الكلام على أهل الفترة. حفظ
الشيخ : انظروا الآن الأمر المتفق عليه بين المسلمين كافة ولا نحتاج أن نأتي بأدلة كثيرة لكني سآتي بحديث واحد فقط بعد التذكير بما عليه علماء المسلمين كافة من عدم مؤاخذة من كان من أهل الفترة، من هم أهل الفترة؟ هم قوم أو رجل لم تبلغه دعوة الإسلام فمات وهو لا يعرف الإسلام فهل يؤاخذ - يرحمك الله - فهل يؤاخذ هذا الإنسان على كفره يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم؟ الجواب أهل الفترة لا يؤاخذون إذاً هؤلاء خالفوا في ماذا في الفروع خالفوا في الأصول، خالفوا الإسلام جذريا فهو لم يؤمن بالإسلام فلماذا لا يؤاخذ؟ لأنه لم تبلغه دعوة الإسلام ربنا عز وجل يقول في القرآن الكريم (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) وهنا لا بد لي من وقفة يسيرة أرجو أن لا تطول لأن كثيرا من الناس يغفلون وربما بعضهم يتغافلون عن المقصود الحق من هذه الآية (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) يجب تفسيرها بوجهين اثنين ما كنا معذبين قوما أو ناسا حتى نبعث رسولا إليهم مباشرة أو حتى تصل إليهم دعوة الرسول مباشرة أي ليس من الضروري أن يصل إلى الذين يعذبون وتقام عليهم الحجة شخص نبي بذاته ويبلغهم رسالة ربه من فمه إلى آذانهم هذا ليس شرطا هذا يقع لكن إذا كان هناك ناس لم يأتهم رسول مباشرة لكن جاءتهم دعوة الرسول بواسطة الأصحاب والأتباع وهكذا هؤلاء هل يعذبهم رب العالمين ولم يأتهم رسول مباشرة؟ الجواب نعم لأنه ليس المقصود من وصول شخص الرسول إليهم هو شخصه وإنما هي دعوته فإذا وصلت دعوة رسول ما إلى قوم ما فقد أقيمت الحجة عليهم ولهذا أردت أن أقول أنه ينبغي أن لا يشكل على بعض الناس بعض الأحاديث التي ترد في الصحيحين في البخاري ومسلم فيها التصريح بمؤاخذة بعض المشركين والكفار الذين كانوا موجودين قبل بعثة الرسول عليه السلام وماتوا قبل هذه البعثة هناك أحاديث كثيرة وكثيرة جدا تؤكد أن هناك ناس أفراد من المشركين ماتوا ولم يدركوا زمن بعثة الرسول عليه السلام ومع ذلك فهم معذّبون في النّار أحاديث كثيرة لنذكر مثلا ما يحضرنا من ذلك جاء في الصحيح أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم لما خسفت الشمس قام يصلي صلاة الكسوف صلاة طويلة جدا فرؤي عليه الصلاة والسلام وهو يصلّي يتقدّم عن مكان مصلاّه كأنّه يريد أن يقبض شيئا ثم بعد قليل رُئي عليه الصلاة والسلام وهو يتأخر خلفه حتى تضعضعت الصفوف من خلفه تداخلت بعضها في بعض ثم أتم عليه السلام صلاته حينما سلم سئل عليه الصلاة والسلام عن مده يده وعن تقهقره خلفه فأجاب بأنه عليه السلام قال ( لقد مثلت الجنة والنار لي في حائطكم هذا ) مثلت له الجنة والنار فرأى الجنة ورأى فيها من عنبها فأراد أن يقتطف عنقودا منها لكنه لم يفعل لأن طعام الجنة محرم عليهم حتى يدخلوها ثم تمثلت له النار في هذا الجدار الذي كان الرسول يصلي إليه حتى شعر بلهيبها ولفح نارها فتقهقر حتى تداخلت الصفوف.
السائل : السلام عليكم.
