وعن أبي أمامة الحارثي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من اقتطع حق امرىءٍ مسلمٍ بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة ) فقال له رجلٌ: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال: ( وإن كان قضيباً من أراك ) رواه مسلمٌ. حفظ
الشيخ : نبدأ إن شاء الله درس جديد.
يقول وعن أبي أمامة الحارثي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من اقتطع حق امرىء مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة ) ( من اقتطع ) جملة شرطية فعل الشرط هو اقتطع وجوابه: ( فقد أوجب الله ).
وإنما اقترن جواب الشرط بالفاء لأنه مقرون بقد، وقد إذا كانت في جواب الشرط فإنه يجب أن يؤتى قبلها بالفاعل كصاحباتها وهن المجموعات في قول الناظم؟
الطالب : " اسمية طلبية وبجانب *** وبلن وقد وبالتنفيس ".
الشيخ : " اسمية طلبية وبجانب *** وبلن وقد وبالتنفيس ".
وقوله: ( من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه ) أي: بحلف، وهذا له صورتان، الصورة الأولى: أن يدعي شيئًا ويأتي بشاهد ويحلف معه وهو يعلم أنه كاذب فهنا اقتطع حق، لأنه استباح ماله بيمين كاذبة. والصورة الثانية: في مقام الدفاع بأن يكون على شخص حق ثم ينكره وليس للمدعي بينة، فهنا سوف يحلّف المدعى عليه ويخلى سبيله فيكون قد اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق
إذن لها صورتان، الصورة الأولى: في دعوى ما ليس له، والصورة الثانية: في إنكار ما يجب عليه وكلاهما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة ) أوجبها له أي جعله مستحقًّا لها، لأنه فعلها هذا الأمر العظيم انتهك حرمتين، الحرمة الأولى: حرمة الرب عز وجل حيث حلف به كاذبًا، والحرمة الثانية: حرمة صاحب الحق، ومن أجل ذلك صار وعيده هذا الوعيد الشديد وحرّم عليه الجنة أي حرّم عليه دخولها.
فقال رجل: " وإن كان شيئًا يسيرًا؟ " أي: وإن كان الحق الذي اقتطعه شيئًا يسيرًا يا رسول الله، قال: ( وإن كان قضيبًا من أراك ) الأراك هو شجر السواك، وقوله: ( قضيبًا ) يعني ما يقضب باليد وظاهره ولو كان عودًا واحدًا تقضبه كذا بيدك تقطعه، وإنما قال الرسول: ( وإن كان قضيبًا من أراك ) مبالغة في القلة وعدم المبالاة به لأن أكثر الناس لا يبالي بالسواك وما أشبه ذلك، فإذا اقتطع مال امرئ مسلم ولو كان يسيرا حصل له هذه العقوبة.