فوائد حديث ( لا تقدموا رمضان بصوم يوم ...). حفظ
الشيخ : ففي هذا الحديث من الفوائد:
أوّلًا: النّهي عن تقدّم رمضان بصوم يوم أو يومين، لقوله: ( لا تقدّموا )، وهل هذا النّهي للتّحريم أو للكراهة؟
فيه قولان لأهل العلم: منهم من قال: إنّه للتّحريم، ومنهم من قال: بل للكراهة. الذين قالوا إنّه للتّحريم احتجّوا يا بندر بأنّ الأصل في النّهي؟
الطالب : التّحريم.
الشيخ : التّحريم إلاّ بدليل، والذين قالوا إنّه للكراهة قالوا: لأنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام استثنى قال: ( إلاّ رجل كان يصوم صوما فليصمه ) ولو كان للتحريم ما جاز أن يصام حتّى في العادة، بدليل أنّ أيّام التّشريق لما كانت حراما صار صيامها جائزا إن كان للعادة ولاّ حراما؟
الطالب : حراما.
الشيخ : حراما، وبدليل أيضا أيّام العيدين لما كان صومها حراما كان صوم العيد حراما ولو وافق العادة.
طيب ومن فوائد الحديث أيضا: جواز تقدّم الصّوم قبل رمضان بأكثر من يومين لقوله؟
الطالب : ( يوم أو يومين ).
الشيخ : ( يوم أو يومين )، ولكن هل إذا صام قبل رمضان بثلاثة أيّام يستمرّ أو نقول إذا بقي يوم أو يومان فأمسك؟
الطالب : يمسك .
الشيخ : أنتم فاهمين؟
يعني رجل صام قبل رمضان بثلاثة أيّام، فهل نقول إنّك لمّا بدأت الصّوم قبل رمضان بثلاثة أيّام أتمّه؟ أو نقول إذا بقي يومان يمسك؟
الطالب : الثاني .
الشيخ : نشوف الحديث ( لا تقدّموا رمضان بصوم يوم أو يومين ) هل يصدق على هذه الصورة، على صورة رجل صام في اليوم السّابع والعشرين والثامن والعشرين والتّاسع والعشرين؟
الظاهر أنّه يصدق عليه، ونقول: إذا بقي يومان فأمسك، إلاّ إذا كنت تصوم صوما فصمه، مثل لو كان يصوم ثلاثة أيّام من كلّ شهر وصام السّابع والعشرين والثامن والعشرين والتّاسع والعشرين فهذا لا بأس به.
أو كان يصوم يوم الاثنين عادة فصادف يوم الاثنين التّاسع والعشرين لا بأس. أو كان يصوم الخميس عادة فصام يوم الخميس في التّاسع والعشرين فلا بأس، أو كان بقي عليه من رمضان الماضي أيّامٌ فأكملها قبل رمضان بيوم أو يومين فلا بأس لأنّ صومه حينئذ يكون؟
الطالب : واجبا.
الشيخ : واجبا، وقوله: ( إلاّ رجل ) هل المرأة كالرّجل؟
الطالب : نعم.
الشيخ : هاه؟
الطالب : نعم.
الشيخ : لأنّ الأصل في الأحكام تساوي الرّجل والمرأة إلاّ بدليل يدلّ على الخصوصيّة.
طيب رجل يصوم يوماً ويفطر يوما فصادف يوم صومه التاسع والعشرين؟ هاه؟
الطالب : يصوم.
الشيخ : يصوم، نعم، لقوله: ( إلاّ رجل كان يصوم صوما فليصمه ).
ومن فوائد الحديث أيضًا الإشارة إلى النّهي عن التنطّع وتجاوز الحدود بناء على أنّ العلّة هي خوف أن يلحق هذا برمضان.
ومنها: أنّ للعادات تأثيرًا في الأحكام الشّرعيّة، من أين يؤخذ؟
الطالب : ( إلاّ رجل كان يصوم صومًا فليصمه ).
الشيخ : ( إلاّ رجل كان يصوم صومًا فليصمه ) ولكن ليس معنى ذلك أنّ العادات تؤثّر على كلّ حال، لكن لها تأثير، وقد ردّ الله عزّ وجلّ أشياء كثيرة إلى العُرف، والعلماء أيضا ذكروا بعض الأشياء تفعل أحيانا لا اعتيادا كما قالوا يجوز أن يصلّي الإنسان النّفل جماعة لكن أحيانا، لو أردت مثلا أن تقوم صلاة اللّيل أنت وصاحبك جماعة أحياناً فلا بأس، لأنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام فعل ذلك مع ابن عبّاس وحذيفة، أمّا أن تتّخذ ذلك سنّة راتبة نعم فلا، إذا اعتادها، فهذا دليل على أنّ للعادة تأثيرا في الأحكام الشّرعيّة سلباً أو إيجاباً.
ومن فوائد الحديث: أنّ الأمر قد يأتي للإباحة لقوله: ( فليصمه ) ، حيث قلنا إنّها للإباحة، وهل يأتي الأمر للإباحة في غير هذا الموضع؟
الطالب : نعم.
الشيخ : كثيرا ما يأتي للإباحة وقد قالوا في الضّابط لإتيان الأمر للإباحة أن يكون في مقابلة المنع شرعا أو عرفا : (( وإذا حللتم فاصطادوا )) هذا في مقابلة المنع شرعا ، فإذا كنت مُحرما حرم عليك الصّيد، إذا حللت؟
حلّ لك الصّيد، أو نقول: إذا حللت فخذ البندقيّة واذهب صد الطّيور؟
الطالب : لا.
