فائدة : دلالة الأمر بالشيء بعد النهي عنه. حفظ
الشيخ : ذلك لأن الأمر بالشيء بعد النهي عنه لا يستلزم وجوبه، وإنما الأمر بالشيء بعد النهي عنه يفيد فقط جوازه وليس وجوبه، والأمثلة على ذلك في القرآن معروفة ومذكورة في علم الأصول على اختلاف المذاهب، مثلاً قوله تعالى : (( وإذا حللتم فاصطادوا )) فأمره بالصيد هنا هو رفع للمحظور السابق بالنسبة للمحرم الذي لا يصطاد، كذلك قوله تعالى : (( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله )) فهذا الأمر بالانتشار بعد انقضاء الصلاة لا يعني وجوبه وإنما يعني جوازه لأنه مسبوق بقوله عز وجل : (( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع )) فهذا الأمر الذي يفيد ترك العمل جاء رفعه في قوله تعالى : (( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض )) فإذا استحضرنا هذه القاعدة الأصولية ورجعنا إلى الحديث على فرض صحته بذاك اللفظ : ( فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ( فلا تفعلوا ) نهي ، ( إلا بفاتحة الكتاب ) استثناء من النهي يفيد الإباحة ولا يفيد الوجوب، أما الجملة التي بعد ذلك وهي قوله عليه الصلاة والسلام : ( فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) هي جملة تعليلية لهذا الحكم، فإذا كان الحكم واجباً فهو تعليل لهذا الحكم الواجب وإن كان الحكم مستحباً فهو تعليل لهذا الحكم المستحب ، وإن كان الحكم الجواز فهو أيضا تعليل لهذا الحكم الجائز، فإذا عرف هذا كان واضحًا جداً أن الحديث لا يدل على وجوب القراءة للمقتدي وراء الإمام في الصلاة الجهرية.