فوائد حديث : ( إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر ... ). حفظ
الشيخ : ففي هذا الحديث: أنه لا يجوز أن يقضى لأحد الخصمين حتى يسمع الإنسان كلام الخصم الآخر، وفيه أيضًا وهو من الفوائد: أنه لا يجوز القضاء على الغائب، لأنه إذا نهي عن القضاء بين اثنين قبل أن يدلي الثاني بحجته مع حضوره فمع غيبته من باب أولى، فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قال لهند بنت عتبة التي شكت إليه أن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيها من النفقة ما يكفيها وبنيها أليس أذن لها أن تأخذ من ماله بغير علمه؟ فالجواب: بلى ولكن هذا قال العلماء إنه ليس قضاء ولهذا لم يسأل الرسول عليه الصلاة والسلام زوجها حتى يعرف هل عنده ما يدفع هذا الدعوى أم لا فهو من باب الفتوى، ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان يجب أن يكون سامعًا للدعوى فلا تكفي الإشارة فيمن يمكنه النطق، لأن الإشارة إنما هي دلالة فقط على مافي قلب العبد لكن الإنسان هو الذي يعبر عما في قلبه تعبيرًا صحيحًا، ولهذا قال: ( حتى تسمع ) طيب فإن قال قائل: إذا كان أحدهما أخرص لن يسمع حجته قلنا يمكن بالكتابة يمكن بالكتابة، فإن كان لا يحسن الكتابة بالإشارة فإن كانت الإشارة لا تفهم فبالوكالة يوكل من يحاج عنه، يعني لابد من أن نعرف ما عند الخصم، ومن فوائد هذا الحديث: حُسن توجيه النبي صلى الله عليه وسلم للقضاة الذين يحكمون بين الناس وأنك لا تسمع من جانب دون الآخر، ومن فوائد هذا الحديث: أننا لا نحكم على الشخص حتى في غير المقاضاة بما نسمع حتى نسمع كلام الخصم، يعني مثلًا لو سمعنا شخصًا يسب من يكرهه أي ما يكرهه الساب، فلا يجوز أن نأخذ بقوله حتى نعرف قول الطرف الآخر، ولهذا نجد بعض الناس -نسأل الله لنا ولهم الهداية- يأخذون الحكم على الناس وتحريم الناس أو تصريفهم كما يقال يأخذون ذلك من قول الخصم سواء كان إيجابًا أم سلبًا، وهذا غلط لأن النفوس مجبورة على محبة من تحب الدفاع عنه وعلى كراهة من تكره ورميه بالسب والشتم، ويشبه هذا الذي أرشد إليه الرسول عليه الصلاة والسلام ما حصل لداود عليه الصلاة والسلام داود ذكر الله تعالى قصته بسورة شيقة فقال: (( وهل أتاك نبأ الخصم )) والاستفهام هنا للتشويق كأنه يشوق إلى استماع هذه القصة (( إذ تسوروا المحراب )) تسوروا مع أن الخصم مفرد لكنه مفرد بمعنى الجمع لأن الخصم لابد فيه من مخاصميه (( إذ تسوروا المحراب )) المحراب مكان الصلاة (( إذ دخلوا على داود ففزع منهم )) كعادة الإنسان الإنسان الذي يغلق بيته فإذا بأناس يتسورون عليه الجدار ألا يفزع؟ نعم هو فزع لأن هؤلاء لم يدخلوا على الوجه السليم (( قالوا لا تخف )) يعني: لسنا سراقًا ولا قاتلين ولا غير ذلك إنما نحن خصماء (( خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط )) ثم أدلى المدعي بحجته فقال: (( إن هذا أخي له تسعة وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب )) غلبني حتى أدركها مني (( قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه )) فحكم له دون أن يسمع قول الخصم وهذا لاشك أنه ليس الطريق السوي، ولهذا عرف داود أن الله تعالى اختبره (( وظن داود )) أي: أيقن لأن الظن يأتي بمعنى اليقين كما في قوله تعالى: (( الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم )) وكما في قوله تعالى: (( ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها )) أي: أيقنوا ذلك (( ولم يجدوا عنه مصرفًا )) (( وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعًا وأناب * فغفرنا له ذلك )) هذه القصة والنعجة هنا بمعنى الشاة، وأما القول بأنها امرأة وما يذكر بشأن داود عليه الصلاة والسلام أنه عشق امرأة أحد الجنود وسعى بكيد ومكر والعياذ بالله وأمر هذا الجندي أن يذهب في الجهاد لعله يقتل ويخلفه داود عليها فهذا كذب والعياذ بالله، هذا لاشك أنه من اليهود ولا يجوز لأحد نقله بين العامة، حتى وإن قال إنه كذب اللهم إلا أن يشتهر في العامة ويتحدث عنه ويكذبه فهذا لا بأس، لكن شيء لم يطرأ على بال الناس يذهب يحدّث ثم ينقضه هذا وإن كان جيدًا لكن لاحظوا أن الشيطان يلقي في قلب الإنسان شيئًا بما يحدّث به وإن كان كذبًا على كل حال هذه القصة كذب ومن اعتقدها فقد أساء إلى داود عليه الصلاة والسلام، إنما الذي حصل من داود أنه حكم بمجرد سماع الخصم دون أن يأخذ إيش قول الآخر وهذا واضح من القصة، أيضًا قد يقال إن هناك خطأ آخر وهو كونه يدخل يتعبد لله والعبادة خاصة منفعتها له ويدع الحكم بين الناس ولهذا سلط عليه الخصوم حتى تسوروا المحراب، هذا أيضًا ربما يكون شيء من الخطأ يضاف إلى الأول، وحينئذ حصل ما حصل من الفتنة ولكن الله تعالى رفعها عن داود حينما خر راكعًا وأناب، والظاهر أن معنى خرّ راكعًا أي خرّ ساجدًا لله عز وجل ليتوب إلى الله فتاب الله عليه، هذه القصة إذا تصورها الإنسان على هذا الوجه عرف مدى قيمة هذا الحديث الذي رواه علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنك لا تقضي بين اثنين حتى تسمع قول الآخر، نعم؟
السائل : هل يا شيخ يدخل الطبيب في هذا الحديث؟
الشيخ : إيش؟
السائل : سواء كان جراحًا أو وافيًا هل يدخل في هذا الحديث؟
الشيخ : في إيش؟
السائل : أنه لا يقدم على العملية وهو غضبان؟