فوائد حديث ( تسحروا فإن في السحور بركة ). حفظ
الشيخ : هذا الحديث كما نرى فيه أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالسَّحور أو بالسُّحور نعم، هذا الأمر هل هو للوجوب أو للاستحباب؟
يرى بعض العلماء أنّه للوجوب، وهذا على رأي من يرى أنّ الوصال حرام، لأنّه إذا كان الوصال بين اليومين حرامًا فالأكل بينهما واجب، فإذا لم يأكل في اللّيل وجب أن يتسحّر لئلاّ؟
الطالب : يواصل.
الشيخ : يواصل، ولكنّ جمهور أهل العلم على أنّ الأمر هنا للاستحباب.
لو قلت: هل هذا الرّأي يؤيّده قوله: ( فإنّ في السّحور بركة ) نعم؟
الطالب : نعم.
الشيخ : كيف؟
الطالب : يؤيد القول الثاني.
طالب آخر : الخيرية لا تنافي الوجوب.
الشيخ : أي، كون فيه البركة لا ينافي الوجوب، بل هذا ربّما نقول: إنّه يؤيّد القول بالوجوب.
ومن فوائد الحديث أيضًا: إثبات البركة في بعض الأطعمة، لقوله: ( فإنّ في السَّحور بركة )، وإذا كان في السّحور بركة وهو طعام فقد يكون في الإنسان أيضا بركة، يكون الإنسان مباركا على من له اتّصال به ، كما في حديث أسيد بن حضير رضي الله عنه في قصّة ضياع عقد عائشة رضي الله عنها، حتّى انحبس الناس على غير ماء، فأنزل الله آية التّيمّم قال أسيد: " ما هذه بأوّل بركتكم يا آل أبي بكر ".
وأمّا من أنكر أن يكون في الإنسان بركة فهذا إن أراد بإنكاره إنكار أن يكون به بركة جسديّة بمعنى أنّ جسده مبارك فهذا حقّ، لأنّه لا أحد يُتبرّك بجسده أو عرقه أو فضلاته إلاّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإنّه يتبرّك بفضل وَضوئه وكذلك بريقه وعرقه وما أشبه ذلك.
أمّا بوله وغائطه فالصّحيح أنّه نجس كغيره من البشر.
طيب، وإن أراد بنفي البركة نفي ما يحصل منه من خير وعلم ونفع ماليّ فهذا صحيح ولاّ لا؟
الطالب : غير صحيح.
الشيخ : هذا غير صحيح، فإنّ من النّاس من يكون فيه بركة على جليسه إمّا بعلمه أو بخلقه أو بماله أو بنفعه صحّ؟
بعلمه ينشر علما في الحاضرين فيستفيد النّاس منه، هذه بركة بلا شكّ، ولاّ لا؟
الطالب : بلى .
الشيخ : ولهذا وصف الله القرآن بأنّه مبارك لما فيه من العلم والخير.
وإمّا أن يكون فيه بركة بماله مثل: صدقات، هدايا، هبات، وما أشبه ذلك.
وإمّا أن يكون فيه بركة بنفعه مثل: أن يخدمك ويساعدك وما أشبه هذا.
وإمّا أن يكون فيه بركة بخُلُقِه، يكون الرّجل على خلق حسن ويتعلّم صاحبه منه الأخلاق، وكم من أُناس تعلّموا حسن الأخلاق بمصاحبة مَن هم على خلق، وهذا كثير، حتّى إنّ الإنسان الذي عنده علم قد يصحب عامّيّاً فيرى من حسن أخلاقه وبشاشته وطلاقة وجهه وكلامه اللّيّن للنّاس ما يأخذ منه أسوة، كلّ هذه من البركات بلا شكّ.
والحاصل أنّ البركة تكون في المخلوقات، ولكن من الذي جعلها فيها؟
الطالب : الله.
الشيخ : الله عزّ وجلّ.
ومن فوائد الحديث أيضًا: حسن تعليم الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لكونه يقرن الحكم بالعلّة في قوله؟
الطالب : ( فإنّ في السّحور بركة ).
الشيخ : ( فإنّ في السّحور بركة ) ، والعلّة تختلف، قد تكون العلّة ممّا يحثّ الإنسان على الفعل أو ينفّره من الفعل، ففي هذا الحديث الغرض من العلّة هاه؟
الحثّ على الفعل، وفي قوله تعالى: (( إلاّ أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنّه رجس )) هاه؟
الطالب : التّنفير.
الشيخ : التّنفير منه.
ومثل إلقاء النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام الرّوثة حين جاء بها عبد الله بن مسعود ليستنجي بها ، فألقاها الرّسول وقال: ( إنّها ركس أو رجس ) للتنفير من ذلك، وقد ذكرنا في ما سبق أنّ فائدة تعليل الحكم أو أنّ لتعليل الحكم ثلاث فوائد: الفائدة الأولى قلها يا سفيان؟
الطالب : نسيت يا شيخ.
الشيخ : نسيت؟ نعم؟
الطالب : سمو الشريعة.
الشيخ : وجه ذلك؟
الطالب : نعم؟
الشيخ : أقول: ما وجه ذلك، ما وجه كون ذكر العلّة تدلّ على سموّ الشّريعة؟
الطالب : مثل هذا المثال: بين الحكم وعلته ورتّب على السّحور البركة.
الشيخ : لكن ما وجه كون ذكر العلّة دليلا على سموّ الشّريعة؟
الطالب : لأنّها تدلّ على أنّ الشّريعة لا تأمر ولا تنهى إلاّ لحكمة.
الشيخ : نعم لأنّها تدلّ على أنّ الشّريعة لا تأمر ولا تنهى إلاّ لحكمة، طيب هذا واحد، الثاني؟
الطالب : اطمئنان نفس المؤمن.
الشيخ : نعم.
الطالب : المؤمن يطمئنّ لهذا الحكم عند معرفة العلة.
الشيخ : أحسنت.
الطالب : مشاهد، ملموس.
الشيخ : أي نعم، بارك الله فيك، صحّ، ريّان؟
الطالب : تضمين العلّة إذا وجد القياس.
الشيخ : نعم، القياس إذا وجدت العلّة في الفرع المقيس، يعني معناه إمكان إلحاق غير المذكور به في الحكم إذا كان موافقا له في هذه العلّة.