هل أساليب الدعوة توقيفية أم اجتهادية وما ضابطها وما أمثلة أساليبها ؟ حفظ
الشيخ : إذا عرفنا هذه الأمثلة انطلاقًا من مراعاة المصلحة المرسلة والمشروعة بقيودها السابقة الذكر حينذاك يمكننا أن نصل إلى بيت القصيد للإجابة عن ذاك السؤال، ومعذرة من الإطالة لأن مثل هذه الأسئلة الحديثة تتطلب ضرورة بيان مُفصَّل لكي يكون الإنسان على بينة من أمره فأقول:
إذا كانت الوسائل التي تُتخذ اليوم وُجدت دون تقصير من المسلمين في القيام بأحكام الشريعة، ولم يكن يترتب من وراء الأخذ بها شيء مِن المفسدة كنحو ما ذكرتُ آنفًا بالنسبة لإذاعة الإقامة وقراءة القرآن خارج المسجد، فلا أشك بجواز الأخذ بهذه الوسيلة بهذه القيود الضيقة، ولْنضرب على ذلك مثلًا من التاريخ الماضي والتاريخ الحاضر ليتبين أخيرًا الفرق بين ما يجوز وما لا يجوز من الوسائل زيادة على ما سبق:
كلنا يعلم في سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنهم لما حُصِروا في المدينة من قِبل المشركين فاقترح سلمان الفارسي حفر الخندق، وحفرُ الخنادق لم يكن معروفًا عند العرب، فلمَّا تقدم سلمان بهذا الاقتراح وقال: إننا كنا نفعل ذلك في بلادنا، تبناه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان ذلك من الوسائل التي اتخذها الرسول عليه السلام وكان النصر حليفه، فهذه وسيلة حَدَثت ولم تكن معروفة عند العرب، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بها، كما جاء أيضًا في بعض الغزوات أنه استعمل المنجنيق ونحو ذلك من الوسائل، فهذا دليل على جواز استعمال بعض الوسائل الحادثة لأنها تؤدي إلى تحقيق مصلحة شرعية.
أما اليوم المثال المعاكس لذاك: فهناك بعض الناس أو بعض الجماعات تتخذ من الوسائل ما هي من وسائل الكفار، وهي تمثل عاداتهم وتقاليدهم وأفكارهم القائمة على ما وصفهم الله تبارك وتعالى به: (( لا يحرِّمون ما حرمَ اللهُ ورسولُه ولا يدينون دين الحق )):
فهذه الوسائل التي منها مثلًا السينما ومنها التمثيل ونحو ذلك فهي لا يمكن أن نعتبرها وسائل شرعية لتبليغ الدعوة للناس، أو لجعلها وسائل لجذب قلوب المسلمين بمثل هذه الوسائل التي جرى عليها الكفار في بلاد الغرب، بل علينا أن نكتفيَ بتدريس الكتاب وتدريس السنة ففيهما ما يكفي مِن الوسائل التربوية التي تغنينا عن الأخذ بهذه الوسائل التي تأتينا مِن بلاد الكفر والضلال وتحمل في طواياها كثيرًا مما يخالف الأحكام الشرعية، هذا ما يحضرني جوابًا عن ذاك السؤال.