تتمة فوائد حديث ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة ...). حفظ
الشيخ : إلى النّظر بين هذه الأقوال الثّلاثة وجدنا أنّ القول الأخير ضعيف وهو أنّ الصّوم والفطر على حدّ سواء، يبقى النّظر بين مذهب الشّافعي المشهور منه ومذهب الحنابلة في المشهور عنهم:
مذهب الشّافعي مؤيّد بنصّ، ومذهب الحنابلة مؤيّد بقياس، والمؤيّد بالنّصّ؟
الطالب : أقوى.
الشيخ : أقوى، لأنّنا نقول: كلّ هذه النّظريّات والأقيسة تبطل بكون أتقى النّاس وأعلمهم، محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصوم في السّفر، وما دام يصوم فلا ريب أنّ الأفضل الصّوم، نعم نحن نوافقكم على أنّ الإنسان إذا وجد في الصّوم أدنى مشقّة فإنّنا نقول له: لا تصم بل الصّوم لك مكروه، فإن تضرّرت؟
الطالب : فهو حرام.
الشيخ : فهو حرام عليك، إن تضرّرت فهو حرام، مفهوم هذا؟
وهذا القول هو الرّاجح عندي، أنّ الأفضل الصّوم إلا فيمن يجد مشقّة ولو يسيرة فالأصل الفطر ومن خاف ضررا أو مشقّة ولو محتملة فإنّ الصّوم في حقّه حرام، لأنّ عدوله عن الفطر مع وجود المشقّة الشّديدة يدلّ على تنطّع في الدّين وقد قال النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام: ( هلك المتنطّعون ).
وبهذا نعرف خطأ بعض العامّة وأشباه العامّة الذين يذهبون إلى العمرة في رمضان ثمّ يعلمون أنّهم سيقدمون في النّهار وأنّه سيلحقهم مشقّة في الطّواف والسّعي وفي طلب المنزل وما أشبه ذلك وتراهم يصومون، تجد الواحد منهم يتعب في الطّواف، في السّعي في طلب المنزل وفي تنزيل العفش وما أشبه ذلك وهو مصرّ على الصّوم، نعم، مصرّ على الصّوم، طيب لماذا؟
خطأ هذا، إذا قال: هل ترون أن أبقى صائما وأؤجّل أداء مناسك العمرة أو أن أفطر وأؤدّي مناسك العمرة فور وصولي؟
الطالب : الأخير.
الشيخ : هاه؟
الطالب : الأخير.
الشيخ : الأخير؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : الأخير، الأخير لا شكّ أنّه أفضل، نعم، طيب لماذا؟
لأنّ لدينا القاعدة الشّرعيّة: " أنّ الشّيء المقصود ينبغي المبادرة به " ، كلّ شيء مقصود لك لا تؤخّره بادر به، نعم، دليل هذه القاعدة فعل أحسن الخلق محمّد صلّى الله عليه وسلّم، المبادرة بالشّيء لأنّ انتهاز الفرص أمر مطلوب للشّرع، ومن هدي النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام، ومن الحزم، لأنّ الإنسان لا يدري ما يعرض له.
القاعدة هذه أخذناها من عدّة وقائع منها : ( أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لمّا بال الأعرابيّ في المسجد أمر بذنوب من ماء فأهريق عليه ) ، ولم يتأخّر مع أنّه من الممكن أن يتأخّر وتطهر الأرض بالشّمس والهواء.
ثانيًا: لما بال الصّبيّ في حجره ما قال: إذا قمت إلى الصّلاة أتوضّأ غسلت الثّوب أو نضحته، بل دعا بماء وأتبعه إيّاه.
