فوائد حديث ( أن النبي صلى الله عليه وسلم اكتحل في رمضان ...). حفظ
الشيخ : في هذا الحديث من الفوائد: جواز الاكتحال للصّائم، أنّه يجوز للصّائم أن يكتحل لقولها: ( اكتحل في رمضان وهو صائم ).
ثانيًا: أنّ الكحل لا يفطّر الصّائم لأنّه لو كان مفطّرا لوجب؟
الطالب : اجتنابه.
الشيخ : اجتنابه، فلمّا جاز فعله دلّ هذا على أنّه لا يفطّر.
ثالثًا: عمومه يقتضي أنّه لا يفطّر الصّائم ولو وصل إلى حلقه، لأنّه أحيانا إذا كان الكحل نافذاً وصل إلى الحلق أو أحسّ الإنسان بطعمه في حلقه ، فظاهر الحديث أنّه لا يفطر ولو وصل إلى حلقه .
فإن قال قائل: أنتم ذهبتم تستنبطون الأحكام من حديث ضعيف نعم، قال التّرمذي: إنه لا يصحّ في هذا الباب شيء، وإذا انهدم الأساس انهدم الفرع ؟ فالجواب: نعم هذا حقّ، وأنّ البناء على الضّعيف ضعيف، لكنّنا نقول: لنفرض أنّه ليس بثابت، فما الأصل؟
الطالب : الجواز.
الشيخ : الأصل الحلّ، الجواز، حتى يقوم دليل على المنع، ونحن إذا نظرنا إلى الممنوعات في الصّيام وجدنا أنّها محفوظة معروفة بالكتاب والسّنّة: الأكل والشّرب والجماع، ونشوف ما في معناهم إذا صحّ القياس بع، والجماع والحجامة على خلاف فيها أيضا، والاستقاء كما سيأتي عن أبي هريرة على خلاف فيه، والإنزال على خلاف فيه، والإمذاء على خلاف فيه، إذن إيش المجمع عليه؟
الأكل والشّرب والجماع، هذه متّفق عليها، فنقول لكلّ من ادّعى أنّ هذا مفطّر نقول له: عليك الدّليل، لأنّ هذه عبادة ركن من أركان الإسلام، وإذا كان الشّارع قد بيّن موجباتها وشرائطها وأركانها فإنّه سيبيّن مفسداتها، لأنّ الأشياء ما تتمّ إلاّ بوجود الشّروط والأسباب وانتفاء الموانع. والمفسدات موانع فالمسألة ليس هيّنة.
وليس من الهيّن أن تقول لعباد الله: إنّ عبادتكم فاسدة وهم يتقرّبون إلى الله بها، لأنّك سوف تقابل يوم القيامة: لماذا أفسدت عبادة عبادي عليهم بدون دليل؟!
يأتي واحد لأدنى سبب يقول: ترى صيامك فاسد، ترى صلاتك فاسدة، هذا ليس بالهيّن، نعم، هذا عدوان في حقّ الخالق، واعتداء على المخلوق أن تفسد عباداتهم بدون دليل واضح.
فإذا كان الشّيء ثابتا بمقتضى دليل شرعيّ فإنّه لا يمكن نقضه إلاّ بدليل شرعيّ.
فلننظر، وجدنا أنّ الكحل ليس أكلا ولا شربا، ما رأينا أحدًا أراد أن يأكل التّمر فوضعه في عينه أليس كذلك؟
الطالب : بلى .
الشيخ : ما فيه أحد يقول هكذا فليس أكلا ولا شربا، هل هو بمعنى الأكل والشّرب؟
الطالب : لا.
الشيخ : أبدا، ما سمعنا إذا أحد عطش ذهب وضع عينه تحت الماء من أجل أن يروى، ولا أن يضع فيها طحينا علشان يصل إلى المعدة أبدا، إذن ليس أكلا ولا شربا ولا بمعنى الأكل والشّرب.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله: " إنّه ليس هناك دليل على أنّ مناط الحكم هو وصول الشّيء إلى الجوف أو الحلق، إنّما مناط الحكم أن يصل إلى المعدة شيء يستحيل دما ويتغذّى به الإنسان فيكون أكلا وشربا " ، وعلى هذا فنقول: الكحل وإن لم يثبت به دليل فالأصل الحلّ.
فإن قلت: قد روى أبو داود أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال في الإثمد: ( ليتّقه الصّائم ) يتّقه يعني؟
يجتنبه، قلنا: هذا لو كان صحيحا لكان على العين والرّأس، لكنّه منكر كما قاله البخاري عن ابن معين، قال: إنّه منكر، وإذا كان منكرا فلا حجّة فيه، ويبقى الأمر على الأصل، على الإباحة.
فإن قلت: حديث لقيط بن صبرة قال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( أسبغ الوضوء وخلّل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلاّ أن تكون صائما ) شوف قال: ( إلاّ أن تكون صائما ) ليش؟
لأنّ الصّائم لو بالغ في الاستنشاق لدخل الماء إلى جوفه؟
فالجواب: أنّ الأنف منفذ طبيعيّ يصل إلى الجوف، ولهذا كثير من المرضى يوصلون الطعام والشّراب إليهم عن طريق الأنف، وهو ما يسمّى بالسَّعوط، نعم، أما العين فليست بمنفذ معتاد، فلا يكون ما وصل عن طريقها كالواصل عن طريق الأنف، وليس كلّ ما يجده الإنسان في حلقه من خارج يكون مفطّرا فهاهم الذين يرون أنّ من اكتحل حتى إذا وصل الكحل إلى حلقه يفطر هاهم يقولون: لو أنّ الإنسان وطئ على حنظلة تعرفون الحنظلة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : ما هي؟
الطالب : الشري.
الشيخ : الشري، وياسر يعرف الشري، تعرفه ؟
الطالب : نعم
الشيخ : أي شيء كالتّفّاح لكنّه شديد ؟
الطالب : المرارة.
الشيخ : المرارة، إذا وطئت عليه برجلك تحسّ طعمه في حلقك، وقال العلماء: إنّ هذا لا يفطّر ولو وجد طعمه في حلقه، ليش؟
قال: لأنّ الرّجل ليست منفذا معتادا، وإنّما دخل مع المسامّ حتّى وصل إلى الحلق.
فالمهمّ أن نقول : إن الكحل حتى لو لم يصحّ هذا الحديث فعندنا فيه الأصل، الأصل الإباحة إلّا ما قام عليه الدّليل.
الطالب : الفوائد.
الشيخ : ذكرنا ثلاث فوائد يا أخي.