فوائد حديث ( دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، فقال ...). حفظ
الشيخ : فيستفاد من هذا الحديث فوائد عديدة جدّا:
أوّلا: بساطة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في معاملة أهله، وأنّه ليس ممّن يتفقّدون البيت ماذا زينوا، وماذا أخذنا من السّكّر، وماذا أخذنا من الشاي، وماذا أخذنا من الرّزّ، وما أشبه ذلك، يقول: ( هل عندكم شيء ) ما يعرف عن بيته شيئاً لأنّ البيت لمن؟
الطالب : للمرأة.
الشيخ : لربّة البيت، البيت لربّة البيت، ولهذا قال: ( هل عندكم شيء ).
ومن فوائد الحديث أيضًا: أنّه يجوز أن يخاطب الرجل الشّريف الكريم بكلمة لا، لقولها؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، وهي زوجته وهو زوجها وهو أشرف الخلق عند الله ومع ذلك تخاطبه بكلمة لا، وهذا له أمثال كثيرة، ومنها حديث جابر لما قال له عليه الصّلاة والسّلام ( بعنيه، قال: لا ) نعم ، فلا بأس أن تقول لمن خاطبك وإن كان عظيما لا، أمّا قول بعض النّاس سلامتك وما أشبه ذلك من الكلمات ..
الطالب : ما لك لوى.
الشيخ : أو ما لك لوى، أو ما أشبه ذلك فهذه من باب المجاملة، ولو أنّ الإنسان عدل إلى كلمة لا لم يكن في ذلك بأس.
سألته ليش؟
قال: رحت أطيّر الماء، مع أنّ العلماء يقولون الأولى أن يقول: أبول ولا يقول أريق الماء وكأنّه في عهدهم يقولون: أريق الماء ونحن نقول نطيّره تطييرا!
الطالب : ههههه.
الشيخ : لكن هو يقول الأولى أن أقول أبول، فهذه الكلمات التي لها معنى معروف من يستحي من البول؟ كل الناس يبولون.
طيب إذن في هذا الحديث دليل على أنّه يجوز أن يقول الإنسان: لا ، للرّجل العظيم وأنّ ذلك ليس من سوء الأدب.
وفيه أيضا دليل على جواز إنشاء نيّة صيام النّفل من النّهار، من أين يؤخذ؟
الطالب : ( فإني إذن صائم ).
الشيخ : لا، ( فإنّي إذن ) لو لا كلمة إذن لاحتمل أن يكون قد صام من قبل، لكن لما قال: إذن معناه أنّه أنشأ الصّوم من الآن، فيجوز أن ينوي النّفل من أثناء النّهار.
وهذا في النّفل المطلق، وأمّا المعيّن فإنّه يصام كما يصام الفرض من أوّل النّهار، ولكن إذا نوى من أثناء النّهار فهل يكتب له أجر الصّوم يوما كاملا، أو يكتب له من نيّته؟
الطالب : الأخير من نيّته.
الشيخ : نعم، في هذا قولان لأهل العلم:
فمنهم من قال: يكتب له أجر كامل، لأنّ الصّوم شرعًا من طلوع الفجر إلى غروب الشّمس، وإذا صحّحنا أنّ ذلك صوم فإنّ من لازمه أن يثبت له أجره من طلوع الفجر إلى غروب الشّمس.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنّه ليس له أجر إلاّ من نيّته، واستدلّ لذلك بقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( إنّما الأعمال بالنّيّات وإنّما لكلّ امرئ ما نوى )، وهذا أوّل النّهار لم ينو الصّوم، فكيف يكتب له أجره مع أنّه لم ينوه؟!
وهذا أقرب إلى الصّواب، لكن يكون الفرق بينه وبين الفرض حينئذ أنّ الفرض لا يصحّ صوم بعض يوم، وأمّا النّفل فيصحّ، طيب هل يشترط أن لا يفعل مفطّرا في أوّل النّهار؟
الطالب : نعم.
الشيخ : أو لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم؟
أمّا على قول من يقول: إنّه يكتب له الصّوم من طلوع الفجر فاشتراط أن لا يفعل مفطّرا قبل النّيّة واضح جدّا، لكن على قول من يقول: إنّ النّيّة من أوّل النّهار والأجر يكون من النّيّة هذا محلّ إشكال، لكن مع ذلك حسب ما علمت من كلام أهل العلم أنّه يشترط أن لا يكون فعل مفطّرا قبل النّيّة، فلو فرضنا أنّ هذا الرّجل أفطر بعد طلوع الشّمس فطورا كاملا قبل الظّهر قال: نويت أن أصوم إلى اللّيل يجزئ وإلاّ لا؟
لا يجزئ لأنّ هذا ليس بصوم، لكن إن نواه صوما لغويّا؟
الطالب : ...
