وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من نسي وهو صائم ، فأكل أو شرب ، فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه ) . متفق عليه . وللحاكم : ( من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة ) . وهو صحيح . حفظ
الشيخ : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه ) متفق عليه.
وللحاكم: ( من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة ). وهو صحيح "
:
أوّلا قال: ( من نسي وهو صائم ): من : شرطيّة وإلاّ موصولة؟
الطالب : شرطيّة.
الشيخ : شرطيّة.
الطالب : لا.
الشيخ : لا، هي في الشّرط أحسن.
الطالب : الذي.
الشيخ : أي لكن من بمنزلة إذا نسي وهو صائم.
طيب، وقوله: ( فليتمّ ) هذا جواب الشّرط، واقترن بالفاء لأنّه طلب، وقد قيل في ما يجب اقترانه بالفاء في جواب الشرط:
" اسميّة طلبيّة وبجامد *** وبما وقد وبلن وبالتّنفيس " .
طيب وقوله: ( فليتمّ ) مجزوم بالفتحة نيابة عن الجزمة وإلاّ عن السّكون؟
الطالب : على السّكون.
الشيخ : مبنيّ على السّكون وشلون؟ فليتمَّ؟
الطالب : لالتقاء السّاكنين.
الشيخ : وين السّاكنين؟
الطالب : الجزم.
الشيخ : أي الجزم، لأنّ الميم الأخيرة مجزومة بلام الأمر، والميم الأولى؟
الطالب : ساكنة.
الشيخ : ساكنة أيضا، فالتقى ساكنان فكان لا بدّ من تحريك أحدهما فليتمّ طيّب، هاه؟
الطالب : ميم واحدة.
الشيخ : لا، ميمين، مشدّدة.
طيب قوله: ( فليتمّ ): اللّام لام الأمر، والأمر هنا للإباحة ولاّ للوجوب ولاّ للإستحباب؟
الطالب : للوجوب.
الشيخ : نشوف الآن نمشي معكم، إذا كان المقصود بالأمر رفض توهّم الفطر فهي؟
إذا كان المقصود رفع توهّم الفطر؟
الطالب : للإباحة.
الشيخ : فهي للإباحة، إباحة الإتمام يعني ولا تفطر.
ثانيا: إذا كان الصّوم تطوّعا وليس المقصود رفع التّوهّم فهي للاستحباب.
إذا كان واجبا وليس للتّوهّم فهي للوجوب كذا؟ والقرائن معروفة.
الطالب : ما وضحت.
الشيخ : ما وضحت سبحان الله! طيّب:
إذا كان المقصود من الأمر هنا رفع توهّم الفطر فهي للإباحة، يعني جائز أن يتمّ ثمّ عاد ينظر إن كان الصّوم واجبا لزمه أن يستمرّ وإن كان تطوّعا استحبّ له أن يستمرّ، ويكون فهم الوجوب أو للاستحباب من طريق آخر، يعني من دليل آخر قصدي، هذا إذا جعلنا اللّام للإباحة لأنّه يخاطب شخصا يتوهّم أنّه إذا أكل أو شرب أفطر، فقال: لا فطر عليك أتمّ ولا عليك، واضح هذا؟
الطالب : واضح.
الشيخ : طيب، إذا كان ما في هناك توهم وأنّ اللّام للأمر الحقيقي، فإن كان الصّوم تطوّعا فالأمر للاستحباب ليس للجواز يعني: يستحبّ أن يتمّ، لأنّ المتنفّل بالصّوم ينبغي له أن يتمّه، وإن كان الصّوم واجبا فاللاّم للوجوب، واضح الآن؟
الطالب : واضح.
الشيخ : طيب قوله عليه الصّلاة والسّلام : ( من نسي وهو صائم ) جملة وهو صائم حاليّة كما هو معلوم، نسي ما معنى النّسيان؟
قال العلماء إنّ النّسيان ذهول القلب عن معلوم، عن شيء معلوم عنده لكن ذهل فهذا نسيان، أمّا عدم العلم فهو؟
الطالب : جهل.
الشيخ : جهل، إذن النّسيان وارد على العلم وإلاّ مورود عليه؟
الطالب : وارد.
الشيخ : وارد على العلم، لا نسيان إلاّ بعد علم، ولهذا قيل : " آفة العلم النّسيان " .
طيب نسي يعني: ذهل قلبه عن الصّوم هذا واحد.
نسي: ذهل قلبه عن كون هذا الشّيء مفطّرا، لأنّه قد ينسى أنّه صائم، وقد ينسى أنّ هذا الشّيء مفطّر ولاّ لا؟
هذا كلّه واقع، فهو إمّا أن ينسى حاله أو ينسى حكم ما تناوله، إمّا أن ينسى حاله وش معنى حاله؟
يعني هل هو صائم أو لا.