ولمّا دعاه عِتبان بن مالك إلى بيته لمكان يصلّي فيه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يتّخذه عتبان مصلّى قدم النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام إلى عتبان في بيته وكان قد جهّز لهم طعاما فمن حين دخل النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام قال: ( أين تريد أن أصلّي؟ ) ، ما جلس يأكل الطّعام ثمّ بعد ما يأكل الطّعام يقول أين المكان، فور وصوله طلب قال: أين تريد أن أصلّي؟ ، فدلّ هذا على المبادرة ، إذن فأنا ما قدمت إلى مكّة إلاّ للعمرة، كيف أخّرها إلى اللّيل مراعاة للصّوم الذي يحلّ لي أن أفطر منه؟ ! هذا واحد.
ثانيًا: دليل خاصّ في هذه المسألة وهي أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا قدم مكّة للنّسك لا يبدأ بشيء قبله، حتى إنّه لا ينيخ راحلته إلاّ عند المسجد من المبادرة لقضاء النّسك، لأنّه جعل لهذا الغرض.
فنقول لإخوتنا الذين يقدمون مكّة للعمرة في رمضان: الأولى بكم والأوفق للسّنّة أن تفطرون، ما دمتم أنّكم ستجدون مشقّة فأفطروا وأدّوا المناسك بسهولة.
طيب جماعة مثلا ما أفطروا ودخلوا مكّة صائمين وطافوا ولما طافوا عطشوا شقّ عليهم العطش، نقول لهم أفطروا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : هاه؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نقول: أفطروا ولا بأس، طيب يشربون والنّاس ينظرون؟
الطالب : لا لا.
الشيخ : هاه؟
الطالب : لا حتى ما يظنوا فيهم.
الشيخ : إي طيّب في مكّة الآفاقيّون فيها كثيرون، يمكن في بلدك الذي ما يرد عليه الآفاقيّون يمكن نقول ما تفطر علنا، لكن في مكّة .
الطالب : حتى في مكة.
الشيخ : هاه؟
الطالب : وفي الكعبة بالذّات يعني معروف كلّها أجانب.
الشيخ : أي وفي المسجد الحرام.
الطالب : الآفاقي؟
الشيخ : الآفاقيّ الأجنبيّ الذي ليس من أهل البلد، مأخوذ من الأفق، طيب في ظنّي أنّ هذا لا بأس به ولو أمام النّاس، نعم وقد فعلتُ ذلك أنا في العام الماضي وتعمّدته، جلست إلى إحدى الترامس وجعلت أشرب فوقف واحد عليّ وقال: كيف تشرب في رمضان؟ أي أنا رفعت رأسي وقلت هذا يا أخي جائز نحن مسافرون، هو الظاهر أنّه عرف أنّه أنا واستحى وراح، نعم، لكن على كلّ حال القصد أنّ مثل هذه المسائل يعني إظهارها للنّاس علشان ما يشدّد عليهم، فيه ناس مساكين يعني ربّما يسقطون من الجوع أو العطش، كلّ هذا حفاظا على صومهم مع أنّ الله قد يسّر لهم، إذن نأخذ من هذا أنّ الأفضل لمن يشقّ عليه الصّوم؟
الطالب : أن يفطر.
الشيخ : أن يفطر، طيب هل هناك دليل لهذه المسألة؟
نقول: الدّليل هذا الحديث الذي معنا، ودليل آخر نصّ في الموضوع في قصّة الرّجل الذي كان مع الرّسول عليه الصّلاة والسّلام في سفر، فرأى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم زحاماً ورجلاً قد ظُلّل عليه، ( قال ما هذا؟ قالوا: صائم، فقال: ليس من البرّ الصّيام في السّفر ) : فنفى أن يكون برّا ، وهذا ممّا استدلّ به أيضا من يقول أنّ الأفضل الفطر، أخذوا بالعموم.
ولكن نقول: الرّسول عليه الصّلاة والسّلام قال: ( ليس من البرّ الصّيام في السّفر ) في حالة خاصّة وهي؟
المشقّة التي بلغ بصاحبها أن يظلّل عليه وأن يزدحم الناس عليه كأنّه في مرض الموت.