الشيخ : يجزئ وإلاّ لا بأس به.
الطالب : لا بأس به.
الشيخ : لا بأس به، لكن غير مشروع، إن نوى به التّقرّب إلى الله ما هو مشروع.
طيب إذن يشترط أن لا يفعل منافياً للصّوم من طلوع الفجر إلى نيّته، فإن فعل منافيا للصّوم لم يصحّ صومه ولو من أثناء النّهار.
وكأنّ الشّارح رحمه الله يميل إلى أنّ التّطوّع لا تصحّ نيّـته من أثناء اليوم، نعم، لا تصحّ نيّته من أثناء اليوم، وتوهّم رحمه الله حيث قال: " إنّ في بعض سياق الحديث: ( فلقد كنت صائما ) بدل قوله: ( إنّي إذن صائم )، وقال: إنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام كان قد صام ، لكن لما سأل يريد أن يرى إن كان فيه شيء أكل وأفطر، إن كان ما فيه شيء استمرّ على صيامه "، هكذا أوّل الحديث أنتم معي وإلاّ لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب، أقول: الشّارح يرى أنّ الصوم لا يصحّ في أثناء ولو نفلا ويقول: إن في بعض ألفاظ الحديث: ( فلقد كنت صائما )، جعلها في المسألة الأولى بدل قوله: ( فإنّي إذن صائم )، لكنّ هذا وهم، لأنّ صحيح مسلم: ( فلقد كنت صائما ) بدل قوله: ( فلقد أصبحت صائماً )، فهي في المسألة الثانية لا في المسألة الأولى، وعلى هذا فيكون تأويله للحديث تأويلا غير صحيح، هذا الذي عنده الشّرح يكتب عليها حاشية لأنّ هذه الجملة ليست في المسألة الأولى وهي نيّته الصّيام في أثناء اليوم، ولكنّها في المسألة الثانية الذي قال: ( أرينيه فأكل ).
ويستفاد من هذا الحديث : مشروعيّة قبول الهديّة ولو كانت طعاما من أين تؤخذ؟
الطالب : ( أهدي لنا حيس ).
الشيخ : هاه؟
الطالب : ( أهدي لنا ).
الشيخ : ( أهدي لنا حيس ) ، خلافا لبعض النّاس الذين يترفّعون عن قبول الهديّة إذا كانت طعاما، ولا سيما في وقتنا الحاضر لما أنعم الله على النّاس صار الإنسان يستنكف إذا أهدي له هدية طعام نعم، ولكن والله لسنا خيرا من بيوت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقبلون الهديّة حتى وإن كانت طعاما، والنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام قال: ( لو أهدي إليّ ذراع أو كراع لقبلت ).
ومن فوائده أيضا: جواز أكل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الهديّة نعم لأنّه أكل منها، أمّا الصّدقة فلا تحلّ له عليه الصّلاة والسّلام، ويدلّ على أنّ الصّدقة لا تحلّ له أنّه لمّا دخل ذات يوم وجد البرمة على النّار وفيها لحم فطلب عليه الصّلاة والسّلام أن يأكل، قالوا ليس عندنا شيء قال: ( ألم أر البرمة على النّار؟ ) وش البرمة؟
الطالب : قدر .
الشيخ : قدر من فخّار، ( قالوا: ذاك لحم تصدّق به على بريرة ، قال: هو عليها صدقة ولنا هديّة ) : فأكل عليه الصّلاة والسّلام، إذن ففي هذا الحديث الأخير دليل على أنّ الصّدقة حرام على النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام، وأنّ ذلك أمر معلوم عندهم وأمّا الهديّة فهي له حلال.
ومن فوائد الحديث أيضا: جواز إصدار الأوامر على من لا يستنكف من الأمر: ( أرينيه ) ،وعليه فيكون النّهي عن سؤال النّاس لا يشمل مثل هذه الصّورة يعني النّهي عن سؤال النّاس لا يشمل من إذا سألته فرح بسؤالك إيّاه، بل قد يكون هذا من باب الأمر المطلوب والإحسان إليه، أمّا من إذا سألته استثقل السّؤال ولم يعطك الشّيء إلاّ حياء وخجلا فهذا لا ينبغي لك أن تسأله، واقض أنت حاجتك بنفسك.
ومن فوائد الحديث: جواز قطع صوم النّفل من أين يؤخذ؟
لقوله : فأكل نعم؟
الطالب : لقولها .
الشيخ : كيف؟
الطالب : لقولها.
الشيخ : نعم لقولها : ( فأكل ) فهذا أيضا دليل على جواز قطع النّفل.
