فوائد حديث : ( إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه ... ). حفظ
الشيخ : في هذا الحديث مسائل أو فوائد منها: أن الخصومة واقعة في خير القرون وأن هذا أمر لا يستغرب، لأن الصحابة كانوا يختصمون إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولكن هل هناك مرحلة قبل الوصول إلى الخصومة؟ الجواب: نعم وهو المصالحة، إذا أمكنت المصالحة فهي أطيب للقلب وأبعد عن العداوة والبغضاء وأسلم من الشماتة شماتة الأعداء، فمتى أمكن الصلح فإنه لا ينبغي الترافع إلى الحاكم لكن
" إذا لم يكن إلا الأسنة مركبٌ *** فما حيلة المضطر إلا ركوبها "
إذا كان ولابد فلا بد أن يختصم الناس، ومن فوائد هذا الحديث: أن الصحابة رضي الله عنهم لا يعدلون في التخاصم برسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا، أي لا يختصمون إلى أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عباس وغيره، إنما تنتهي الخصومة إلى من إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان هو مرجع الأمة في الخصومة فورثته مرجع الأمة في الخصومة أيضًا وهم العلماء، ولهذا لا بد أن يكون القاضي عالمًا بالشريعة، ومن فوائد هذا الحديث: أن الناس يختلفون في التعبير عما في قلوبهم لقوله: ( فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ) وهذا شيء مشاهد حتى مؤلفات العلماء تجد أن بينها فرقًا في الوضوح والانسياب والمعنى واحد، وقارن هذا بين أسلوب ابن القيم رحمه الله في مؤلفاته وأسلوب شيخه رحمه الله تجد الفرق العظيم بينهما، ولهذا قال بعضهم: ابن تيمية يطبخ وابن القيم يقدم الطعام، نعم لأن حقيقة الأمر أن كثيرًا من كلام ابن القيم هو كلام شيخ الإسلام تمامًا لاسيما في مسائل العقائد، وكذلك أيضًا في مسائل الترجيحات عندما يتكلم على مسألة ويرجحها، لكن تجد الفرق شيخ الإسلام كلامه جدب وفحل ولا يدركه إلا من تمرّن عليه في الغالب قد يكون سهلًا، وأضرب لكم مثلًا وإن كنا قد خرجنا عن له كتاب " الرد على المنطقيين " وهذا صعب جدًّا وله كتاب " نقض المنطق " أقل منه حجما لكن أكثر منه فائدة لأنه مرتب ومنسق حتى طالب العلم المبتدئ يفهمه وهو المؤلف واحد، على كل حال الناس يختلفون في التعبير عما في قلوبهم منهم من يعبر بعبارة تكون سحرًا ( إن من البيان لسحرًا ) ومنهم من عنده في قلبه حجة قوية لكن لا يستطيع أن يعبر، ومن ذلك بعض الناس من إخواننا يقول أنا أعرف الجواب في قلبي لكن ما أستطيع أنطق به في لساني، أظنه في ذلك يعرف من هو نعم على كل حال هذا أمر معلوم أن الناس يختلفون في قوة التعبير والتأثير، ومن فوائد هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يعلم الغيب لقوله: ( أقضي بنحو ما أسمع منه ) فلو كان يعلم الغيب لقضى بما يعلم لا بما يسمع لكنه لا يعلم الغيب، ومن فوائده: أن القاضي لا يحكم بعلمه لقوله: ( بنحو ما أسمع منه ) طيب فهل يقضي بنحو ما رأى منه؟ يعني لو رأى أن هذا الخصم ضرب خصمه نعم؟
الطالب : نعم.
طالب آخر : لا.
