فوائد حديث : ( من ولاه الله شيئاً من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم ... ). حفظ
الشيخ : ففي هذا الحديث: الوعيد على من احتجب عن حاجات المسلمين وفقرائهم وأمورهم إذا كان الله تعالى قد ولاه عليهم، لأن الله إذا ولاه عليهم فهذا عهد وميثاق من الله أن يقوم بحاجتهم، ولولا أنه أهلٌ لذلك لما ولاه الله على هذا، ولكن إذا احتجب لم يكن أهلًا، ففي هذا الحديث من الفوائد فوائد كثيرة أولًا: أن الإنسان مدبّر لا يستقل بنفسه لقوله: ( من ولاه الله ) ففيه رد على القدرية، القدرية الذين يقولون إن الإنسان مستقل بعمله ولا علاقة لله به -نسأل الله العافية- لا يعلم الله من عمل العبد إلا ما أظهره فقط، أما ما لم يظهره فلا شأن لله فيه ولكن هذا الحديث يرد عليهم، ومن فوائد هذا الحديث: وجوب بروز الإنسان للمسلمين لقضاء حوائجهم إذا كان وليًّا عليهم، دليل الوجوب الوعيد على الاحتجاب، ولكن لو قال قائل: هل هذا الحديث يشمل كل وقت؟ بمعنى لو جاء الناس إليه وهو في فراشه في ليلة باردة وقد أخذه الدفء ثم قرعوا عليه الباب وقالوا اخرج، لا، لأنه يقال هنا لم يحتجب عن حاجتهم، لأن الله يقولك (( لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها )) ولكن يجب أن يكون للولي يعني أوقات معلومة يراجعه الناس فيها، أوقات معلومة تكون مناسبة للناس يراجعونه فيها ثم بعد ذلك يحتجب لقضاء حاجاته، أو يحتجب للاستعانة على قضاء حاجاتهم لأنه لو يبقى لا ينام ولا يأكل نعم هلك ولم يقض حاجاتهم، ومن فوائد هذا الحديث: أن الجزاء من جنس العمل، لأنه لما احتجب عن المسلمين احتجب الله دون حاجته، ومن فوائده: التخصيص بعد التعميم، ولكن هذا لا يكون إلا لسبب هنا التخصيص بعد التعميم في قوله: ( وفقيرهم ) عن حاجتهم عمومًا وفقيرهم خصوصًا، وإنما نص عليه لأن من الولاة من لا يحتجب عن الأغنياء ويحتجب عن الفقراء، المهم أن لدينا قاعدة لا يمكن أن ينص على خاص بعد عام إلا وهناك مزيد عناية لسبب، هل يدخل في هذا القاضي؟ نعم يدخل في هذا القاضي، لا يجوز أن يحتجب عن حاجات المسلمين، لكن كما قلت يرتب أحواله وهذا الآن هو المعمول به جلسة القاضي من كذا إلى كذا مفهوم معلوم، وكذلك غيره من الولايات كانوا بالأول قبل أن تتطور الأمور ويكثر الناس ويكثر الحكومات كان القاضي يقضي أي وقت حتى إنه يمشي في السوق ويقضي بين الناس، ويجلس على دكان صاحبه ويقضي بين الناس على دكان على عتبة الدكان ويقضي بين الناس، وجاء رجلان يختصمان إلى أحد القضاء وهو قد نام القيلولة فجعلوا يضربون الباب، لكن الظاهر أنهم من جنس الأعراب الذين ينادون من وراء الحجرات قرعوا الباب عليه ولزموا لزموا لما أن خرج الرجل قال كيف تجوني بهذا الوقت هذا الناس مقيلين؟ قالوا نعم أنت تأخذ كذا وكذا من صاع البر، وكان مكافأة القضاة بالأول يعني أصواع قليلة من البر وأوزان من التمر تأخذ كذا وكذا من التمر وكذا وكذا صاع من البر وتنام عن حاجات الناس، هذا ما يمكن يالله امشي فجعلوا يختصمون كل واحد في حجة، قال يا جماعة أطلتم عليّ أعطوني الزبدة الزبدة التي خلاصة الكلام، لكن الزبدة من اللبن خلاصة اللبن ولا يمكن تأتي إلا بعد أن يخض السقاء، فقالوا له مافي زبدة إلا تخض نعم يعني سوف نكثر القيل والقال والخصومة فاستسلم لأمر الله، فالحاصل أنه إذا لم يكن هناك وقت مرّتب للقاضي فإنه لا يحتجب عن الناس إلا في أمور ضرورية أو لمصلحة القضاء.