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ثم قال عليه الصلاة والسلام ( فرأيت في النار صاحب المحجن ورأيت في النار المرأة العجوز التي ربطت الهرة ) أما صاحب المحجن، المحجن هي العصاة التي لها عكفة هذه يستعملها بعض مشايخ الصوفية وكان يستعملها الأعراب في أسفارهم حينما يضعونها على أكتافهم ويعلقون عليها زادهم ويمشون هذا صاحب المحجن يحدثنا الرسول عليه السلام أنه رآه يعذب في النار لماذا؟ لأنه كان يتعمّد الخروج مع محجنه واضعا له على كتفه في موسم الحج فيمر بالناس وهم راكبون على جمالهم وعليها زادهم فيحاول أن يعلّق المحجن بشيء من الثياب المعلّقة بالرّحال الموضوعة على الجمال فإن تعلق شيء من الثّياب ولم يحسّ الراكب أخذه وسار وإن أحسّ قال محجني أنا ما تعمدت ذلك محجني فرآه عليه الصلاة والسلام يعذب في النار كذلك رأى تلك المرأة كيف رآها تعذب تركض تهرب والهر يهجم عليها ويعضها وهكذا هي تدور في النار وكلما هربت عضتها الهر لماذا؟ قال عليه الصلاة والسلام ( لأنها ربطتها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ) كذلك جاء في الحديث الصّحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى عمرو بن لحي وأقتابه أمعاءه مسارينه مندلقة في جهنم يعذب فيها لماذا؟ لأنه كان أول من جاء بالأصنام إلى الجزيرة العربية رآه يعذب كذلك مثلا هذه أحاديث كلها صحيحة لا غبار عليها كذلك جاء في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان راكبا يوما على بغلته فمر بقبرين ... به فسأل ( ما هذان؟ ) قالوا " ماتا في الجاهلية " فقال عليه الصلاة والسلام ( لولا أن تدافنوا لأسمعتكم عذاب القبر ) هذا يعني أن البغلة حينما مرت بالقبرين سمعت العذاب بالقبرين فشمست به عليه السلام فقال عليه السلام ( لولا أن تدافنوا ) أي لولا أني أخشى أنني إذا أسمعتكم عذاب القبر لا يبقى منكم أحد حيا بحيث لا يبقى من يدفن الميت تموتون جميعا فلذلك لا أسمعكم عذاب القبر وهذا كناية عن هول العذاب الذي يلقاه الكفار في قبورهم ومن هؤلاء الكفار هذان صاحبا القبرين الذين ماتا في الجاهلية، وإذا عرفتم هذه الحقيقة فلا بد أن نختم هذه الأحاديث بالحديث المشهور الذي يرده وينكره كثير من أهل البدعة وأهل الرأي الذين أولا لا يمشون مع السنة والكتاب، وثانيا يتّبعون أهواءهم وعواطفهم أعني بذلك ما رواه الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله أين أبي؟ قال ( في النار ) فرجع السائل حزينا فقال عليه السلام ( هاتوا الرجل، فقال له إن أبي وأباك في النار ) كأنه يقول له لا يعظم عليك أمر أبيك أن يكون في النار لأنه مات مشركا فأبي وأنا سيد البشر وصاحب الشفاعة الكبرى يوم القيامة أبي مع أبيك في النار إذًا إذا كان والد الرسول عليه السلام مات والرسول بعد في بطن أمه لم يبعث فأولى وأولى أن يعذّب من ليس بهذه النسبة مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلم بسبب كفره في الجاهلية يضاف إلى هذا الحديث ما يتعلق بأمه عليه السلام وهو في " صحيح مسلم " حيث جاء فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم زار قبر أمه في طريقه إلى مكة في بعض عمره حاد عن الطريق فوقف عند القبر يبكي فسأله بعض أصحابه وفي بعض الروايات أنه عمر قال يا رسول الله مالك تبكي؟ قال ( إني استأذنت ربي في أن أزور قبر أمي فأذن لي وإني استأذنته في أن أستغفر لها فلم يأذن لي ) فنفهم من التفسير السابق للآية ومن هذه الأحاديث أن أهل الفترة ليسوا هم الذين لم يأتهم شخص الرسول وإنما هم الذين لم تأتهم دعوة الرسول والعرب لما كان قد جاءهم إبراهيم عليه السلام وولده إسماعيل وهما يرفعان القواعد من البيت كما في القرآن ولذلك هم توارثوا الحج إلى بيت الله الحرام بسبب الدعوة التي جاءتهم عن أبينا إبراهيم وابنهم إسماعيل عليهما السلام لذلك فالعرب في الجاهلية قبل بعثة الرسول عليه السلام لا يجوز أن نطلق عليهم أنهم من أهل الفترة ذلك لسببين يفهم من هذا خلاصة ما سبق، السبب الأول: أنهم جاءتهم دعوة إبراهيم وإسماعيل السبب الثاني تلك الأحاديث الكثيرة التي صرحت في خصوص أشخاص ماتوا في الجاهلية ومع ذلك فهم يعذبون إذًا عذاب وأهل فترة لا يجتمعان فإذا كان هناك شخص أو أشخاص يعذّبون فذلك دليل على أن هؤلاء ليسوا من أهل الفترة لأنهم جاءتهم دعوة الرسول وعلى ذلك إذا تبينت لنا هذه الحقيقة الآن نحن معشر المسلمين في أول القرن الخامس عشر من الهجرة هل نحن من أهل الفترة؟ الجواب لا، لكننا إذا وقفنا عند الآية عند ظاهرها (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) أي بشخص الرسول فمعناه نحن ما جاءنا الرسول لأن الرسول يقول ( ألا إن النبوة والرسالة قد انقطعت من بعدي فلا رسول ولا نبي بعدي ) إذا نحن ما جاءنا رسول لكن جاءتنا دعوة رسول على هذا يجب أن نفسر الآية السابقة (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) حينئذ لا يجوز رد حديث الأبوين بآية (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) لأنهم قد جاءتهم دعوة إبراهيم وإسماعيل عليهم السلام أظنك الآن عرفت الدليل ولو أنك استعجلت بالسؤال عنه فقد كان يأتيك نعم.
السائل : كان قصدي من سؤالي أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث للعالمين ولكن الأنبياء قبله يبعثون للشعوب للأقوام فإذا القوم الذين لم يبعث لهم النبي هم من أهل الفترة، والعرب ليسوا منهم فإذا هو صحيح شعب إذا كان يجاوره شعب أرسل له النبي فالمسؤول شعب الذي أرسل له النبي وليس المسؤول الشعب المجاور له هذا كان قصدي من السؤال.
الشيخ : مش واضح، اسمح لي إن كنت فهمت فأعيد عليك ما فهمت كأنك تريد أن تقول أن أي شخص جاءته دعوة الرسول هو ليس من قومه فكفر بهذه الدعوة فهو معذور.
السائل : هذا قبل محمد صلى الله عليه وسلم.
الشيخ : أنا عارف قبل محمد أتريد ان تقول هذا؟
السائل : نعم.
الشيخ : طيب ما هو الدليل على هذا الكلام؟
السائل : المفهوم الأول من الآية.
الشيخ : وهو؟
السائل : وهو أن القوم لا يعذب حتى يبعث لهم رسول.
الشيخ : إذا تعود تقول أن معنى الآية شخص الرسول.
السائل : إلى القوم وليس إلى الشخص.
الشيخ : لا الرسول، الآية نحن فصلنا آنفا ان الآية تعني وصول شخص الرسول بدعوته وهو وصول الدعوة بدون شخصه فهل أنت الآن تعود لتقول أن الآية تعني وصول شخص الرسول مع الدعوة وأنه إذا وصلت الدعوة بدون شخص الرسول فلا تكون الدعوة قائمة بارك الله فيك يا أستاذ أنا أعرف هناك رسول ومرسل ماشي فالآن المرسل هو قوم أو شخص مش مهم المرسل إليه، نحن الآن بحثنا في الرسول هل تفهم الآية على حسب ما شرحت أن المقصود من الآية أمران اثنان تارة شخص الرسول بدعوته وتارة دعوته دون شخصه هل أنت معي في هذا وفي كلامك وسؤالك الأخير أم أنت تريد أن تقول أي شخص جاءته دعوة رسول ليس مقرونا هذه الدعوة بشخص الرسول فيكون غير مؤاخذ هل هذا تعنيه؟
السائل : قصدي كان من قبل محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان ... لبني اسرائيل فهناك في نفس الوقت شاب آخر يعيش مع بني اسرائيل.
