ذكر الشيخ لكلام الشاطبي رحمه الله في المصالح المرسلة. حفظ
الشيخ : ذكر الشاطبي في * الاعتصام * المـُكوس والضرائب التي كانت بعض الملوك تفرضها على المسلمين، يقول الشاطبي: " لا شك أن هذه المـُكوس محرمة، لأنها من باب أكل أموال الناس بالباطل، لكن -وهنا الشاهد- قال: إذا هاجم العدوُّ المسلمين في عقر دارهم، ولم يكن في خزينة الدولة وفي بيت مال المسلمين مِن الأموال ما يُساعد على القيام بردِّ اعتداء العدو فللحاكم المسلم أنْ يفرض ضرائب تتناسب مع أحوال الأغنياء منهم لرد صائلة هذا العدو، فإذا رُدّ رجع الحاكم عن فرضه لتلك الضرائب، لأن المصلحة الطارئة التي فجأتهم هي التي اضطرتهم أن يضعوا مثل هذه الضرائب "، أما أن تصبح الضرائب فريضة لازمة كما هو الموجود اليوم في بعض البلاد الإسلامية بحكم أن الدولة بحاجة إلى أموال، وليس لها من الموارد والمصادر الطبيعية التي أنعم الله بها عليها ما يمكنها أن تقوم بتحقيق هذه المصالح للأمة المسلمة أو الشعب المسلم، لذلك يقولون: لابد من فرض هذه الضرائب.
يقول ابن تيمية والشاطبي: " هذه الضرائب إن كانت لسبب عارض " كالمثال السابق فيما إذا هاجم العدو بلاد المسلمين فهذا لا بأس به، أما أن تُتخذ سنة ونظامًا لبيت مال المسلمين مع انصراف هؤلاء الحكام عن جلب أموال الزكوات حسب ما هو مشروح في كتب الحديث والسنة، فالفقر الذي يصيب بيت مال المسلمين نتج بإهمالهم لأحكام الدين، وفي هذه الحالة لا يجوز إيجاد وسيلة جديدة لأن المقتضي للأخذ بهذه الوسيلة إنما حدث بسبب تقصيرهم بالقيام ببعض أحكام الدين، منها: أن تقوم الدولة بجمع أموال الزكوات على التفصيل الذي أشرت إليه آنفًا.
لهذا يمكن للإنسان أن يفهم أن باب المصالح المرسلة بابٌ مهمٌ جدًّا، لأنه يحقق مصالح للمسلمين توجبها ظروفهم الخاصة، فإذا أتقنا فهم هذه المسألة في هذه الحدود المبينة في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، سهل علينا حينذاك أن نفهم أمورًا وقعت فيما مضى ويمكن أن تقع اليوم وفيما يأتي، وأن نميز فيما إذا كانت مِن المصالح المرسلة أو من البدعة الضالة.