الشيخ : لا فرق، لكن يقال إن رآه خارج الحكومة يعني ليس في مجلس الخصومة أو التحاكم فلا يقضي به، لأنه لو قضى به لكان هذا قضاء بعلمه وهو ممنوع، إذن ماذا يصنع؟ إذا كان يعلم أن الحق خلاف ما يظهر مما سمع، قال العلماء في مثل هذه الحال: يجب عليه أن يحولهما إلى قاضٍ آخر ويكون هو شاهدًا، وبذلك يجمع بين المصلحتين وهذا حق، ومثله أيضًا لما أسمع لو فرضنا إنه سمع خارج الخصومة فلا يمكن أن يحكم بما سمع خارج الخصومة ولكن يحولهما إلى قاضٍ آخر ويكون شاهدًا ولهذا قالك ( تختصمون ) وقال: ( ما أسمع ) في أي وقت مما أسمع في وقت الخصومة لأنه قال تختصمون إليّ طيب، ولكن العلماء استثنوا من الحكم بالعلم استثنوا مسألتين سبقتا المسألة الأولى: ما كان عالمًا به في مجلس الحكم وهذا يدل عليه قوله: ( بنحو ما أسمع ) لأن السمع طريق العلم فما سمعه في مجلس الحكم أو رآه في مجلس الحكم لو فرض أن أحد الخصمين ضرب الثاني عند القاضي فيحكم به، الثانية المسألة الثانية: إذا كان الأمر مشهورًا تحاكم إليّ رجلان أحدهما يدعي أن البيت الذي فيه فلان والذي هو ساكن فيه لمدة طويلة والذي يُعلم أنه بيته ادعى أنه بيته فهنا يحكم بعلمه، مسألة ثالثة: لكن ما هي حكم في الواقع وهي علمه بعدالة الشهود، علم القاضي بعدالة الشهود كافية ما يحتاج إنه يقول هاتوا بينة على عدالة الشاهد فلان أو فلان، ولهذا لا يحتاج القاضي إلى أن يقول شهد فلان بن فلان بكذا وشهد فلان وفلان بعدالته ما هو لازم، إلا إذا كان لا يعرفه فيذكر هذا لأجل ألا يكون هناك طعن في الشهود فيما بعد، طيب ومن فوائد هذا الحديث: أن الواجب على القاضي الواجب أن يحكم بما سمع حتى لو ظن أن الأمر بخلافه لو ظن ما هو علم أن الأمر بخلافه يجب أن يقضي بنحو ما يسمع، ولو ظن أن الأمر على خلاف ما سمع بخلاف ما إذا علم فقلت لكم إذا علم ماذا يصنع يحول إلى قاضٍ آخر ويشهد، طيب لكن هل له أن يستظهر الحق بالتورية؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم له ذلك، نعم يعني لو سمع شيئًا ولو حكم به لكان مخالفًا لما يظن ولكن أراد أن يستخرج الحق بالتورية نقول جائز هذا جائز، ووقع منه من سليمان عليه الصلاة والسلام في قصة المرأتين اللتين أخذ الذئب ولد إحداهما، فحكم به داود للكبرى ولكن سليمان دعا بالسكين وقال أشقه بينكما نصفين، فقالت الصغرى هو لها وقالت الكبرى شقه ما في مانع، نعم فقضى به لمن للصغرى لوجود القرينة، وهذه مسألة يوفّق لها بعض القضاة أي استخراج الحق عن طريق الاستدراج استخراج باستدراج، نعم إذا علم أن الحق خلاف ما سمع، أما إذا لم يتبين له فيجب أن يقضي بنحو ما يسمع، وحدثني واحد ثقة عن بعض القضاة أن شخصين حصل بينهما عقد على مزارعة، تعرفون المزارعة؟ يعني يعطيه الأرض يزرعها بسهم وحصل عقد في أول الشتاء والأمطار قليلة في مثل هذا يكون جزء مالك الأرض قليلًا، لأن المزارع سوف إيش سوف يعمل كثيرًا في السقي وغيره، المهم أنه تم العقد بينهما في أول الشتاء لأن الأمطار قليلة وكان سهم المالك قليل، أراد الله عز وجل فنزل المطر وارتفعت الأسهم فعاد المالك إلى هذا المزارع وقال له: يا فلان لك به نظر لأنها طلبت مني بكذا وكذا يعني جاه واحد أتى واحد إلى صاحب الأرض وقال له أنا أريد أن أرفعها بسهم أكثر مما تم العقد عليه، فقال له يا فلان هل لك نظر فيها؟ وش معنى لك؟ نظر يعني هل تزود؟ قال سبحان الله ألست قد عقدت معك؟ قال لا ما عقدت معك، عندك شهود؟ قال والله ما عندي شهود أنا بيني وبينك الله ما عندنا شهود، قال نحن إلى القاضي فذهب إلى أحد القضاة وجلسا عنده، وكان القاضي ذا فراسة وعلم بأحوال الناس وعرف أن الصواب مع المزارع، فأدلى كل واحد منهما بحجته وكان يعرف هذا القاضي يعرف أن هذه الأرض الموقوفة سبيل، فقال القاضي لصاحب الأرض، قال القاضي للمزارع: يا فلان الرجل هذا ناظر على الوقف والناظر يجب عليه أن يتبع الأصلح وما دام العقد الذي بينكما كان في زمن الرخص ولم تمس الأرض إلى الآن وزادت الأسهم الآن فهو يريد الأحظ للوقف حتى لو تم بالعقد بينكما لأن هذا أمانة ماذا تقول؟ تقول لمن؟
الطالب : ...
