فوائد حديث : ( إنها لا تحل لي ، إنها ابنة أخي من الرضاعة ... ) . حفظ
الشيخ : نرجع إلى فوائد الحديث :
من فوائد الحديث : شدة محبة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى إنهم يعرضون عليه بناتهم .
ومن فوائد الحديث أيضًا : حكمة النبي عليه الصلاة والسلام في أنه إذا رد الأمر يبين السبب ، لأن في ذلك سكنٌ لصاحبه ، وتطييب لخاطره ، وهذه قاعدة النبي عليه الصلاة والسلام ، لما أهدى إليه الصعب بن جثَّامة حمار الوحش وهو محرم عليه الصلاة والسلام رده عليه ، فلما عرف ما في وجهه قال : ( إنا لم نرده إلا أنا حرم ) وهذه من الآداب العالية : " أنك إذا ردت شيئا لسبب ما أن تبين السبب من أجل يطيب قلب صاحبك " .
ومن فوائد هذا الحديث : حسن تعليم الرسول عليه الصلاة والسلام بقرن الحكم بالعلة ، لقوله : ( إنها لا تحل لي ، إنها ابنة أخي من الرضاعة ) .
ومن فوائده : القاعدة العظيمة في التحريم في الرضاع : ( وأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) ، وقد عرفتم في الشرح أن المحرمات بالنسب سبع فيكون المحرمات في الرضاع سبع ، وما عداهن فالأصل الحل ، وبناء على ذلك نقول : يحرمُ على الإنسان أمُّه التي أرضعته وبنته التي رضعت منه من لبنه ، وأخته وعمته وخالته وبنت أخيه وبنت أخته من الرضاع ، وهل يحرم عليه أم زوجته من الرضاع ؟
لا ، زوجة ابنه من الرضاع ؟ لا ، هذا هو الذي يدل عليه النص ، وليس هناك دليل على التحريم بالمصاهرة إلا هذا الحديث ، وهذا الحديث كما ترون دلالته ظاهرة في أنه لا أثر للرضاع في تحريم المصاهرة .
فإن قال قائل : على هذا التقرير يجوز للإنسان أن يتزوج أم زوجته من الرضاع ؟ قلنا : نعم ، يجوز ، لأنه إذا كان الرضاع في حقها لا يؤثر فقد قال الله تعالى : (( وأحلَّ لكم مَّا وراء ذلكم )) ، ولكن هل يجوز أن يجمع بينها وبين بنتها من الرَّضاع ؟ نقول : لا يجوز ، لأنه إذا حرم الجمع بين الأختين ، فالجمع بين الأم وبنتها من باب أولى .
طيب هذا ما يقتضيه تقريرنا ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، ولكن من حيث الفتوى لا نفتي بالجواز ، وذلك أنَّ جمهور العلماء ومنهم أصحاب المذاهب الأربعة على أن الرَّضاع له أثر في الصهر ، فلا نفتي بذلك لئلا يحصل ارتباك في مسألة القضاء ، لو ترافعوا للقضاة فالقضاة سيحكمون بما عليه الجمهور ، وحينئذ يحكمون بفساد العقد مثلا ، وإذا فسد العقد فسد ما يترتب عليه ، فنقول : النساء كثير ولا تتزوجها ، نعم لو لم يبق من بنات آدم إلا بنت زوجتك من الرضاع فلك أن تتزوجها ، لأن المسألة ما فيها نص يدل على التحريم ، ولا غرابة في هذا : أن نقول : لا تتزوجها ولست محرماً لها ، ليس فيها غرابة ، فإن قضية سودة بنت زمعة مع الغلام الذي ادعاه سعد بن أبي وقاص وقال : إنه ابن أخي عتبة ، وعارضه فيه عبدُ بن زمعة ، قد حكم به النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعبد بن زمعة ، ومع ذلك قال لسودة وهي أخته قال لها : ( احتجبي منه يا سودة ) ، لأنه رأى شبهاً بيناً بعتبة بن أبي وقاص ، فجمع النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحكم بين الاحتياط وإثبات الحكم .
ومن فوائد هذا الحديث : أن للتغذية أثراً في التقارب بين الناس ، وفي غيره ، لأن هذا الطفل لما تغذى باللبن صار كأنه من أهل اللبن ، في مسألة النكاح ، والاحتياط له ، ولا شك أن الإنسان يتأثر بما يتغذى به ، ولهذا نص العلماء في باب الرضاع على أنه : " يكره استرضاع المرأة الحمقاء ، وسيئة الخلق ، لأن ذلك يؤثر في طباع الصبي ، ولذلك أيضًا حُرِم ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير ، لأن هذه حيوانات عادِيَة فيُخشى على من تغذى بها أن يكتسب من طباعها ، والمسألة معروفة طبًا بوضوح : أن التغذية لها تأثير حتى في الصحة ، نعم .
الطالب : شيخ قول الجمهور : كيف يردون قول شيخ الإسلام ؟ والله عز وجل يقول : (( حرمت عليكم أمهاتكم )) إلى أن قال : (( وأمهاتكم من الرضاعة )) ، والعطف يقتضي المغايرة ؟
الشيخ : نعم ، يردونه بأن يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب المباشر والذي بواسطة .
الطالب : هل يعتبر من النسب ؟
الشيخ : لا .
الطالب : ... .
الشيخ : هذا هو ، أنا أرى لو تراجع كلام ابن القيم -رحمه الله- في * الزاد * تكلم عليها بكلام لا يوجد في غيرها ، نعم ؟
الطالب : إذا قال قائل : يخرج من هذا الحديث : ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) : أه يحرم إخوة المرضع .
الشيخ : يحرم إخوة إيش ؟
الطالب : إخوة المرضع .
الشيخ : المرضع .
الطالب : لا مرضع هو الزوج ، يعني امرأة وهذا الولد له أخوال مثلا واحد امرأة أرضعت ، وإخواننا ليس حرام .
طالب آخر : يعني إخوة المرتضع .
الشيخ : طيب ، نقول هذا غير صحيح .