الشيخ : أنا عارف بارك الله فيك أنا عارف ماذا تريد لكن أجبني عن سؤالي حتى أتصل معك فيما تريد أنا أستعجل ما دام أنت تقول تؤكد سؤالك وأنا فاهمه جدا لكني ما ني فاهم إيش رأيك في الشرح الذي سبق بيانه هل أنت معنا في أن الدعوة تصل بطريق من طريقين تارة بشخص الرسول وتارة بشخص غير شخص الرسول؟ على كل حال إن كنت لا ترى نفسك متهيئا للجواب فأنا أجيبك عن سؤالك، وأنا فهمت سؤالك وقلت لك ما الدليل؟ أنت تقول مثلا رجل عربي جاءته دعوة نبي إسرائيلي ثم كفر بها فهو من أهل الفترة أنت تريد أن تقول هذا أنا فاهم عليك لكن الجواب عن هذا السؤال يتفرع من الشرح السابق فأنت أبيت أن تجيبني لا بأس أنا سألتك آنفا ما هو الدليل أن كل شخص جاءته دعوة الحق من نبي هو ليس من قبيلته ليس من قومه لأنه ليس من قومه هذا النبي أو هذه الدعوة التي جاء بها ذاك النبي فهو لا يؤاخذ مع أنه جاءته الدعوة.
السائل : هو دليل احتمال مفهوم الآية هناك احتمالين لمفهوم الآية.
الشيخ : وأنا سألتك لماذا ما سألتك عبثا ولذلك لا بد لك أن تجيب حتى نتناقش إما أن تقصد الرسول بشخصه ودعوته وإما أن تقصد الدعوة نفسها ولو بشخص غير شخص الرسول ثم أزيدك على هذا فأقول الآية تنفي عدم المؤاخذة بعدم بلوغ الدعوة صح؟ هل هنا تفصيل وكان النبي يرسل إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة هل في الآية هذا التفصيل؟
السائل : لا.
الشيخ : إذا نحن نقول (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) إما الرسول بشخصه وإما دعوته فأنا افترضت جوابا عن سؤالك أنه جاءته دعوة الرسول لكن هذا الرسول ليس من قومه لكننا نقول لما جاءته هذه الدعوة أقيمت عليه الحجة وأنت تعلم بالمناسبة أقول أن بعض العلماء يقولون لا مش ضروري أن يكون هناك رسالة تصل إلى قوم أو إلى شخص أو أشخاص (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) أي العقل.
السائل : السلام عليكم.
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ثم قال عليه الصلاة والسلام ( فرأيت في النار صاحب المحجن ورأيت في النار المرأة العجوز التي ربطت الهرة ) أما صاحب المحجن، المحجن هي العصاة التي لها عكفة هذه يستعملها بعض مشايخ الصوفية وكان يستعملها الأعراب في أسفارهم حينما يضعونها على أكتافهم ويعلقون عليها زادهم ويمشون هذا صاحب المحجن يحدثنا الرسول عليه السلام أنه رآه يعذب في النار لماذا؟ لأنه كان يتعمّد الخروج مع محجنه واضعا له على كتفه في موسم الحج فيمر بالناس وهم راكبون على جمالهم وعليها زادهم فيحاول أن يعلّق المحجن بشيء من الثياب المعلّقة بالرّحال الموضوعة على الجمال فإن تعلق شيء من الثّياب ولم يحسّ الراكب أخذه وسار وإن أحسّ قال محجني أنا ما تعمدت ذلك محجني فرآه عليه الصلاة والسلام يعذب في النار كذلك رأى تلك المرأة كيف رآها تعذب تركض تهرب والهر يهجم عليها ويعضها وهكذا هي تدور في النار وكلما هربت عضتها الهر لماذا؟ قال عليه الصلاة والسلام ( لأنها ربطتها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ) كذلك جاء في الحديث الصّحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى عمرو بن لحي وأقتابه أمعاءه مسارينه مندلقة في جهنم يعذب فيها لماذا؟ لأنه كان أول من جاء بالأصنام إلى الجزيرة العربية رآه يعذب كذلك مثلا هذه أحاديث كلها صحيحة لا غبار عليها كذلك جاء في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان راكبا يوما على بغلته فمر بقبرين ... به فسأل ( ما هذان؟ ) قالوا " ماتا في الجاهلية " فقال عليه الصلاة والسلام ( لولا أن تدافنوا لأسمعتكم عذاب القبر ) هذا يعني أن البغلة حينما مرت بالقبرين سمعت العذاب بالقبرين فشمست به عليه السلام فقال عليه السلام ( لولا أن تدافنوا ) أي لولا أني أخشى أنني إذا أسمعتكم عذاب القبر لا يبقى منكم أحد حيا بحيث لا يبقى من يدفن الميت تموتون جميعا فلذلك لا أسمعكم عذاب القبر وهذا كناية عن هول العذاب الذي يلقاه الكفار في قبورهم ومن هؤلاء الكفار هذان صاحبا القبرين الذين ماتا في الجاهلية، وإذا عرفتم هذه الحقيقة فلا بد أن نختم هذه الأحاديث بالحديث المشهور الذي يرده وينكره كثير من أهل البدعة وأهل الرأي الذين أولا لا يمشون مع السنة والكتاب، وثانيا يتّبعون أهواءهم وعواطفهم أعني بذلك ما رواه الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله أين أبي؟ قال ( في النار ) فرجع السائل حزينا فقال عليه السلام ( هاتوا الرجل، فقال له إن أبي وأباك في النار ) كأنه يقول له لا يعظم عليك أمر أبيك أن يكون في النار لأنه مات مشركا فأبي وأنا سيد البشر وصاحب الشفاعة الكبرى يوم القيامة أبي مع أبيك في النار إذًا إذا كان والد الرسول عليه السلام مات والرسول بعد في بطن أمه لم يبعث فأولى وأولى أن يعذّب من ليس بهذه النسبة مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلم بسبب كفره في الجاهلية يضاف إلى هذا الحديث ما يتعلق بأمه عليه السلام وهو في " صحيح مسلم " حيث جاء فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم زار قبر أمه في طريقه إلى مكة في بعض عمره حاد عن الطريق فوقف عند القبر يبكي فسأله بعض أصحابه وفي بعض الروايات أنه عمر قال يا رسول الله مالك تبكي؟ قال ( إني استأذنت ربي في أن أزور قبر أمي فأذن لي وإني استأذنته في أن أستغفر لها فلم يأذن لي ) فنفهم من التفسير السابق للآية ومن هذه الأحاديث أن أهل الفترة ليسوا هم الذين لم يأتهم شخص الرسول وإنما هم الذين لم تأتهم دعوة الرسول والعرب لما كان قد جاءهم إبراهيم عليه السلام وولده إسماعيل وهما يرفعان القواعد من البيت كما في القرآن ولذلك هم توارثوا الحج إلى بيت الله الحرام بسبب الدعوة التي جاءتهم عن أبينا إبراهيم وابنهم إسماعيل عليهما السلام لذلك فالعرب في الجاهلية قبل بعثة الرسول عليه السلام لا يجوز أن نطلق عليهم أنهم من أهل الفترة ذلك لسببين يفهم من هذا خلاصة ما سبق، السبب الأول: أنهم جاءتهم دعوة إبراهيم وإسماعيل السبب الثاني تلك الأحاديث الكثيرة التي صرحت في خصوص أشخاص ماتوا في الجاهلية ومع ذلك فهم يعذبون إذًا عذاب وأهل فترة لا يجتمعان فإذا كان هناك شخص أو أشخاص يعذّبون فذلك دليل على أن هؤلاء ليسوا من أهل الفترة لأنهم جاءتهم دعوة الرسول وعلى ذلك إذا تبينت لنا هذه الحقيقة الآن نحن معشر المسلمين في أول القرن الخامس عشر من الهجرة هل نحن من أهل الفترة؟ الجواب لا، لكننا إذا وقفنا عند الآية عند ظاهرها (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) أي بشخص الرسول فمعناه نحن ما جاءنا الرسول لأن الرسول يقول ( ألا إن النبوة والرسالة قد انقطعت من بعدي فلا رسول ولا نبي بعدي ) إذا نحن ما جاءنا رسول لكن جاءتنا دعوة رسول على هذا يجب أن نفسر الآية السابقة (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) حينئذ لا يجوز رد حديث الأبوين بآية (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) لأنهم قد جاءتهم دعوة إبراهيم وإسماعيل عليهم السلام أظنك الآن عرفت الدليل ولو أنك استعجلت بالسؤال عنه فقد كان يأتيك نعم.
السائل : كان قصدي من سؤالي أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث للعالمين ولكن الأنبياء قبله يبعثون للشعوب للأقوام فإذا القوم الذين لم يبعث لهم النبي هم من أهل الفترة، والعرب ليسوا منهم فإذا هو صحيح شعب إذا كان يجاوره شعب أرسل له النبي فالمسؤول شعب الذي أرسل له النبي وليس المسؤول الشعب المجاور له هذا كان قصدي من السؤال.