أو ينسى حكم ما تناوله من أكل أو شرب وهذا النّسيان للحكم وكلا الأمرين داخل في قوله صلّى الله عليه وسلّم: ( من نسي وهو صائم )، وقوله: ( فأكل أو شرب ) هذا ليس على سبيل الحصر ولكن على سبيل المثال ومثّل بالأكل والشّرب لأنّهما أكثر تناولًا من غيرهما، إذ أنّ الجماع لغير المتزوّج غير وارد، وفي المتزوّج وارد لكنّه قليل بالنّسبة للأكل والشّرب، اللهمّ إلاّ في أحوال نادرة هذا شيء يمكن.
على كلّ حال الأكل والشّرب قيل كمثال، ومن ثمّ وخوفًا من أن يقول قائل: إنّ الجماع له حكم آخر، أتى المؤلّف -رحمه الله- برواية الحاكم وهي قوله: ( من أفطر في رمضان ) من أفطر، فإنّ من أفطر يعمّ الأكل والشّرب والجماع وغيرها من المفطّرات.
والحديث بهذا اللّفظ صحيح كما قال المؤلّف، فلو قدّر عدم صحّته فهل يمكن أن نأخذ الحكم في الجماع وغيره من المفطّرات من قوله صلّى الله عليه وسلّم : ( من نسي فأكل وشرب ) ؟
نعم بالقياس، يكون هذا على سبيل التّمثيل.
طيب قوله: ( فأكل أو شرب ) الفرق بينهما أنّ الأكل في الطّعام، والشّرب في الشّراب يعني: في المائعات وشبهها هذه تسمّى شرب، وما كان جامدًا فهو أكل، وعلى هذا فالسّكّر إذا حط الإنسان جسمه السّكّر هل تقولون إنّه شرب أو أكل؟
الطالب : أكل.
الشيخ : أكل؟
الطالب : شاي.
الشيخ : لا ليس بشاي، صحيح، السّكّر؟
الطالب : أكل.
الشيخ : طيّب، زين، فيه سكّر شراب واضح يمصّ ولاّ لا؟
الطالب : قصب السّكّر.
الشيخ : القصب، قصب السّكّر هذا يمصّ، هذا الظّاهر أنّه شراب ما فيه إشكال، لكن قصدي بالسّكّر هذا الدّقيق، الظّاهر أنّه يلحق بالأكل هاه؟
الطالب : يذوب ويشرب.
الشيخ : أي لكن بعض النّاس يمشّيه.
طيب عبارة *المنتهى* وهو من كتب الحنابلة يقول: " وبلع ذوب سكّر بفم كأكل " واضح، يعني واحد واضع سكّر بفمه ويذوب السّكّر ويبلعه يقول هذا كالأكل.
الفائدة من هذا مو علشان الصّيام، الصّيام كلّه واحد، الأكل والشّرب واحد لكن فائدته أنّ العلماء قالوا: يجوز للذي يصلّي نفلا إذا عطش وهو يصلّي أن يشرب ماء قليلاً، فسامحوا في الشّرب القليل في النّفل دون الفرض، قالوا: طيّب وش تقولون بالذي يضع حلاوة ويمصّها، أو سكّرا يمصّه؟
قالوا: إنّه كالأكل، هذه الفائدة منه وإلاّ في مسألة الصّيام أظنّ أن الفائدة ليست بذاك الكبيرة.
الطالب : ...
الشيخ : نعم يقول: لأنّ هذا الشّيء له جرم جامد، فصار طعاما لا شرابا .
الطالب : دليل الشرب القليل؟
الشيخ : هاه؟ آه إي قالوا إنّ هذا فعله ابن الزّبير رضي الله عنه، يعني فعله ابن الزّبير أحد الصّحابة.
طيب يقول: ( فأكل أو شرب فليتمّ صومه ) انظر فليتمّ، كلمة فليتمّ: تفيد بأنّ الصّوم لم ينقص، أي: فليستمرّ في صومه حتى الغروب.
ثمّ قال في تعليل ذلك: ( فإنّما أطعمه الله وسقاه ) : هذا تعليل للحكم، يعني أنّ هذا الحكم الصّادر منه نسياناً لا يُنسب إليه وإنّما ينسب إلى من؟
إلى الله عزّ وجلّ، فإنّ الله أطعمه وسقاه، هو الطّاعم السّاقي لا شكّ لكن هو ما تعمّد، ما تعمّد أن يفسد صومه بالأكل والشّرب، فإذن يكون عزّ وجلّ، يكون الله قد أطعمه وسقاه، وكما في حديث عائشة رضي الله عنها: ( إنّما هو رزق ساقه الله إليك ) : رزق ساقه الله إلى الإنسان.
طيب حديث الحاكم: " وللحاكم : ( من أفطر في رمضان ناسياً ) " : من أفطر، قلنا فائدة هذه الرّواية أنّ فيها العموم دون التّخصيص بالأكل والشّرب، من أفطر بأيّ شيء يفطر به.
( ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفّارة ) : كلمة ولا كفّارة تدلّ دلالة ظاهرة على أنّ الجماع داخل ، لأنّه لا كفّارة إلاّ في الجماع، وعليه فإذا كان جامع ناسيًا نعم لم يفسد صومه ولا كفّارة عليه.