كيفية تسليم الإمام المسافر إذا صلى بالمقيمين وماذا يقول لهم ؟ حفظ
الشيخ : الخروج من الصلاة لا يكون إلا بالسلام، كما جاء في الحديث الصحيح: ( تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم ) نحن لا نجد في السنة وفي الآثار السلفية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو عمر بن الخطاب الذي صح عنه أنه لما أمَّ أهل مكة وصلى بهم قصرًا قال لهم: ( أتموا صلاتكم فإنا قومٌ سَفْر ) لا نجد في هذه الرواية الصحيحة أنَّ الراوي ذكر أنه قال: السلام عليكم ورحمة الله، أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر، حينئذ.
يكون على صواب أنّ الإمام يُسلم سلامًا يُسمع نفسه، وبذلك يخرج من الصلاة حسب نص الحديث السابق، ويَرفع صوته بما ثبت عن عمر بن الخطاب، ورُوِي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( أتموا صلاتكم فإنا قومٌ سَفْر ) فهذه العبارة بعد السلام بالخفض تنبيهٌ لأولئك الناس ألا يشاركوا الإمام ويخرجوا من الصلاة بالتسليم معه لأنهم مقيمون، هذا الذي أنا أراه، أما أنه يقول: أتموا صلاتكم ويجعل ذلك مكان: السلام عليكم، فهذا ما أعتقد أن أحدًا يقع في مثل هذا الخطأ الفاحش، لا بد من السلام، لكن بين أن يكون السلام جهرًا كما هو الأصل بالنسبة للإمام، وبين أن يكون سرًّا كما أرى في مثل هذا المقام.
لعله وضح لك الأمر ؟
السائل : هذا وارد عن عمر بن الخطاب ؟
الشيخ : وهو ؟
السائل : التوجيه الذي ذكرتم.
الشيخ : أتموا؟
السائل : لا، خفض الصوت بالتسليم ؟
الشيخ : لا لا، أقول: الراوي لما ذكر عن عمر لم يذكر أنه قال: السلام عليكم ورحمة الله أتموا صلاتكم فإنا قومٌ سَفْر، وإنما ذكر الجملة هذه فقط، فأنا أفهم من هذا أنه يكون سلَّم سرًّا، ولا بد من السلام لما ذكرته آنفًا.
السائل : عفا الله عنك، ما يورد عليه أنه إمام لهم، وكيف ينفرد عنهم بهذا السلام ؟
الشيخ : ما انفرد عنهم بارك الله فيك.
السائل : سلَّم لنفسه كما فهمت سرًّا، ثم سلَّم لهم ؟
الشيخ : هذا معناه انفرد لنفسه إذا قال السلام عليكم، انفرد لنفسه ؟!
كل ما في الأمر -بارك الله فيكم- أنه لم يسمعهم، وإنما لم يسمعهم دفعًا للمفسدة التي فعلًا نحن نلمسها، أنا وقعت لي حوادث عجيبة جدًّا في هذه القضية لجهل الناس وغفلتهم، منها: أنني قلت لهم جهرًا في أول الأمر: السلام عليكم ورحمة الله فسلَّم معي كثيرون.
وأكثر من ذلك: في بعض أسفاري إلى المملكة إلى الحج والعمرة نزلت في تبوك، وصليت بهم صلاة العشاء بعد أن قدَّموني واعتذرتُ، خشيت أنني سأُسلم على رأس الركعتين، وهذا مما لم يعتده الجمهور، فقال لي: المرشِّح للإمامة: طيب لا بأس، اعمل لهم كلمة وذكرهم بها، ففعلت فعلًا ووجدت نفسي أُلقي محاضرة، وأذكر السنة بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا سافر صلى قصرًا، ولم يصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه أتمَّ خلافًا لحديث الدارقطني المروي عن عائشة إلى آخره، ولذلك يا إخواننا فانتبهوا: أنا اتباعًا للنبي صلى الله عليه وسلم سأُصلي بكم ركعتين فقط، وسوف لا أُسمعكم سلامي خشية أن تخرجوا من الصلاة معي، وإنما أنا أُسلم بالخفض، وأُسمعكم قولي: أتموا صلاتكم فإنا قوم سَفْر، وبعد هذا كلُّه صليت ركعتين والناس سلموا معي فعلًا، خرجوا من الصلاة وبدأت الشوشرة والاضطراب، وقام كثير منهم يعترضون على الذي رشَّحني: يا شيخ ليش أنت قدمت هذا الرجل يشوش علينا صلاتنا وو إلى آخره، فبعد هذا التنبيه كله ما أفاد.
ولذلك أنا أرى أنه ينبغي على الإمام أن يراعي أوضاع الناس، وألا يكون سبب إفساد لصلاتهم، فإذا صحت الصلاة الآن ما أظن أن عالماً في الصلاة العادية لو أن الإمام قال: السلام عليكم ورحمة الله والناس سلموا، ألم تصح صلاتهم؟
بلا شك صلاتهم صحيحة، ولكنه خالف السنة، لأنه إمام والسنة أن يُسمع سلامه، نعم ؟
السائل : ويلتف.
الشيخ : نعم ؟
السائل : ويلتفت.
الشيخ : وإيش ؟
السائل : يلتفت.
الشيخ : يلتفت لابد، لكن هنا في هذه القضية الجزئية الخاصة ينبغي أن يراعي أوضاع هؤلاء الناس المساكين الذين لا يحضرون العلم، وإن حضروا ربما لا يفهمون وما شابه ذلك من الأمور المؤسفة، فإذا قال الإمام سرًّا : السلام عليكم ورحمة الله، أتموا صلاتكم فإنا قومٌ سَفْر، مصلحة الوقت الواقع تقضي ذلك مع ملاحظة شيء قلته آنفًا:
لم نجد في السنة ولا في الأثر عن عمر -أنا أقول في السنة لأنه الحديث الوارد في ذلك ليس صحيحًا يحتج به، لأن فيه الرجل المعروف بسوء حفظه علي بن زيد بن جدعان، وهذا في صلاة الرسول عليه السلام في تبوك فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر ) فالسند ضعيف-، لكن عمل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذلك ثابت عنه بالسند الصحيح، وفي مكة، وفي حضور جمع غفير من الصحابة يؤكد أن هذا له أصل في السنة، وفي مثل هذا نقول: هذا الحديث الضعيف يتقوى بهذا الأثر الصحيح، فلم نجد لا في الحديث ولا في الأثر أن النبي صلى الله عليه وسلم أو عمر رفع صوته كالعادة: السلام عليكم ورحمة الله، فأنا عَللت ذلك بما شهدته عمليًّا حتى الناس ما يستعجلوا ويسلموا معه وهم مقيمون، فهذا الذي نراه والله أعلم.
السائل : بالنسبة.