نعم ويستفاد من هذا الحديث: جواز الفطر في أثناء النّهار للمسافر، من أين يؤخذ؟
من أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أفطر بعد العصر، زد على ذلك أنّه يستفاد منه جواز الفطر لمن رُخّص له فيه ولو في آخر النّهار، يعني: ما نقول تصبّر وتحمّل، نا بقي لنا إلا ساعة أو ما بقي إلاّ نصف ساعة، لا، له أن يفطر ولو لم يبق من النّهار إلاّ جزء يسير.
ومن فوائد الحديث: أنّه ينبغي للإمام يعني: للإمام المتبوع والمسؤول أن يراعي أحوال النّاس ويعدل عن الأفضل إلى المفضول مراعاة لأحوال النّاس، من أين؟
الطالب : من فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم .
الشيخ : نعم من إفطار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مراعاة لأحوال النّاس ويدلّ على أنّه أفطر مراعاة لأحوالهم ما سبق في حديث أبي الدّرداء رضي الله عنه. ويدلّ لذلك أيضا أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في صلاة العشاء كان يستحبّ أن يؤخّر من صلاة العشاء، ولكن إذا اجتمع النّاس عجّل لئلاّ يشقّ عليهم في الانتظار، فيدع الفاضل إلى المفضول مراعاة لأحوال النّاس.
بل يدلّ على ذلك أيضا أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ترك بنيان الكعبة على قواعد إبراهيم خوفا على تغيّر النّاس ونفورهم قال لعائشة: ( لولا أنّ قومك حديثوا عهد بكفر، لهدمت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم، وجعلت لها بابين باباً يدخل منه النّاس وباباً يخرجون منه ) ، ولكنّه تركها خوفا من نفور النّاس.
والحكمة في ما قدّر الله عزّ وجلّ : لما تولّى عبد الله بن الزّبير رضي الله عنه الخلافة في الحجاز هدمها وبناها على قواعد إبراهيم، وجعل لها بابين باباً يدخل منه النّاس وباباً يخرجون منه، ولما قُضي عليه رضي الله عنه أُعيدت الكعبة على ما هي عليه في عهد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
ولكن الحكمة في ما أراد الله سبحانه وتعالى، الآن يعني ما أراده النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام من انتفاع النّاس من دخول الكعبة وجعل بابين لها حصل، ولاّ لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : أين البابان؟
الطالب : الحجر.
الشيخ : الحجر، الحجر الآن من الكعبة له باب يدخل منه النّاس وباب يخرجون، مع أنّ في هذا من راحة النّاس أكثر ممّا لو كانت قد سقّفت، لو سقّفت والنّاس على جهلهم اليوم؟
الطالب : لتزاحموا.
الشيخ : مهو تزاحموا لقتل بعضهم بعضا، يمكن الذي يدخل ما يخرج، لكن من نعمة الله عزّ و جلّ أنّ الله سبحانه وتعالى أعادها على ما كانت عليه، والذي قدّره النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام وأراده حصل ولله الحمد: باب يدخل منه النّاس وباب يخرجون مع الإنشراح والهواء وعدم المشقّة، نعم؟
الطالب : شرع في الصّيام في بلده ثم سافر.
الشيخ : نعم.
الطالب : هل له أن يفطر؟
الشيخ : أي نعم، له الفطر .
أنّ المالكيّة يوافقون الحنابلة وأما الأحناف فلا أدري ما مذهبهم.
الطالب : يستدلّون بخروج النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام إلى مكّة .
الشيخ : المهم ما نريد استدلال ما بعد وصلنا له.
الطالب : عندما أفطر !
الشيخ : وكان بعض العلماء ؟
الطالب : ثم أفطر.
الشيخ : وبعض العلماء منع ذلك.
الطالب : فأخذ خبزا رحمه الله وأكله أمام العسكر فاقتدى به النّاس.
