فوائد حديث ( إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر ...). حفظ
الشيخ : ففي هذا الحديث الإشارة بل الأمر بالإفطار على التّمر وهل هو واجب؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، ليس بواجب، ولكن الأكمل والأفضل أن يكون على التّمر، وقد ذكر ابن القيّم رحمه الله في *زاد المعاد* من فوائد التّمر، الإفطار على التّمر أنّه يقوّي البصر، وهو كذلك أيضا ومجرّب، ولهذا كان كثير من النّاس يفطرون قبل كلّ شيء إذا قاموا من النّوم بسبع تمرات، وكان شيخنا رحمه الله يقول: " إنّ قول الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: ( من تصبّح بسبع تمرات من العجوة لم يصبه ذلك اليوم سمّ ولا سحر ) ، كان يقول شيخنا: الظّاهر أنّ هذا على سبيل التّمثيل، وأنّ التّمر كلّه يحصل به الفائدة " ، نعم وسواء كان هذا القول صوابًا أو غير صواب فإنّه يرجى أن يكون الإفطار على سبع تمرات أن يكون فيه الخير ويكون داخلا في قوله: (( فاتّقوا الله ما استطعتم )) ، فإذا لم تجد العجوة فهذا يكون بدلا عنه.
وعلى كلّ فإنّ الإفطار به يزيد البصر، ونحن نعلم جميعاً أنّ للحلوى تأثيراً على الدّم لقوّته، لا سيما إذا كان من التّمر، وأظنّكم قد علمتم أنّ الله تعالى هيّأ لمريم عند نفاسها، إيش؟
الطالب : الرّطب.
الشيخ : الرّطب الجني، نعم، لأنّ النّفساء قد خرج منها دم كثير تحتاج إلى تعويض، وهذا يدلّ على أنّ التّمر من أحسن ما يعوّض عن هذا الدّم الذي سال منها عند الولادة.
طيب وأيضًا التّمر أسهل من غيره مؤونة، لأنّه لا يحتاج إلى تعب ولاّ لا؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : الرّزّ يحتاج إلى تعب، وغيره يحتاج إلى أتعب، نعم لكن هذا لا يحتاج إلى تعب ولذلك : بيت فيه تمر لا يجوع أهله، ( وبيت لا تمر فيه أهله جياع )، وأيضا فيقول ابن القيّم رحمه الله: " إنّ التّمر فيه حلوى وفيه غذاء، وهو فاكهة إذا كان رطبا ، فجمع بين الفاكهة والحلوى والغذاء والنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام كان يحبّ الحلوى ".
نعم ومن فوائد الحديث أيضا: أنّه إذا لم يجد التّمر أفطر على ماء، طيب إذا كان عنده ماء وخبز فعلى أيّهما يفطر؟
الطالب : الماء.
الشيخ : نعم، الماء اتّباعا للسّنّة، طيب إذا كان عنده ماء وحلوى؟
الطالب : على ماء.
الشيخ : على ماء؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : إي، إذن أنتم ظاهريّة!
الطالب : الحلوى.
الشيخ : هذه اختلف فيها العلماء، منهم من قال: يقدّم الحلوى لأنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ذكر التّمر والحلوى تشاركه في الحلاوة، ويكون ذكر التّمر هنا لأنّه أيسر ما يكون عند القوم، نعم.
ومنهم من قال: نحن في هذه الأمور ينبغي أن نكون ظاهريّة، لا سيما وأنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام علّل فقال: ( فإنّه طهور )، ولم يعلّل في التّمر لأنّ فائدته ظاهرة، لكن علّل في الماء ترغيبا فيه، لئلاّ يقول قائل: وش الفائدة من الماء؟
فقال: إنّه طهور، والذي يترجّح عندي أن يقدّم الماء لكن يشرب من الماء ما يحصل به الفطر ثمّ يأكل ممّا عنده.
ومن فوائد الحديث أيضاً: بيان فائدة الماء وتطهيره لبدن الصّائم إذا أفطر عليه لقوله: ( فإنّه طهور ) .
ومن فوائده أيضاً: تعليل الأحكام الشّرعيّة لقوله: ( فإنّه طهور ).
وحسن تعليم الرّسول عليه الصّلاة والسّلام حيث قرن الحكم بالعلّة.
ومنها أيضاً: اتّخاذ ما يعين على امتثال الأمر يعني: التّشجيع على فعل الأمر والإغراء به، من أين يؤخذ؟
الطالب : ( فإنّه طهور ).
الشيخ : من قوله: ( فإنّه طهور )، لأنّ هذه العلّة تبعث النّفس على أن تفطر على ماء، وإلاّ فقد يقول قائل كما أسلفت قريبا: ما فائدة الماء.
فنأخذ منها التّشجيع على فعل الخير، وعلى فعل الأمر، وأنّ هذا لا يدخل في باب الإجارة، وبناء على ذلك، يكون تشجيع حفظة القرآن بالمال أو بالكتب أو بغيرها ممّا يفرحون به ويشجّعهم أمرًا له أصل في الشّرع، كما أنّ له أصل في الشّرع من جهة سَلَب القاتل، فإنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام جعل لمن قتل قتيلاً من الكفّار جعل له سَلَبَه يعني ثيابه وما عليه خاصّة به، وهذا بلا شكّ تشجيع، وكذلك جعل لكلّ من دلّ على حصن من حصون الكفّار أو على ثغر من ثغورهم من الأشياء الهامّة في مواطن قتالهم جعل له النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام مكافأة، وهذا يدلّ على أنّ المكافأة على الأعمال الصّالحة لا يعدّ من الرّياء، ولا يعدّ من إفساد نيّات النّاس كما زعمه بعضهم، فإنّ بعض النّاس قال: لا تعط حافظ القرآن جائزة نعم، ولا تعطيه مكافأة، لأنّ هذا يؤدّي إلى إفساد النّيّات.
فيقال: لا، أنا ما قلت اعملوا لهذا السّبب، وربّما يكون هذا الرّجل ما طرأ على باله أن يحصل على الجائزة إنّ همّه أن يفعل الخير فقط.