عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين ، إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه ). متفق عليه حفظ
الشيخ : قال : " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقدَموا رمضان بصوم يوم ولا يومين ) " :
لا : ناهية ، والدّليل على أنّها ناهية؟
الطالب : جزم الفعل.
الشيخ : جزم الفعل بها ، حيث حذفت منه النّون.
وقوله: ( تقدّموا ) : هي فعل مضارع حذفت منه إحدى التّائين وأصلها تتقدّموا، وحذف إحدى التّائين كثير في اللغة العربيّة ومنها قوله تعالى: (( فأنذرتكم نارا تلظّى )) أي؟
الطالب : تتلظّى.
الشيخ : تتلظّى، ولولا أنّنا قلنا أنّه محذوف التّائين لكان تلظّى فعل؟
الطالب : ماضٍ.
الشيخ : ماضٍ، ولاّ لا؟
طيب هنا تقدّموا، لولا أنّنا قمنا بحذف إحدى التّائين لكان؟
الطالب : ماضيا.
الشيخ : فعلا ماضيا، تقول: جاء القوم فتقدّموا.
( لا تقدّموا رمضان ) اسم للشّهر، يعني لا تقدّموا هذا الشّهر المسمّى بهذا الاسم.
( بصوم يوم ولا يومين نعم ).
استثنى قال: ( إلاّ رجل ٌكان يصوم كان يصوم صوما ) : عندكم في الشّرح يقول إنّ رواية مسلم : ( إلاّ رجلا ) ولكن ليس بصحيح ، فإنّ رواية مسلم : ( إلاّ رجل ) كما قال المؤلف رحمه الله ( إلاّ رجل ) .
أما البخاري فقال: ( إلاّ أن يكون رجلٌ يصوم صوما فليصمه ) ، أما لو صحّت النّسخة : ( إلاّ رجلا ) فالظّاهر أنّه لا إشكال فيها ، لأنّها منصوبة على؟
الطالب : الاستثناء.
الشيخ : الاستثناء، لكن ( إلاّ رجلٌ ) قالوا : إنّه مستثنى من الواو في: ( لا تقدّموا ) ، والنّهي كالنّفي ، فيكون الاستثناء من تامّ غير موجب ، فجاز أن يبدل من المستثنى منه، والمستثنى منه مرفوع ولاّ لا؟
الطالب : مرفوع.
الشيخ : مرفوع، طيب .
قال: ( إلاّ رجلٌ كان يصوم صوما ) يعني: اعتاد أن يصوم صوما فليصمه: الفاء قابضة، واللّام للأمر المراد به الإباحة، وليس المراد به الاستحباب ولا الوجوب، المراد به الإباحة، لأنّه في مقابلة النّهي فكان للإباحة، كما لو قلت: زبد لا تكرمْه وعمروًا أكرمه، أي: يباح لك أن تكرمه.
طيب في هذا الحديث ينهى رسول الله عليه الصّلاة والسّلام الأمّة أن يتقدّموا رمضان، والخطاب للصّحابة: ( لا تقدّموا ) الخطاب لأناس عنده، الخطاب للصّحابة خطاب للأمّة جميعا، والخطاب للواحد من الصّحابة خطاب للصّحابة جميعا، وعليه فإذا وجّه الخطاب لواحد من الصّحابة فهو لمن؟
الطالب : للأمّة.
الشيخ : لجميع الأمّة، والخطاب للصّحابة خطاب للأمّة.
فينهى النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام أمّته أن يتقدّموا رمضان بصوم يوم أو يومين، لماذا؟
قيل: لأجل أن ينشطوا لاستقبال رمضان، لأنّ الإنسان إذا صام قبل يوم أو يومين يأتي رمضان وهو كسلان وتعبان من الصّوم السّابق وهذه العلّة كما ترون عليلة ليش؟
لأنّه لو كان كذلك لكان الذي يصوم قبل رمضان بأربعة أيّام أشدّ نهيا وإلاّ لا؟ مع أنّ الحديث يدلّ على الجواز.
وقيل: إنّ العلّة لأجل الفرق بين الفرض والنّفل، وهذا قد يكون فيه نظر، لأنّه لو كانت العلّة هكذا لم يكن فرق بين من كان يصوم صوما ومن لم يكن لكان النّهي عامّا.
وقيل: إنّ العلّة لئلاّ يفعله الإنسان من باب الاحتياط فيكون ذلك تنطّعا، من باب الاحتياط كيف؟
الطالب : لرمضان.
الشيخ : لرمضان، من باب الاحتياط لرمضان، يقول: أنا أخشى سبحان الله وإن كان رجب ناقص وشعبان ناقص أصوم يومين خوفا من النّقص، فيكون هذا من باب التّنطّع.
وقيل: لأن لا يظنّ الظّانّ أنّ هذا الصّوم من رمضان فيكون قدحا في الحكم الشّرعيّ الذي علّق صوم رمضان بماذا؟
الطالب : بالهلال.
الشيخ : برؤية الهلال، وهذا الأخير والذي قبله هو أقرب العلل، أمّا ما سبق فهي علّة عليلة، وهنا علّة لكلّ مؤمن وهي؟
الطالب : اتّباع أمر الله.
الشيخ : امتثال أمر الله ورسوله، العلّة أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عنه ولهذا لمّا سئلت عائشة رضي الله عنها : ( ما بال الحائض تقضي الصّوم ولا تقضي الصّلاة؟ قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصّوم ولا نؤمر بقضاء الصّلاة ).