لكنّ أهل العلم يقولون: لا ينبغي قطعه إلاّ لحاجة أو مصلحة، فالحاجة مثل أن يشقّ عليه تكميل الصّوم لعطش أو جوع أو نحو ذلك، والمصلحة مثل أن يكون في قطع الصّوم تطييب قلب صاحبه.
هذا الحديث على أيّ شيء يحمل على المصلحة وإلاّ على الحاجة؟
الطالب : الحاجة.
الشيخ : نشوف، يمكن أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام كان محتاجا للأكل فأكل، ويمكن أن يكون الغرض بذلك تطييب قلب أهله لأنّ قولها أهدي لنا حيس كأنّهم فرحوا به ويحبّون أن يأكل منه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فطلبه فأكل منه.
وفيه أيضا: جواز إخبار الإنسان عن عمله الصّالح وإن كان يمكنه أن يخفيه لقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: ( فلقد أصبحت صائما ) ومن الممكن أن يقول: هاتوا الحيس ويأكل بدون أن يعلموا، نعم لكنّه أخبرهم فهل نقول إنّ مثل هذا مشروع فلو دعاك رجل وأنت تقول والله اليوم أنا صائم أو نقول إنّ هذا من باب الجائز؟
الطالب : جائز.
الشيخ : أو ينظر في ذلك إلى المصلحة؟
الطالب : الأخير.
الشيخ : هذا الأخير، ينظر في هذا إلى المصلحة، قد يكون من المصلحة أن تخبره، وش المصلحة بإخباره؟
الطالب : للإقتداء.
الشيخ : نعم لأجل أن يقتدي بك لأنّ كثيرا من النّاس يأخذ بفعل غيره ويقتدي به، قد يكون من المصلحة إخباره لأنّك لو تعذّرت بدون ذكر السّبب لكان في قلبه شيء، فإذا ذكرت السّبب طابت نفسه.
قد يكون من المصلحة أن تخبره بأنك صائم لأجل أن لا يعيد عليك السّؤال أو العرض مرّة ثانية، لأنّه ربّما يقابلك في أوّل النّهار ويقول تفضّل معنا للفطور تقول: لا والله ما أشتهي ذلك، فإذا جاء الظّهر عرض عليك الغداء، تقول: ما أشتهي ذلك، يأتي العصر يعرض عليك القهوة ها؟ لكن إذا أعلمت من الأوّل أنّك صائم استراح واسترحت أنت.
الطالب : إذا دعاك الظهر هل يدعوك غيرها ؟
الشيخ : يمكن يحبّ يجلس معك، على كلّ حال الأفضل أن يبقى الإنسان على صومه إلاّ لمصلحة أو حاجة.
طيب وهل يقاس على ذلك جميع النّوافل ؟ يعني أنّه يجوز للإنسان أن يقطع النّفل؟
الجواب: نعم، كلّ النّوافل يجوز أن تقطعها لكن لا ينبغي إلاّ لسبب حاجة ومصلحة إلاّ الحجّ والعمرة، قال بعض العلماء: وإلاّ الجهاد فإنّك إذا شرعت فيه لا يجوز لك قطعه، لكن الصّحيح أنّه كغيره من النّوافل ما لم يلق العدوّ زحفا، فحينئذ لا يجوز الفرار.
والحجّ والعمرة لا يجوز قطعها إلاّ لضرورة، إمّا حصر أو شرط يشترطه الإنسان عند إحرامه أو ما أشبه ذلك، أظنّ عبد الوهاب هو الذي رفع من يعيدها لي؟
الطالب : التّنكير.
الشيخ : التّنكير، مثل ذات يوم.
الطالب : الحال أو الشّأن مثل قوله (( فأصلحوا ذات بينكم )).
الشيخ : نعم، الحال أو الشّأن مثل قوله (( فأصلحوا ذات بينكم )).
الطالب : الجهة .
الشيخ : الجهة؟
الطالب : ذات اليمين أو ذات الشّمال.
الشيخ : أي، قد تكون بمعنى صاحبة، مثل : في ذات الله.
الطالب : في ذات الله.
الشيخ : الرّابع؟
الطالب : مؤنّث ذو.
الشيخ : مؤنّث ذو، مثل: (( والسّماء ذات البروج )) أي: صاحبة البروج، الخامس: ذات بمعنى التي على لغة؟
الطالب : طيء.
الشيخ : طيء، السادس: ذات بمعنى: عين الشّيء، كما يقال: الذّات والصّفات، لكن ذكرنا أنّ هذه كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ليست عن العرب العرباء وإنّما هي محدثة، وهي: أي: ذات مقابل نفس، نفس الشّيء وذات الشّيء، يعني: في اللّغة العربيّة بدل ذات أي: نفس، نفس الشّيء، كم المعاني صارت الآن؟
الطالب : ستّة.
الشيخ : ستّة؟ طيب.