يا أخي إذا أنت مثلا مطمئن إلو وأن قراءتك للفاتحة واجبة أنت أقرئ وأنا عم أقرئ وليس علي أنا واجب ولا حتى عند الشافعية أنه أسكت فدعني أنا وما أراه من صواب كما أنا أدعك تقرأ الفاتحة كما يكون مذهبك، وهكذا يكون البيان يعني الذي يذهب الإشكال .
السائل : جزاك الله خير .
الشيخ : آمين وإياك .
السائل : بارك الله فيك .
الشيخ : نعم، غيره .