الشيخ : ها؟
الطالب : لا.
الشيخ : ليس كذلك، لكنّه مباح، لأنّه في مقابلة المنع : (( لا تقلوا الصّيد )) أو (( لا تحلّوا شعائر الله ولا الشّهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمّين البيت الحرام يبتغون فضلاً من ربّهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا )) .
طيب (( فإذا قضيت الصّلاة فانتشروا في الأرض )) ها؟
الطالب : للإباحة.
الشيخ : للإباحة، نعم لأنّها في مقابلة المنع، هذا الشّرعي، العرفي: استأذن عليك رجل فقلت ادخل، هذا أمر للإباحة أو للإلزام؟
الطالب : للإباحة.
الشيخ : ها؟
الطالب : للإباحة.
الشيخ : للإباحة أو لا؟
الطالب : نعم للإباحة.
الشيخ : للإباحة معلوم، ولهذا لو جئت وأنت ما دخلت ما أنّبتك، ولا يؤنّب أحدٌ شخصا لم يدخل إلاّ رجلا يعتبر أحمق، لو قلت: ادخل، ولم يدخل، بعض الناس إذا قلت: ادخل وما دخل، وجاء بجانب الباب يزجرك، ليش أنا قلت ادخل وأنت ما دخلت، فماذا يقول؟
الطالب : الأمر للإباحة.
الشيخ : فيقول: الأمر للإباحة، لكن إذا كان عامّيّا لا يعرف يقول: طيب الأمر للإباحة أوافقك على هذا ، لكن أنت الآن تسخر بي، ليش تستأذن منّي لكن لمّا أذنت ما دخلت؟!
الطالب : غير رأيه.
الشيخ : غيّر رأيه أي طيّب، أجل يستاهل.
على كلّ حال الأمر في مقابلة المنع يكون للإباحة سواء كان المنع شرعيّا أو عرفيّا طيب، لأنّه يقول : ( فليصمه ) .
طيب الضّمير في قوله: ( فليصمه ) ؟
الطالب : ...
الشيخ : لا ، الضّمير المفعول : ( فليصمه ) أي: فليصم الصّوم الذي كان يصومه من قبل.
من فوائد الحديث: الإشارة إلى ضعف ما يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه رواه أهل السّنن : ( إذا انتصف شعبان فلا تصوموا ) ، فإنّ هذا الحديث ضعيف ، أنكره الإمام أحمد ، وإن كان بعض العلماء صحّحه أو حسّنه وأخذ به ، وقال: إنّه يكره الصّوم من السّادس عشر من شعبان إلى أن يبقى يومان، فإذا بقي يومان صار الصّوم حراما لهذا الحديث، والصّواب أنّ ما قبل اليومين ليس بمكروه وأمّا اليومان فهو ممنوع.
الطالب : كان يصوم صوما!
الشيخ : كان يصوم صوما : فرض على ثلاثة أوجه نعم، وهي :
أوّل ما فرض صوم عاشوراء، ثمّ فرض صوم رمضان على التّخيير، ثمّ فرض صوم رمضان على التّعيين، يعني: لا بدّ من الصّوم، فهذه ثلاث مراحل.
أمّا المرحلة الأولى فدلّ عليها أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أصحابه أن يصوموا عاشوراء.
وأمّا المرحلة الثانية فقوله تبارك وتعالى: (( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوّع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون )).
وأمّا الثالثة : فهي قوله بعدها : (( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للنّاس وبيّنات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشّهر فليصمه ومن كان مريضًا أو على سفر فعدّة من أيّام أُخَر )) فهذه ثلاث مراحل .
والحكمة من ذلك : أنّ الصّوم فيه نوع مشقّة على النّفوس ، فتدرّج التّشريع شيئاً فشيئاً ، لأنّ كلّ شيء يشقّ على النّفوس فالله عزّ وجلّ بحكمته ورحمته يلزم العباد به شيئاً فشيئاً ، ونظير ذلك تحريم الخمر ، فإنّه جاء على ثلاث مراحل المرحلة الأولى؟
الطالب : لا تقربوا الصلاة .
الشيخ : لا، أربع مراحل صحّ:
المرحلة الأولى : الإباحة، وإن كان هذه قد لا تعدّ مرحلة لأنّها على الأصل لكنّ الله نصّ على ذلك: (( ومن ثمرات النّخيل والأعناب تتّخذون منه سَكَرًا ورزقا حسناً )).
ثمّ الثانية: (( ويسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للنّاس وإثممهما أكبر من نفعهما )).
ثمّ الثالثة: (( يا أيّها الذين آمنوا لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون )).
ثمّ الرّابعة: (( يا أيّها الذين آمنوا إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشّيطان فاجتنبوه لعلّكم تفلحون )) نعم .
طيب الصّيام ما منزلته من الدّين؟
صام النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم تسع رمضانات إجماعًا، هذان إجماعان: فرض في السّنّة الثانية، وصام الرّسول عليه الصّلاة والسّلام تسع رمضانات بالإجماع. طيب في الحديث أوّلا: ( لا تقدّموا ) حيث دخلت: لا النّاهية على فعل ماضٍ، نقول فيه إشكال : كيف تدخل لا الناهية على فعل ماض ؟
طيب استدلّ الإمام أحمد بهذا الحديث على ضعف حديث آخر وهو ؟
الطالب : الإمام أحمد قال : منكر يا شيخ .
الشيخ : ما هو ؟