الشيخ : نعم، حتى يطمئنّوا وهذا أمر مشاهد.
ما هو الجواب عن قتال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام في مكة ؟
عند وجود السّبب المبيح، ما هي موجودة هذه عندكم؟
الطالب : موجودة
الشيخ : هاه؟
الطالب : موجودة.
الشيخ : لا لا، هذه قيّدوها في هذه الفائدة عند وجود السّبب.
الطالب : عند وجود السبب.
الشيخ : موجودة عندكم؟
الطالب : أي.
الشيخ : إيش؟
الطالب : مكتوب : " يستفاد من هذا الحديث جواز الفطر في أثناء النّهار للمسافر وكذلك حتى لو كان لم يبق من النهار إلا قليل " .
الشيخ : إي ، أجل ما حاجة ، فيه اختلاف عندكم الآن، اختلفت النّسخ، طيب.
بسم الله الرّحمن الرّحيم :
أيضًا من فوائد هذا الحديث: أنّه ينبغي للإنسان أن يؤكّد قوله بفعله ليطمئنّ النّاس إليه، لماذا؟
لأنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام دعا بقدح فشربه والنّاس ينظرون.
ومنها: أنّ نقل بعض مخالفات النّاس للمصلحة ما يعدّ من النّميمة أو الغيبة.
الطالب : أعد يا شيخ؟
الشيخ : أن نقل بعض مخالفات النّاس لا يعدّ من الغيبة أو النّميمة، ووجهه؟ الدّليل؟
قولهم: إنّ بعض النّاس قد صام، ووجهه: أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لم ينكر عن الذين بلّغوا وإنّما أنكر على الذين خالفوا.
ومن فوائد الحديث أيضا: أنّه يجوز وصف الإنسان بما يكرهه على سبيل العموم إذا كان واقعا فيه، لقوله: ( أولئك العصاة ) هذا على سبيل العموم واضح، ( أولئك العصاة ) ولا شكّ أنّ المعصية وصف ذميم مكروه للنّفوس، ولكن إذا كان الإنسان مستحقّا له فلا بأس أن يوصف به، لأنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وصف هؤلاء بالعصاة.
أمّا أن تقول لشخص معيّن: أنت عاصٍ فهذا محلّ تفصيل، إن اقتضت المصلحة ذلك بأن يكون فيه ردع له ولغيره فلنقل له هذا، وإلاّ فإنّ الأولى أن لا نقول ذلك له مواجهة ومباشرة، لأنّ هذا ربّما يثيره فتأخذه العزّة بالإثم فيزداد تعنّتاً في معصيته، وربّما ازداد معصية أخرى، عرفتم؟
الطالب : نعم.
الشيخ : ومنها أيضا: أنّ النّفوس مجبولة على تقليد الكبير لقوله: ( وإنّما ينتظرون فيما فعلت ) ولا شكّ في هذا : أنّ النّاس مجبولون بفطرهم على تقليد الكبير.
طيب ومن فوائد الحديث أيضا: جواز الإخبار عمّا يحصل في العبادات من المشقّة لقوله: ( إنّ النّاس قد شقّ عليهم الصّيام ) : لا يقال إنّ هذه شكوى من مشقّة العبادة ، بل يقال : إنّ هذا خبر ، وفرق بين الخبر المجرّد وبين الخبر الذي يراد به الشّكوى، ولهذا يجوز للمريض أن يخبر بما يجد لكن من غير شكوى، مثلا يقال كيف أنت؟
فيقول: والله البارحة سهرت وتعبت وآلمني كذا وآلمني كذا، إخبارا لا شكوى، ولهذا بعض المرضى يقول إخبارا لا شكوى.
وهناك فرق بين الإنسان الذي يشتكي والإنسان الذي يخبر.
طيب فإذا أخبرت أنّ العبادة شقّت عليك لا تشكّيا منها فهذا لا بأس به.