الشيخ : لا لصاحب الأرض قال أقول صحيح يا شيخ جزاك الله خير، قال إذن الأرض للمزارع فانظروا كيف استدرجه حتى أقر بأنه عقد لكن زادت الأسهم فتراجع، فالمهم أن القضاء يحتاج إلى ذكاء وفراسة وفطنة، نعم كما شهد شاهد في قصة يوسف (( قال إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين * وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين )) فمثل هذه الأمور والقرائن يعني ينبغي للقضاة وغير القضاة أيضًا أن يدركوها حتى ينتفعوا بها، ومن فوائد هذا الحديث: أن قضاء القاضي لا يحل الحرام أن قضاء القاضي لا يحل الحرام، وعلى هذا فيكون قضاء القاضي نافذًا ظاهرًا لا باطنًا واضح، الدليل أنه توعد من حكم له بأنه يقتطع له قطعة من النار، فلو أن إنسانًا ادعى على شخص أنه زوجه ابنته وأنكر الرجل ولي المرأة الذي هو أبوها أنكر، فأتى هذا المدعي بشهود وشهدوا عند الحاكم عند القاضي بأن العقد قد تم، ماذا يحكم القاضي بأي شيء؟ بالظاهر ( إنما أقضي بنحو ما أسمع ) قضى بأن البنت زوجته، فهل يكون وطؤه إياها حلالًا؟ لا، يكون زنا حتى وإن حكم له ظاهرًا بأنها زوجته، طيب ما موقف البنت في هذه الحال؟ ليس لها طريق إلا أن يعاد العقد من جديد على وجه صحيح وتنتهي المشكلة، وإما أن تحاول الإبعاد عنه ومنعه من الاستمتاع بها بقدر الإمكان لأنها لا تحل له، هذا هو ما دل عليه الحديث أن حكم الحاكم إيش؟ لا يحل الحرام وأنه ينفذ ظاهرًا لا باطنًا، لا يقول القائل: أنا حكم لي القاضي وفي ذمته، ومن فوائد هذا الحديث: عقوبة من أخذ مالًا بغير حق، فهل يقال إن كل من أخذ مالًا بغير حق فإنما يأكل نارًا؟ لا، لكن إذا كان هناك سبب مثل أن يكون وليًّا على قصّار لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم هذا إنما يأكلون في بطونهم نارًا، أو كان على شكل خصومة وخداع للقاضي، لأن هذه جناية عظيمة خداع القضاة جناية عظيمة وفساد في المجتمع، فهذا يأخذ قطعة من النار، أما إذا كان مجرّد ظلم فإنه لا يحكم له بذلك ما لم ترد الشريعة بهذا.
" إذا لم يكن إلا الأسنة مركبٌ *** فما حيلة المضطر إلا ركوبها "
إذا كان ولابد فلا بد أن يختصم الناس، ومن فوائد هذا الحديث: أن الصحابة رضي الله عنهم لا يعدلون في التخاصم برسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا، أي لا يختصمون إلى أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عباس وغيره، إنما تنتهي الخصومة إلى من إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان هو مرجع الأمة في الخصومة فورثته مرجع الأمة في الخصومة أيضًا وهم العلماء، ولهذا لا بد أن يكون القاضي عالمًا بالشريعة، ومن فوائد هذا الحديث: أن الناس يختلفون في التعبير عما في قلوبهم لقوله: ( فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ) وهذا شيء مشاهد حتى مؤلفات العلماء تجد أن بينها فرقًا في الوضوح والانسياب والمعنى واحد، وقارن هذا بين أسلوب ابن القيم رحمه الله في مؤلفاته وأسلوب شيخه رحمه الله تجد الفرق العظيم بينهما، ولهذا قال بعضهم: ابن تيمية يطبخ وابن القيم يقدم الطعام، نعم لأن حقيقة الأمر أن كثيرًا من كلام ابن القيم هو كلام شيخ الإسلام تمامًا لاسيما في مسائل العقائد، وكذلك أيضًا في مسائل الترجيحات عندما يتكلم على مسألة ويرجحها، لكن تجد الفرق شيخ الإسلام كلامه جدب وفحل ولا يدركه إلا من تمرّن عليه في الغالب قد يكون سهلًا، وأضرب لكم مثلًا وإن كنا قد خرجنا عن له كتاب " الرد على المنطقيين " وهذا صعب جدًّا وله كتاب " نقض المنطق " أقل منه حجما لكن أكثر منه فائدة لأنه مرتب ومنسق حتى طالب العلم المبتدئ يفهمه وهو المؤلف واحد، على كل حال الناس يختلفون في التعبير عما في قلوبهم منهم من يعبر بعبارة تكون سحرًا ( إن من البيان لسحرًا ) ومنهم من عنده في قلبه حجة قوية لكن لا يستطيع أن يعبر، ومن ذلك بعض الناس من إخواننا يقول أنا أعرف الجواب في قلبي لكن ما أستطيع أنطق به في لساني، أظنه في ذلك يعرف من هو نعم على كل حال هذا أمر معلوم أن الناس يختلفون في قوة التعبير والتأثير، ومن فوائد هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يعلم الغيب لقوله: ( أقضي بنحو ما أسمع منه ) فلو كان يعلم الغيب لقضى بما يعلم لا بما يسمع لكنه لا يعلم الغيب، ومن فوائده: أن القاضي لا يحكم بعلمه لقوله: ( بنحو ما أسمع منه ) طيب فهل يقضي بنحو ما رأى منه؟ يعني لو رأى أن هذا الخصم ضرب خصمه نعم؟
الطالب : نعم.
