شرح قوله صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله ... والواشمات والمستوشمات، والواصلات والمستوصلات ). حفظ
الشيخ : ثم قال عليه الصلاة والسلام: ( والوَاشِمَاتِ وَالمستوشِمَاتِ ) الوشم باعتقادي أنه معروف عندكم وهو: غرز الحبر الأزرق في مكان مِن البشرة، فهنا يبدو تلاعب الشيطان بالإنسان في كل هذا التغيير، يكون الله تبارك وتعالى خلق الإنسان في بشرة بيضاء ساذجة جميلة، فلا يعجبه فيتصنع تشويهَ ما خلق الله بغرز الإبرة والحبر في البشرة، وفي كثير من البلاد عندنا في سوريا خاصة الفلاحين منهم: تجد البشرة كلها مغير البياض بالحبر الأخضر هذا أو الازرق، ويتفنن بعضهم فيصورون أسدًا حاملًا للسيف، جهالات وظلمات بعضها فوق بعض، فلا جَرَمَ أنْ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( والوَاشِمَاتِ وَالمستوشِمَاتِ )) لماذا تأتي جملة أخيرة ( المغيرات لخلق الله للحسن ).
ثم قال في تلك الزيادة الأخرى: ( والواصلات والمستوصلات ):
الواصلة هي كما قلنا: المزينة التي تصل شعر أختها بشعر غيرها.
والمستوصلة هي: التي تطلب أن يُفعل بها هذا الوصل.
أيضًا شرَّك الرسولُ عليه السلام الواصلة بالمستوصلة في الإثم لأنهما تعاونا على تغيير خلق الله تبارك وتعالى.
وباعتقادي لو كان شيء من هذه الأشياء يجوز فعله لكان وصل شعر المرأة الذي تساقطَ أقرب إلى الجواز منه إلى المنع، ولكن لما جاء هذا الحديث وجاء تعليلُه في آخر الحديث: ( المغيرات لخلق الله للحسن ) لم يجز للامرأة أن تصل شعرها بشعر غيرها حتى لو كان تساقط شعرُها بعد أن كان مضرب مثل في جماله وتزين المرأة به، وقد وقع في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( أن امرأة تزوجت فتساقط شعر رأسها، فجاءت أمها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم تستأذنه في أن تصل شعر ابنتها، فقال عليه الصلاة والسلام: ( لعن الله الواصلة والمستوصلة )، ومن هنا يبدو لنا أنه لا يجوز من باب أولى هذه البدعة التي عَمَّت في كثير من بلاد الإسلام الرجالَ فضلًا عن النساء حيث أخذوا يستعملون قَلنسوة الشعر المسمى بـــــ " الباروكة "، لا شك أن هذا الاستعمال محرمٌ من باب أولى، لأنه تغيير لخلق الله تبارك وتعالى، وإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنكر خصلات من شعر تضيفها المرأة المسلمة إلى شعرها المتهافِت جعل ذلك تغييرًا لخلق الله، بل جعل تضخيم المرأة لشعرها أو لظفائرها لدكّ أو لف بعض الخرق في ذلك الشعر حتى يظهر كثيفًا وكثيرًا، لم يجز الرسول عليه السلام ذلك بل سماه بــــ الزور، وقد جاء في *صحيح مسلم*: ( أن معاوية -رضي الله عنه- لما جاء المدينة وصعد منبر النبي عليه السلام فخطب الناس فقال: أين أنتم معشر أهل المدينة أو علماء أهل المدينة -وفي يده كبة من قماش تضعه النساء يومئذ وتلفه على شعرها- فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسمي هذا بالزور ):
وحقيقة إنه اسم على مسمى، لأن المرأة التي تتخذ ذلك .
أو مِن خرق أنكرها الرسول عليه السلام أشد الإنكار فقال: ( لعن الله الواصلات والمستوصلات ) أفلا يقال أن اتخاذ الباروكة هذه صاحِبِتُها ملعونة من باب أولى وبخاصة بعد أن تفننت النساء بِشراء عدة باروكات ففي كل يوم تظهر بمظهر في رأسها جديد تارة بالشعر الأسود وتارة بالشعر المذهب وتارة بالشعر الذي لا أصل له في خلق الله حيث يكون مركبًا من ألوانٍ شتى إلى آخره، كل هذا وذاك تغيير لخلق الله من أجل ماذا ؟!
للحسن، فقال عليه الصلاة السلام: ( لعن الله الواصلات والمستوصلات -ثم قال- والفالجات ):
هذا النوع من التغيير يظهر أنه كان قديمًا، ولا أعلم أنه أحييت هذه المعصية من جديد، تكون المرأة وهذا بتلاعب الشيطان ببني الإنسان، تكون المرأة قد خلقها الله تعالى بأسنان كاللؤلؤ المرصوص ما أجمل منه!! لأنه خلق الله (( فأروني ماذا خلق الذين من دونه ))، فلا يعجبها خلق الله، كانت قديمًا تأخذ المبرد فتوسع ما بين السن والسن حتى يصبح السن هكذا وكأنه ناب كلب فهذا هو الذي يعجبها، أما خلق الله فلا يعجبها، فاستحقت هذه الأنواع لعنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم سواء من فُعِل بها أو مَن فَعَل ذلك بها وبعلة ( المغيرات لخلق الله للحسن ) لذلك أقول:
إن النمص المذكور في أول هذا الحديث يشمل كل تغيير لخلق الله بدون إذن من الشارع، وذلك بالنسبة للسؤال إذن، فإذا كان الله خلق للمرأة ذراعًا كله ممتلئ شعرًا أو ساقًا هي فيه مشعرانية، فلا يجوز أن تغير ذلك لأن الله عز وجل ما خلق شيئًا عبثًا، (( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت )).