وعن عائشة رضي الله عنها قالت :( كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ، ويباشر وهو صائم ، ولكنه كان أملككم لإربه ). متفق عليه . وللفظ لمسلم ، وزاد في رواية : (في رمضان ). حفظ
الشيخ : نعم، قال: وعن عائشة رضي الله عنها .
هذا مبتدأ الدّرس اللّيلة:
" وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ) " :
يقبل يعني: يقبّل أهله وزوجته وهو صائم، والتّقبيل معروف.
وجملة: ( وهو صائم ) في موضع نصب على الحال، وهو عامّ لصيام الفرض والنّفل.
( ويباشر وهو صائم ) : المباشرة أخفّ من التّقبيل وعرّفها بعضهم بأنّها الجماع بما دون الفرج، هذه المباشرة.
وقولها: ( وهو صائم ) نقول فيها كما قلنا في ما سبق إنّها في موضع نصب على الحال.
ثمّ قالت: ( ولكنه كان أملككم لإرْبه ) يقال: إِرْبه وأَرَبه، الأَرَب الحاجة والإِرْب العضو يعني عضو النّكاح، طيب والمعنى واحد يعني أَرَبه وإِرْبه كلاهما يؤدّي إلى شيء واحد أي أنّه يملك حاجته وهي الجماع في هذا الموضع.
فهو عليه الصّلاة والسّلام يملك حاجته.
وقال: " متّفق عليه واللفظ لمسلم، وزاد في رواية: ( في رمضان ) " :
وعلى هذا فيكون قولها : ( وهو صائم ) : الذي ذكرنا قبل قليل أنّه يعمّ الفرض والنّفل يكون هذا الحديث في؟
الطالب : رمضان.
الشيخ : في الفرض، في رمضان، لكن إذا جاز في الفرض ففي غيره من باب أولى.
طيب في هذا الحديث تخبر عائشة رضي الله عنها عن أمر خفيّ لا يطّلع عليه إلاّ زوجات الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، وهذا من جملة الفوائد التي أشرنا إليها في ما سبق في تعدّد زوجات الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: أن ينقلن للنّاس ما لا يطّلع عليه إلاّ هنّ.
طيب تخبر أنّه يقبّل وهو صائم، والتّقبيل كما نعرف لا بدّ أن يحرّك الشّهوة، اللهم إلاّ من رجل ميّت الشّهوة ضعيفها جدّا فهذا قد لا تتحرّك شهوته، أمّا رجل فيه شيء للنّساء فإنّه لا بدّ أن تحرّك القبلة شهوته إذا قبّل زوجته.
نعم وكذلك أيضاً يباشر وهو أعظم من التّقبيل، لأنّ المباشرة هنا الجماع فيما دون الفرج وهو أشدّ منه ، التّقبيل إثارة للشّهوة ، قالت عائشة رضي الله عنها: ( كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يأمرني فأتّزر فيباشرني وأنا حائض ) : فهذا الحديث يفسّر الحديث الذي نحن بصدده.
ولكن هل كان الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يُنزل؟
قولها: ( ولكنّه كان أملككم لإربه ) : يدلّ على أنّه لا ينزل وأنّه يملك نفسه بحيث لا يخرج منه شيء بهذا التّقبيل أو هذه المباشرة.
وهذه الجملة أرادت رضي الله عنها بها أن لا يتصرّف النّاس كتصرّف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا كانوا لا يملكون أنفسهم، لأنّ الجملة التّعليليّة لا بدّ أن يكون لها أثرها.
فإذا كان الإنسان لا يملك إرْبه ويخشى على نفسه إذا باشر أن يجامع أو أن ينزل فإنّه يجب عليه أن يتوقّف، ولا يجوز له أن يفعل ذلك، لأنّه يعرّض صيامه للخطر، إلاّ إذا كان الصّيام نفلاً فإنّ صيام النّفل يجوز للإنسان أن يقطعه تعمّداً، أو إذا كان الصّيام فرضاً في حال لا يلزمه الصّيام فيها، فإذا كان فرضاً في حال لا يلزمه الصّيام فيها فله أن يفعل كما لو كان في سفر، فإنّ المسافر له أن يفطر في نهار رمضان، فله أن يباشر وأن يقبّل وأن يجامع ويأكل ويشرب ولا حرج عليه، لأنّه أبيح له أن يفعل، نعم.