فوائد حديث :( جابر رضي الله عنه أن رجلاً قال يوم الفتح: يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس؟ ... ). حفظ
الشيخ : ففي هذا الحديث دليل على فوائد الفائدة الأولى: أن الإنسان إذا نذر فإنه يجب عليه الوفاء بالنذر لقول الرسول: ( صل ها هنا ) ومن فوائده: أنه يصح النذر المعلّق إني نذرت إن فتح الله عليك مكة وسواء كان النذر معلّق على شيء عام أو على شيء خاص كما يصح النذر المطلق، ومن فوائد هذا الحديث: أنه يجوز الانتقال عن النذر إلى ما هو أفضل منه لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( صل ها هنا ) وعلى هذا فإذا نذر أن يصلي في مكة لم يجز في غيره لأنها أفضل البقاع، وإذا نذر أن يصلي في المدينة في المسجد النبوي جاز في المسجد النبوي وجاز في مكة، وإذا نذر أن يصلي في بيت المقدس جاز في بيت المقدس وفي المسجد النبوي وفي المسجد الحرام لأنه انتقل إلى ما هو أفضل، ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان لو نوى أن ينفق في شيء من أعمال البر ثم أراد أن ينقله إلى شيء آخر أفضل فلا بأس، ومن ذلك: إذا وقّف وقفًا على طائفة معينة أو على جهة معينة ثم أراد أن ينقله إلى مكان آخر أفضل فلا بأس، فلو أن إنسان وقّف بيته على طائفة معينة ثم رأى من المصلحة أن يبيع هذا البيت وينقله إلى بيت أفضل في مكان الناس فيه أحوج فإن ذلك لا بأس به، وهذا القول هو القول الراجح ويدل عليه هذا الحديث، والمشهور من المذهب أنه لا يجوز بيعه أي الموقوف إلا أن تتعطل منافعه، فما دام فيه منفعة ولو قليلة فإنه لا يجوز بيعه، لكن الصحيح ما قدمناه لدلالة الحديث عليه، ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان إذا أراد أن يشق على نفسه فإننا نوليه ما تولى ذلك، لأن هذا الرجل أرشده النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى أن يصلي في مكة ولكنه أبى إلا أن يشق على نفسه فقال: ( شأنك إذن ) فإن قال قائل: كيف يكون هذا وقد تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من القوم الذين قال بعضهم إنه يصلي ولا ينام والآخر قال يصوم ولا يفطر والثالث قال لا أتزوج النساء؟ فيقال في الجواب عن ذلك: أن هؤلاء القوم الثلاثة أرادوا أن يغيروا تغيرًا ظاهرًا في الشريعة فيصوم أحدهم بلا فطر والثاني يقوم بلا نوم والثالث لا يتزوج النساء، أما هذا فهي مسألة فردية لا يتغير بها شيء فلذلك قال له: ( شأنك إذن ) على أنه ربما نفهم من قوله شأنك إذن نفهم منه أن الرسول يكره هذا، كره أن يصمم على أن يذهب إلى بيت المقدس والفرق الآخر أن الذهاب إلى بيت المقدس ليس كالإشقاق فيما إذا صام ولم يفطر أو قام ولم ينم أو ترك النكاح.