فوائد حديث ( أن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني رأيت الهلال ...). حفظ
الشيخ : أمّا حديث ابن عبّاس ففيه أوّلا قبول شهادة الأعرابيّ، والأعرابيّ كما مرّ علينا هو ساكن البادية وهو كذلك إذا ثبتت عدالته.
وفيه أيضاً وجوب التّحرّي في مجهول الحال لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سأل هذا الأعرابيّ: أتشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله؟ قال: نعم.
فأمّا من ظاهره العدالة فلا يبحث عنه، لكن لما كان الأعراب غالبهم لا يعرف الأحكام الشّرعيّة سأل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هذا الأعرابيّ هل هو مسلم أم لا.
وفيه أنّ النّاس مؤتمنون على ديانتهم، لأنّه لما قال: أتشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله؟ قال نعم، لم يقل: من يشهد لك، وبناء عليه فإذا قيل للرّجل: صلّ، فقال: قد صلّيت نعم، ندعه هو ودينه إلاّ أن يقول: صلّيت في المسجد الفلاني وشهد أهل المسجد أنّه لم يصلّ فحينئذ نقبل قوله وإلاّ لا؟
الطالب : لا.
الشيخ : ما نقبل، كذلك إذا قلنا: زكّ مالك فقال: قد زكّيت فإنّه يقبل وهو فيما بينه وبين الله، اللهمّ إلاّ إذا كان شاهد الحال يكذّبه كما إذا كان غنيّا كبيرا عنده أموال كثيرة وقال: إنّي زكّيت ونحن ما رأينا أحدا انتفع بزكاته وزكاته لو أخرجت لكان لها أثر في المجتمع لقلّته مثلا، فهذا قد نقول بعدم إيش؟
الطالب : زكاته.
الشيخ : بعدم قبول قوله، لماذا؟
لأنّ شاهد الحال يكذّبه، وشاهد الحال معتبر في الأحكام الشّرعيّة، ألم يبلغكم قصّة سليمان مع المرأتين حيث عمل بالقرينة، ما تقولون؟
الطالب : بلى.
الشيخ : بلى، ومن يقولها لنا؟ إبراهيم؟
الطالب : أن امرأتان كانتا في برية.
الشيخ : وكذلك أيضا الحاكم الذي حكم في قصّة يوسف عليه الصّلاة والسّلام حكم بالقرائن، قال: ((إن كان قميصه قدّ من قبل )) هاه؟
الطالب : فصدقت.
الشيخ : (( فصدقت وهو من الكاذبين * وإن كان قميصه قدّ من دبر فكذبت وهو من الصّادقين ))، فالمهمّ أنّ صاحب المال الذي ادّعى أنّه أدّى زكاته نقول: إذا دلّت القرينة على كذبه لم نقبل قوله وإلاّ فإنّ النّاس مؤتمنون على دينهم.
طيب وفي هذا الحديث أيضًا من الفوائد: دليل على أنّ نعم حرف جواب تغني عن إعادة السّؤال، لأنّ الرّجل لم يقل نعم أشهد أن لا إله إلاّ الله، ولهذا لو قيل للرّجل أطلّقت امرأتك؟ قال: نعم، هاه؟
الطالب : تطلق.
الشيخ : تطلق؟
الطالب : نعم.
الشيخ : أي نعم تطلق، ولو قيل له: أراجعت امرأتك؟ قال نعم، رجعت إليه، ولو قيل للرّجل: أزوّجت فلانا؟ قال: نعم، فقال الثاني: قبلت قُبِل، أو قيل للزّوج أقبلت؟ قال: نعم فإنّه يقوم مقامه، لحكم النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام بإسلامه حين قال: نعم.
ومن فوائد الحديث: أنّه ينبغي إعلان دخول الشّهر بين النّاس، لقوله: ( فإذّن في النّاس أن يصوموا غدا ).
ومن فوائده أيضًا: أنّه ينبغي أن تتّخذ الوسيلة التي تكون أقرب إلى تعميم الخبر، نعم لقوله: ( أذّن في النّاس ) يعني أعلمهم، وعلى هذا فإعلام النّاس خبر دخول الشّهر بالأصوات أو بظهور الأنوار أو ما أشبه ذلك من الأمور المشروعة.
طيب ومن فوائده أيضا: أنّه ينبغي في الإعلانات اختيار الوسيلة التي تكون أبلغ في إيصال الخبر، لأنّ بلال رضي الله عنه معروف أنّه قويّ الصّوت ولهذا أمره النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام أن يقوم في النّاس أن يصوموا غدا. انتهى أظنّ الكلام على هذا.