ومن فوائد الحديث أيضا: حسن تعليم الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وحسن خُلُقِه مع أصحابه، لأنّه شرب هذا بعد العصر والنّاس ينظرون، كلّ هذا من أجل التّسهيل والتّيسير علينا.
ومنها أيضا: جواز سؤال الغير حيث لا يكون هناك منّة على السّائل، من أين تؤخذ؟
الطالب : فدعا بقدح.
الشيخ : من قوله: ( فدعا بقدح ) : فإنّ الإنسان لا حرج عليه إذا كان لا يرى منّة عليه في السّؤال أن يسأل، ومثل الرّسول صلّى الله عليه وسلّم إذا سأل أحداً وقال: هات القدح يعتبر المسؤول هذا؟
الطالب : منّة.
الشيخ : منّة من الرّسول عليه، فهناك فرق، لكن لو تدعو إنساناً مساوياً لك تقول أعطني قدحا تلقاه يتمغط بالساعتين ويمد يده إلى أن يعطيك إيّاه، هذا الأحسن أن تسأله أو لا؟
الطالب : لا.
الشيخ : ما تسأله، لأنّ فيه منّة وفيه إحراج لهذا الرّجل.
أمّا بعض النّاس تسأله قبل أن ينتهي الكلام وهو قائم سائر بشدة يأتي لك بما تريد هذا ما يقال: إنّ سؤاله يعتبر من الذّلّ أمام النّاس، بل هذا من الأمر المباح الذي سنّه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأمّته.
طيب ومنها: جواز الإخبار بالكلّ عن البعض، من قولهم؟
الطالب : إنّ النّاس.
الشيخ : ( إنّ النّاس قد شقّ عليهم الصّيام ) ، لأنّ الظّاهر والله أعلم أنّه ليس كلّ النّاس يشقّ عليهم ذلك فإنّ النّاس يختلفون في التّحمّل، ويختلفون أيضا في الجوع وفي العطش، بعض النّاس يجوع سريعا ويعطش سريعا، وهذا فرد من أفراد كثيرة وهي جواز إخبار الإنسان بما يغلب على ظنّه، بل جواز إقسامه على ذلك كما سيأتينا إن شاء الله في حديث أبي هريرة، نعم.
الطالب : الفوائد شيخ !
الشيخ : هاه؟ طيب، هذا خلاص الفوائد، فيه شيء؟
الطالب : أنّه ليس كل مجتهد مصيب.
الشيخ : إي، يمكن؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : يدلّ على أنّ ليس كلّ مجتهد مصيباً، لكن ما أدري هل هذه من مسائل الإجتهاد لأن النّاس يصومون ويفطرون على سبيل أنّ هذا شرع وليس على سبيل الاجتهاد، لأنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم يقرّهم على هذا، نعم؟
الطالب : لأن بعض الناس قال: قد اجتهدوا.
الشيخ : أي.
الطالب : فظنوا !
الشيخ : نعم هذه من هنا، من هذه صحّ، إنّ بعض النّاس قد صام، فهذا صحيح، هؤلاء اجتهدوا بلا شكّ، لكن اجتهادهم صار خطأ.
طيب إذن نأخذ منه: أنه ليس كلّ مجتهد مصيبا من جهة، ومن جهة أخرى: أنّ من أخطأ في اجتهاده فيجب الإنكار عليه وبيان خطئه، وحينئذ نقول: إنّ العبارة المشهورة عند العلماء : " لا إنكار في مسائل الاجتهاد " مقيّدة بما إذا لم يكن ذلك الإجتهاد مخالفا؟
الطالب : للنّصّ.
الشيخ : للنّصّ، فإن كان مخالفا للنّصّ فإنّه ينكر عليه، لكن ما دامت المسألة محتملة للاجتهاد فإنّه لا ينكر إذ ليس اجتهادك أولى بالقبول من الإجتهاد الآخر، أو أولى بالصّواب من اجتهاد الآخر.