الشيخ : مش واضح، اسمح لي إن كنت فهمت فأعيد عليك ما فهمت كأنك تريد أن تقول أن أي شخص جاءته دعوة الرسول هو ليس من قومه فكفر بهذه الدعوة فهو معذور.
السائل : هذا قبل محمد صلى الله عليه وسلم.
الشيخ : أنا عارف قبل محمد أتريد ان تقول هذا؟
السائل : نعم.
الشيخ : طيب ما هو الدليل على هذا الكلام؟
السائل : المفهوم الأول من الآية.
الشيخ : وهو؟
السائل : وهو أن القوم لا يعذب حتى يبعث لهم رسول.
الشيخ : إذا تعود تقول أن معنى الآية شخص الرسول.
السائل : إلى القوم وليس إلى الشخص.
الشيخ : لا الرسول، الآية نحن فصلنا آنفا ان الآية تعني وصول شخص الرسول بدعوته وهو وصول الدعوة بدون شخصه فهل أنت الآن تعود لتقول أن الآية تعني وصول شخص الرسول مع الدعوة وأنه إذا وصلت الدعوة بدون شخص الرسول فلا تكون الدعوة قائمة بارك الله فيك يا أستاذ أنا أعرف هناك رسول ومرسل ماشي فالآن المرسل هو قوم أو شخص مش مهم المرسل إليه، نحن الآن بحثنا في الرسول هل تفهم الآية على حسب ما شرحت أن المقصود من الآية أمران اثنان تارة شخص الرسول بدعوته وتارة دعوته دون شخصه هل أنت معي في هذا وفي كلامك وسؤالك الأخير أم أنت تريد أن تقول أي شخص جاءته دعوة رسول ليس مقرونا هذه الدعوة بشخص الرسول فيكون غير مؤاخذ هل هذا تعنيه؟
السائل : قصدي كان من قبل محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان ... لبني اسرائيل فهناك في نفس الوقت شاب آخر يعيش مع بني اسرائيل.
الشيخ : أنا عارف بارك الله فيك أنا عارف ماذا تريد لكن أجبني عن سؤالي حتى أتصل معك فيما تريد أنا أستعجل ما دام أنت تقول تؤكد سؤالك وأنا فاهمه جدا لكني ما ني فاهم إيش رأيك في الشرح الذي سبق بيانه هل أنت معنا في أن الدعوة تصل بطريق من طريقين تارة بشخص الرسول وتارة بشخص غير شخص الرسول؟ على كل حال إن كنت لا ترى نفسك متهيئا للجواب فأنا أجيبك عن سؤالك، وأنا فهمت سؤالك وقلت لك ما الدليل؟ أنت تقول مثلا رجل عربي جاءته دعوة نبي إسرائيلي ثم كفر بها فهو من أهل الفترة أنت تريد أن تقول هذا أنا فاهم عليك لكن الجواب عن هذا السؤال يتفرع من الشرح السابق فأنت أبيت أن تجيبني لا بأس أنا سألتك آنفا ما هو الدليل أن كل شخص جاءته دعوة الحق من نبي هو ليس من قبيلته ليس من قومه لأنه ليس من قومه هذا النبي أو هذه الدعوة التي جاء بها ذاك النبي فهو لا يؤاخذ مع أنه جاءته الدعوة.
السائل : هو دليل احتمال مفهوم الآية هناك احتمالين لمفهوم الآية.
الشيخ : وأنا سألتك لماذا ما سألتك عبثا ولذلك لا بد لك أن تجيب حتى نتناقش إما أن تقصد الرسول بشخصه ودعوته وإما أن تقصد الدعوة نفسها ولو بشخص غير شخص الرسول ثم أزيدك على هذا فأقول الآية تنفي عدم المؤاخذة بعدم بلوغ الدعوة صح؟ هل هنا تفصيل وكان النبي يرسل إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة هل في الآية هذا التفصيل؟
السائل : لا.
الشيخ : إذا نحن نقول (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) إما الرسول بشخصه وإما دعوته فأنا افترضت جوابا عن سؤالك أنه جاءته دعوة الرسول لكن هذا الرسول ليس من قومه لكننا نقول لما جاءته هذه الدعوة أقيمت عليه الحجة وأنت تعلم بالمناسبة أقول أن بعض العلماء يقولون لا مش ضروري أن يكون هناك رسالة تصل إلى قوم أو إلى شخص أو أشخاص (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) أي العقل.