وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم أريد على ابنة حمزة ، فقال : ( إنها لا تحل لي ، إنها ابنة أخي من الرضاعة ، ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ) . متفق عليه . حفظ
الشيخ : ثم قال : " وعن ابن عباس رضي الله عنهما : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أُريد على ابنة حمزة ) " :
أريد أي : طُلب منه أن يتزوجها ، أريد عليها أي : طلب منه أن يتزوجها ، ( فقال : إنها لا تحل لي ) ، ثم علل مبينًا الحكم : ( إنها ابنة أخي من الرضاعة ) ، حمزة بن عبد المطلب أخو النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الرضاعة ، فإذا كان أخاه من الرضاعة كانت بنته بنت أخيه وهو عمها ، يقول : ( إنها ابنة أخي من الرضاعة ، ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) : هذه القاعدة : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، فإذا كان العم من النسب يحرم أن يأخذ ابنة أخيه فكذلك أنا عمها من الرضاعة فيحرم عليَّ أن أتزوجها ، والذي يحرم من النسب سبع مذكورة في قوله تعالى : (( حرِمت عليكم أمَّهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمَّاتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت )) : هذه سبع محرمة بالنسب ، وضبطها بعض الفقهاء بقوله :
" الأصول وإن علوا ، والفروع وإن نزلوا ، وفروع الأب الأدنى وإن نزلوا ، وفروع الأب الأعلى لصلبهم خاصة " : منضبط هذا ؟ ها ؟ الأصول وإن علوا ، والفروع وإن نزلوا ، وفروع الأصل الأدنى وإن نزلوا ، وفروع الأصل الأعلى لصلبهم خاصة ، واضح ؟ الأصول وإن علوا الأمهات والجدات وإن علون الفروع البنات وبنات الأبناء وإن نزلوا ، وفروع الأصل الأدنى الإخوة وأبنائهم الأخوات وبنات الإخوة وإن نزلوا ، فروع الأصل الأعلى لصلبهم خاصة :الأعمام فقط ، العمات دون فروعهن ، وبنات الأعمام حرام أيضا ؟
الطالب : لا .
الشيخ : ليش ؟ لأنا قيدنا لصلبهم خاصة .
طيب فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، فإذا كان المحرمات من النسب سبعا كان المحرمات من الرضاع سبعا .
وفُهم منه أن ما يحرم بغير النسب لا يحرم بالرضاع ، فأم الزوجة حرام على زوج ابنتها ولكن لا من أجل النسب لأنه ليس بينها وبينه نسب ، لأن النسب هو القرابة ، وإذا لم يكن بينه وبينها نسب فلا تحريم .
بنت الزوجة وهي الربيبة حرام على الزوج بالنسب ؟ لا ، النسب بينها وبين الواسطة لا بينها وبين من تعلق به التحريم والحديث : ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) بين الطرفين مباشرة ، أما بواسطة فلا ، ولهذا لو سألت سائلا : هل بنت زوجتك حرام عليك بالنسب ؟ لقال : لا أبدا ليس بيني وبينها نسب ، هي من آل فلان ، وأنا من آل فلان .
إذًا مفهوم الحديث أنها لا تحرم ، مفهوم الحديث أنها لا تحرم ، وبهذا استدل شيخ الإسلام -رحمه الله- على أن الصهر لا أثر له في الرضاع ، لأن الحديث ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) لا من الصهر ، والعجيب أن هذا الحديث استدل به الجمهور الذين يقولون : إن الصهر له أثر في الرضاع ، وإن بنت الزوجة من الرضاع كبنتها من النسب ، وإن أم الزوجة من الرضاع كأمها من النسب ، فاستدل به اثنان على أمرين كل واحد منهما ضد الآخر .
ولكن عند التأمل يتبين أن ما ذهب إليه الشيخ رحمه الله هو الأصح ، وذلك لأن التحريم بالنسب في مسألة الصهر ليس من باب النسب المباشر ، النسب بين المحرَّم وبين الواسطة واسطة التحريم ، بنت الزوجة ما هي الواسطة بينك وبينها في التحريم ؟ الزوجة ، النسب ثابت لبنت الزوجة مع الزوجة ، وليس لك أنت مع بنت الزوجة ، والخطاب إنما هو يحرم من الرضاع على من تعلق به التحريم ، ما يحرم بالنسب .
ولكن لو قال قائل : هل تجيزون أن يتزوج الإنسان - أو بعد ما نأخذ الفوائد طيب - .
( يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ) ما : في قوله : ( ما يحرم من النسب ) محلها من الإعراب موصوله محلها من الإعراب ؟
الطالب : فاعل .
الشيخ : فاعل ، فاعل يحرم نعم .
وقوله : ( مِن النسب ) : النسب القرابة سواء كان من جهة الأب أو من جهة الأم في هذه المسألة ، لأن باب النكاح يتساوى فيه قرابة الأم وقرابة الأب ، بخلاف باب الإرث فإنه يختلف فيه قرابة الأم والأب ، فالخال لا يرث وهو أخ الأم والعم يرث وهو أخ الأب ، لكن في باب النكاح تتساوى القرابتان قرابة الأم وقرابة الأب ، فالجدة أم أب الأم في الميراث ليس لها شيء ، في تحريم النكاح يثبت التحريم في حقها ، فيحرم على الإنسان أن يتزوج أم جده من قبل الأم مع أنه لا علاقة بينهما في باب الميراث .
طيب ما اشتهر عند العامة الآن من أن النسب هو المصاهرة نقول :
هذه لغة عامية ، والذي ينبغي في اللغات العامية إذا خالف مدلولها مدلول الاصطلاح الشرعي أن تغير ، فلا يقال : نسيبي فلان ، عند الناس الآن رحيمي فلان نسيبي فلان يعني قريب زوجتي ، وهذا ليس بصحيح ، لأن الله جعل النسب قسيم الصهر فقال : (( وهو الَّذي خلق من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصهرًا )) ، فكيف نجعل الصهر نسبا لا يستقيم طيب .