طالب آخر : لا.
الشيخ : لا فرق، لكن يقال إن رآه خارج الحكومة يعني ليس في مجلس الخصومة أو التحاكم فلا يقضي به، لأنه لو قضى به لكان هذا قضاء بعلمه وهو ممنوع، إذن ماذا يصنع؟ إذا كان يعلم أن الحق خلاف ما يظهر مما سمع، قال العلماء في مثل هذه الحال: يجب عليه أن يحولهما إلى قاضٍ آخر ويكون هو شاهدًا، وبذلك يجمع بين المصلحتين وهذا حق، ومثله أيضًا لما أسمع لو فرضنا إنه سمع خارج الخصومة فلا يمكن أن يحكم بما سمع خارج الخصومة ولكن يحولهما إلى قاضٍ آخر ويكون شاهدًا ولهذا قالك ( تختصمون ) وقال: ( ما أسمع ) في أي وقت مما أسمع في وقت الخصومة لأنه قال تختصمون إليّ طيب، ولكن العلماء استثنوا من الحكم بالعلم استثنوا مسألتين سبقتا المسألة الأولى: ما كان عالمًا به في مجلس الحكم وهذا يدل عليه قوله: ( بنحو ما أسمع ) لأن السمع طريق العلم فما سمعه في مجلس الحكم أو رآه في مجلس الحكم لو فرض أن أحد الخصمين ضرب الثاني عند القاضي فيحكم به، الثانية المسألة الثانية: إذا كان الأمر مشهورًا تحاكم إليّ رجلان أحدهما يدعي أن البيت الذي فيه فلان والذي هو ساكن فيه لمدة طويلة والذي يُعلم أنه بيته ادعى أنه بيته فهنا يحكم بعلمه، مسألة ثالثة: لكن ما هي حكم في الواقع وهي علمه بعدالة الشهود، علم القاضي بعدالة الشهود كافية ما يحتاج إنه يقول هاتوا بينة على عدالة الشاهد فلان أو فلان، ولهذا لا يحتاج القاضي إلى أن يقول شهد فلان بن فلان بكذا وشهد فلان وفلان بعدالته ما هو لازم، إلا إذا كان لا يعرفه فيذكر هذا لأجل ألا يكون هناك طعن في الشهود فيما بعد، طيب ومن فوائد هذا الحديث: أن الواجب على القاضي الواجب أن يحكم بما سمع حتى لو ظن أن الأمر بخلافه لو ظن ما هو علم أن الأمر بخلافه يجب أن يقضي بنحو ما يسمع، ولو ظن أن الأمر على خلاف ما سمع بخلاف ما إذا علم فقلت لكم إذا علم ماذا يصنع يحول إلى قاضٍ آخر ويشهد، طيب لكن هل له أن يستظهر الحق بالتورية؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم له ذلك، نعم يعني لو سمع شيئًا ولو حكم به لكان مخالفًا لما يظن ولكن أراد أن يستخرج الحق بالتورية نقول جائز هذا جائز، ووقع منه من سليمان عليه الصلاة والسلام في قصة المرأتين اللتين أخذ الذئب ولد إحداهما، فحكم به داود للكبرى ولكن سليمان دعا بالسكين وقال أشقه بينكما نصفين، فقالت الصغرى هو لها وقالت الكبرى شقه ما في مانع، نعم فقضى به لمن للصغرى لوجود القرينة، وهذه مسألة يوفّق لها بعض القضاة أي استخراج الحق عن طريق الاستدراج استخراج باستدراج، نعم إذا علم أن الحق خلاف ما سمع، أما إذا لم يتبين له فيجب أن يقضي بنحو ما يسمع، وحدثني واحد ثقة عن بعض القضاة أن شخصين حصل بينهما عقد على مزارعة، تعرفون المزارعة؟ يعني يعطيه الأرض يزرعها بسهم وحصل عقد في أول الشتاء والأمطار قليلة في مثل هذا يكون جزء مالك الأرض قليلًا، لأن المزارع سوف إيش سوف يعمل كثيرًا في السقي وغيره، المهم أنه تم العقد بينهما في أول الشتاء لأن الأمطار قليلة وكان سهم المالك قليل، أراد الله عز وجل فنزل المطر وارتفعت الأسهم فعاد المالك إلى هذا المزارع وقال له: يا فلان لك به نظر لأنها طلبت مني بكذا وكذا يعني جاه واحد أتى واحد إلى صاحب الأرض وقال له أنا أريد أن أرفعها بسهم أكثر مما تم العقد عليه، فقال له يا فلان هل لك نظر فيها؟ وش معنى لك؟ نظر يعني هل تزود؟ قال سبحان الله ألست قد عقدت معك؟ قال لا ما عقدت معك، عندك شهود؟ قال والله ما عندي شهود أنا بيني وبينك الله ما عندنا شهود، قال نحن إلى القاضي فذهب إلى أحد القضاة وجلسا عنده، وكان القاضي ذا فراسة وعلم بأحوال الناس وعرف أن الصواب مع المزارع، فأدلى كل واحد منهما بحجته وكان يعرف هذا القاضي يعرف أن هذه الأرض الموقوفة سبيل، فقال القاضي لصاحب الأرض، قال القاضي للمزارع: يا فلان الرجل هذا ناظر على الوقف والناظر يجب عليه أن يتبع الأصلح وما دام العقد الذي بينكما كان في زمن الرخص ولم تمس الأرض إلى الآن وزادت الأسهم الآن فهو يريد الأحظ للوقف حتى لو تم بالعقد بينكما لأن هذا أمانة ماذا تقول؟ تقول لمن؟
الطالب : ...
الشيخ : لا لصاحب الأرض قال أقول صحيح يا شيخ جزاك الله خير، قال إذن الأرض للمزارع فانظروا كيف استدرجه حتى أقر بأنه عقد لكن زادت الأسهم فتراجع، فالمهم أن القضاء يحتاج إلى ذكاء وفراسة وفطنة، نعم كما شهد شاهد في قصة يوسف (( قال إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين * وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين )) فمثل هذه الأمور والقرائن يعني ينبغي للقضاة وغير القضاة أيضًا أن يدركوها حتى ينتفعوا بها، ومن فوائد هذا الحديث: أن قضاء القاضي لا يحل الحرام أن قضاء القاضي لا يحل الحرام، وعلى هذا فيكون قضاء القاضي نافذًا ظاهرًا لا باطنًا واضح، الدليل أنه توعد من حكم له بأنه يقتطع له قطعة من النار، فلو أن إنسانًا ادعى على شخص أنه زوجه ابنته وأنكر الرجل ولي المرأة الذي هو أبوها أنكر، فأتى هذا المدعي بشهود وشهدوا عند الحاكم عند القاضي بأن العقد قد تم، ماذا يحكم القاضي بأي شيء؟ بالظاهر ( إنما أقضي بنحو ما أسمع ) قضى بأن البنت زوجته، فهل يكون وطؤه إياها حلالًا؟ لا، يكون زنا حتى وإن حكم له ظاهرًا بأنها زوجته، طيب ما موقف البنت في هذه الحال؟ ليس لها طريق إلا أن يعاد العقد من جديد على وجه صحيح وتنتهي المشكلة، وإما أن تحاول الإبعاد عنه ومنعه من الاستمتاع بها بقدر الإمكان لأنها لا تحل له، هذا هو ما دل عليه الحديث أن حكم الحاكم إيش؟ لا يحل الحرام وأنه ينفذ ظاهرًا لا باطنًا، لا يقول القائل: أنا حكم لي القاضي وفي ذمته، ومن فوائد هذا الحديث: عقوبة من أخذ مالًا بغير حق، فهل يقال إن كل من أخذ مالًا بغير حق فإنما يأكل نارًا؟ لا، لكن إذا كان هناك سبب مثل أن يكون وليًّا على قصّار لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم هذا إنما يأكلون في بطونهم نارًا، أو كان على شكل خصومة وخداع للقاضي، لأن هذه جناية عظيمة خداع القضاة جناية عظيمة وفساد في المجتمع، فهذا يأخذ قطعة من النار، أما إذا كان مجرّد ظلم فإنه لا يحكم له بذلك ما لم ترد الشريعة بهذا.