هل يجوز التحذير من الجماعات والأحزب التي تدعي أنها على الكتاب والسنة وهي ليست على منهج السلف خصوصاً حزب الإخوان المسلمين ؟ حفظ
الشيخ : تفضل
السائل : سماحة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني هذا سؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : فإننا نحبكم ونحن نشهد الله على محبتكم .
سماحة الشيخ كثرت في أيامنا هذه الملل والنحل والفرق والجماعات والتي يدعي بعض المتزعمين لها والمروجين لها أنهم على نهج المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بينما في الحقيقة أنهم على غير نهج المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم حبذا لو تكرمتم بتوضيح وتفصيل نوايا هذه الفرق والجماعات وخطرها على المسلمين خاصة الشباب منهم لأنهم منخدعون بمن يروجون لهذه الأفكار المنحرفة والضالة، والبعض من هذه الفئات يندرج تحت اسم الإخوان المسلمين ويستعملون التقية وهذا لا يخفى على سماحتكم، سماحة الشيخ أيضًا من هذه الفرق والجماعات في أيامنا هذه من يروج للموالد ويقول: لا تقولوا المولد بدعة ، والبعض منهم من الدعاة ويقولون للشباب الذين يقدمون المحاضرات حتى ولو كان سماحتكم أو سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز إذا ورد سؤالا يتضمن الفرق أو الجماعات أو النوادي فأغفلوه ألا يرى سماحتكم التحذير والاغترار بهؤلاء أثابكم الله وأعانكم ؟
الشيخ : أولا أشكر كل من كان يحبنا في الله تباك وتعالى، وأسأل الله عز وجل أن يجعل حبنا في الله حباً صادقاً من شروطه التناصح في الله وألا يماري بعضنا بعضا، ولا أن يسامح بعضنا بعضا، وأن يغض النظر عن بعض أهوائه أو أخطائه، وإنما يذكر بعضنا بعضا من باب قوله عليه الصلاة والسلام : ( الدين النصيحة ، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم ) وإذ الأمر كذلك فلا يجوز لأي جماعة أو لأي طائفة من المسلمين أن ينكروا على بعضهم أن يقوموا بواجب تقديم النصيحة فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من الأسس التي قام عليها الإسلام، وهذا أمر معروف من ضروريات الدين أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من الواجبات التي يجب أن يقوم بها كل من علم شيئا من أمور الدين وكان في ذلك على بصيرة من دينه.
ولا شك أن مجرّد ادعاء شخص ما أو طائفة ما أنه على الكتاب والسنّة فذلك لا يكفي بداهة لأننا نطالب كل مدع سواء كان فرداً أو جماعة أن يبين لنا الدليل العملي على ما يؤكد دعواه وإلا فالأمر كما قيل : والدعاوي ما لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء .
وربنا عز وجل علمنا كيف نجادل المخالفين سواء كانوا من المشركين أو كانوا من المنحرفين عن كتاب الله وعن سنة رسولا لله صلى الله عليه وسلم أن نقول لهم تارة بلسان حالنا وتارة بلسان قالنا : هاتوا برهانكم إن كانتم صادقين ، ونحن نرى أن كثيرًا من الجماعات التي أصبحت اليوم تدعي أنها على الكتاب والسنة حينما وجدت هذه الجماعات أن العالم الإسلامي جله إن لم نقل كله قد فاء واستيقظ لهذه الحقيقة أن الإسلام ليس قول الرئيس الفلاني أو الإمام الفلاني أو الأمير الفلاني وإنما هو كما قال ابن قيم الحوزية رحمه الله :
" العلم قال الله قال رسوله *** قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهةً *** بين الرسول ورأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها *** حذراً من التعطيل والتشويه "

فالذي يقول إنه على الكتاب والسنّة لا نكتفي بقوله هذا بل نريد أن يقرن معنى العمل بالقول وإلا جاء قوله تعالى : (( يأيها الذين آمنوا لمَ تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )) ، فإذا كان الأمر كذلك فنبينا صلوات الله وسلامه عليه قد بلّغ الرسالة ونصح الأمة وبالغ في النصيحة حتى أنه عليه الصلاة والسلام تحدّث وهذا ليس اجتهاداً من نفسه وإنما هو وحي من ربه حين قال عليه السلاة والسلام : ( تفرقت اليهود على إحدى وسبعين وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : هي ما أنا عليه وأصحابي -وفي رواية : هي الجماعة- ) أي جماعة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين فارقهم عليه الصلاة والسلام وهم على سنّته.
إحدى الروايتين تفسّر الأخرى ( ما أنا عليه وأصحابي ) هو التفسير للرواية الأخرى وهي: ( الجماعة ) وكذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه العرباض بن سارية في حديثه المشهور في السنن وغيرها قال: ( وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا : أوصنا يا رسول الله فقال: أوصيكم بالسمع والطاعة وإن ولي عليكم عبد حبشي وإنه من يعش منكم فسيرى اخلافاً كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) وفي حديث جابر في *صحيح مسلم* وغيره وزيادة للنسائي: ( وكل ضلالة في النار ) هذا الحديث أيضًا بين أن الاختلاف سيقع بين المسلمين فما يأتي من الزمن قريباً أو بعيداً، والنجاة من ذلك إنما يكون بالتمسك لا أقول فقط كما يقول كل الدعاة اليوم وهذا هو الفصل بيننا وبينهم، لأن الرجوع للكتاب والسنة هذه الكلمة يقولها كل طائفة على وجه الأرض لا تزال تنتمي إلى الإسلام حتى الشيعة وحتى الرافضة لا يتبرؤون من الكتاب والسنة، ولكنهم يتبرؤون من السلف الصالح وكذلك كل الطوائف والجماعات الأخرى الذين لما شعروا لما أشرت إليه آنفاً من أن موضة العصر الحاضر الرجوع للكتاب والنسّة بفهم أو بغير فهم بعمل أو بغير عمل، المهم الرجوع للكتاب والسنة وإلى الإسلام، أما هذا الإسلام فيلوّن بألوان كثيرة وكثيرة جداً .