و اعلم أن من المتأخرين من يقول : مذهب السلف إقرارها على ما جاءت به مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد ، و هذا اللفظ " مجمل " فإن قوله : ظاهرها غير مراد يحتمل أنه أراد بالظاهر نعوت المخلوقين ، و صفات المحدثين ، مثل أن يراد بكون " الله قبل وجه المصلي " أنه مستقر في الحائط الذي يصلي إليه ، و أن " الله معنا " ظاهره أنه إلى جانبنا و نحو ذلك ، فلا شك أن هذا غير مراد . و من قال : إن مذهب السلف أن هذا غير مراد فقد أصاب في المعنى لكن أخطأ بإطلاق القول بأن هذا ظاهر الآيات و الأحاديث ، فإن هذا المحال ليس هو الظاهر على ما قد بيناه في غير هذا الموضع ، اللهم إلا أن يكون هذا المعنى الممتنع صار يظهر لبعض الناس فيكون القائل لذلك مصيبا بهذا الاعتبار ، معذورا في هذا الإطلاق . فإن الظهور و البطون قد يختلف باختلاف أحوال الناس ، و هو من الأمور النسبية ، و كان أحسن من هذا أن يبين لمن اعتقد أن هذا هو الظاهر أن هذا ليس هو الظاهر ، حتى يكون قد أعطى كلام الله وكلام رسوله حقه لفظا و معنى . و إن كان الناقل عن السلف أراد بقوله : الظاهر غير مراد عندهم أن المعاني التي تظهر من هذه الآيات و الأحاديث مما يليق بجلال الله و عظمته ، و لا يختص بصفة المخلوقين ، بل هي واجبة لله ، أو جائزة عليه جوازا ذهنيا ، أو جوازا خارجيا غير مراد ، فهذا قد أخطأ فيما نقله عن السلف ، أو تعمد الكذب . حفظ