ما حكم قول القائل لأخيه: ضع يد الله في يدينا إذا أرادا الذهاب إلى المسجد ؟ حفظ
السائل : قول القائل لأخيه: ضع يد الله في يدينا مثلاً إذا أرادوا أن يذهبوا إلى المسجد أو كذا ؟
الشيخ : ما ينبغي أن يقال هذا.
السائل : ولو كان مجاز ؟
الشيخ : المجاز يقول الرسول عليه السلام بإبطال هذا التأويل: ( لا تكلمن بكلامٍ تعتذر به عند الناس ) وفي حديث آخر: ( إياك وما يُعتذر منه ) إذا أردت أن تقول مثلًا: جاء خادم الأمير فلا تقول: جاء الأمير، لأنك توهم الناس خلاف ما تريد، فما الذي يمنعك أن تفصح عن مرادك، فتقول: جاء خادم الأمير، لا أنا قلت: جاء الأمير ولكن قصدي كذا، ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، وإياك وما يعتذر منه )، ومن هذا الطريق نحن كنا نرد في سوريا على بعض مشايخ الصوفية الذين يؤمنون بشطحات شيوخهم، تعرفون شطحات الصوفية، وهي: العبارات التي إذا نظرت إليها نظرة عاجلة وسريعة مع الفقه والعلم تراها كفرًا، لكن هم يتأولون تلك الكلمات ويسمون هذه الشطحات، لكن لها معاني جميلة وجائزة.
فكنا نحن نقول لهم مثل هذا الحديث: إذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أدَّبنا وأحسن تأديبنا وعلَّمنا وأحسن تعليمنا، فقال: إذا تكلمت مع الناس فتكلم بكلامٍ واضح مُبين ما تحتاج أن تقول: والله أنا قصدت كذا، وأنا يقع بيني وبين كثير من السائلين كثير مِن البحوث حول هذه النقطة، لأنه يسأل سؤالًا لو وقفتُ عند لفظه لأجبته بجواب لا يريده هو، هو يريد معنى آخر، لكن هذا المعنى الآخر لا يؤخذ من سؤاله، لا يُحسن السؤال، فأقول: يا أخي أنت تريد كذا وكذا أظن، بيقول: إي والله، طيب لماذا لم تقل هكذا؟!
فيجب كما قال أهل العلم: " نصف العلم حسن السؤال "، أن يكون السؤال واضحًا ليكون أيضاً الجواب على ذلك بينًا.
الشاهد أن هؤلاء الصوفية ينقلون كُفريات عن بعض شيوخهم، مثلًا يقولون عن ابن عربي المدفون هناك في دمشق بأنه كان يقول: " كل ما تراه بعينك فهو الله، الخلقُ هو عين الحق "، كفريات صريحة، بل نقلوا عنه أو عن غيره مثل ابن الفارض أنه كان يقول:
" وما الكلبُ والخنزير إلا إلاهنا *** وما اللهُ إلا راهبٌ في كنيسةٍ " :
كفر صريح، إيش يقولوا هم: لا هو ما يقصد هذا، يقصد معنى أنتم ما تفهمونه.
هب أنه يقصد معنى ما يفهمه إلا الخاصة من هؤلاء الصوفية، لكن أين أدب الرسول ؟!
لقد سمع رجلًا يقول له ذات يوم وهو يخطب: ( ما شاء الله وشئت يا رسول الله، قال له عليه السلام: أجعلتني لله ندًّا، قل: ما شاء الله وحده ) أدَّبه وبيّن له أن قوله ما شاء الله وشئت فيه تشريك للرسول مع الله ولو باللفظ، ولكن مع علم الرسول عليه السلام بحسن نية هذا القائل، قال له: ( اجعلتني لله ندًّا قل: ما شاء الله وحده ) إذا كان النبي أنكر هذا اللفظ فلو سمع قائلًا يقول:
" وما الله إلا راهب في كنيسة " أفلا ينكر هذا ؟!
بلا شك. فإذن يجب أن نقولَ قولًا ما نضطر إلى تأويله، كما أنت قلت آنفًا يد الله في يدي، مفهوم أنه ما يعني أن اليد حقيقة كما هو الخلاف بين أهل السنة في قوله تعالى: (( يدُ الله فوق أيديهم )) فأهل السنة يقولون: هذه صفة لله نؤمن بها بدون تكييف، أما المعطلة والمؤولة يقولون: يد الله تارة يقولون بمعنى قدرته وتارة يقولون بمعنى نعمته، فهنا يؤول هذا الكلام لكن لماذا نتكلم بكلام نضطر إلى تأويله، ( لا تكلمن بكلام تعتذر به عند الناس ).