فوائد حديث ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هلكت يا رسول الله ...). حفظ
الشيخ : ففي هذا الحديث من الفوائد والقصّة واضحة الآن، فيه من الفوائد فوائد كثيرة، حتى إنّ بعضهم جمع فيه ألف فائدة وفائدة، نعم ألف فائدة وفائدة.
الطالب : ألف وواحد.
الشيخ : أي ألف وواحد، نعم، لكن عاد نشوف نجمع ألف وإلاّ أقلّ وإلاّ، الله أعلم:
طيب أوّلًا : حسن خلق النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ودعوته إلى شرع الله، وجه ذلك : أنّه لم يعنّف هذا الرّجل، ولو يوبّخه على ما صنع، مع أنّ الذي صنعه من كبائر الذّنوب، لأنّه انتهاك لحرمة رمضان وفرضيّة الصّوم، ولكن لم ينتهره النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام، لماذا؟
لأنّ الرّجل جاء تائباً، وفرق بين من يجيء تائباً يريد الخلاص، وبين إنسان غير مبالٍ بما يصنع من الذّنوب.
طيب ومن فوائد هذا الحديث: أنّه يجوز للرّجل أن يخبر عن ذنبه عند الاستفتاء ولا يقال: إن هذا من باب كشف ستر الله عزّ وجلّ، وجهه؟
الطالب : ...
الشيخ : وجه الاستدلال؟
الدّليل صحيح هو ما قلتم، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم ينكر عليه لم يقل: اجعل هذا بيني وبينك، ما أنكر عليه.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الرّجل إذا أفطر بالجماع وجبت عليه الكفّارة وإن لم يعلم أنّها واجبة عليه، من أين يؤخذ؟
الطالب : من سؤاله.
الشيخ : لأنّ هذا الرّجل لم يدر ماذا يجب عليه، لكن يدري أنّ الجماع حرام؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم، من أين نعلم ذلك؟
من قوله: هلكت، وإن كان فيه احتمال أنّه أُخبر بعد أن فعل بأنّ ذلك حرام فيه احتمال، لكن هذا الاحتمال وارد، وقد مرّ علينا أنّ الأصل عدم الوارد يعني: بمعنى أنّ هذا الاحتمال يرد على القضيّة ورودا يعني: ليس هو من لوازم القضيّة بل هو وارد عليها والأصل عدم الورود .
فإذا قال قائل: يحتمل أنّه أخبر بعد أن فعل؟
قلنا أين الدّليل؟ الأصل عدم ذلك وحينئذ يبقى الاستدلال بهذا الحديث واضحا بأنّ الرّجل كان عالما بأنّه حرام ولكنّه جاهل بما يجب عليه.
طيب هل يقاس على ذلك ما لو زنى رجل وهو يعلم أنّ الزّنا حرام لكنّه يجهل الحدّ الواجب فيه؟
الطالب : لا يقاس.
الشيخ : لا يقاس؟
الطالب : لا يقاس.
الشيخ : أي نعم، يقاس عليه بلا شكّ ، لأنّ العلم بالعقوبة ليس بشرط ، الشّرط العلم بالحكم الشّرعيّ ، وإذا علم الإنسان الحكم الشّرعيّ وأقدم على انتهاكه عوقب بما يقتضيه ذلك الإنتهاك ، والعلم بالحدّ ليس بشرط ، وقد مرّ علينا في كتاب الحدود : أنّ الشّرط أن يكون عالما بالتّحريم.
طيب ومن فوائد هذا الحديث: وجوب الكفّارة المغلّظة في الجماع في نهار رمضان، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أوجب عليه الكفّارة.
فإن قلت: هل يقاس على ذلك إذا كان صائما في قضاء رمضان أو لا يقاس؟
الطالب : لا يقاس.
الشيخ : يقال: لا يقاس، والفرق بينهما حرمة الزّمن، وعليه فلو أنّ الرّجل جامع زوجته وهو يصوم رمضان قضاء فلا كفّارة عليه، وذلك لأنّ وجوب الكفّارة من أجل انتهاك الصّوم في زمن محترم وهو نهار رمضان.
ولذلك الآن يدلّكم على هذا: لو أنّ رجلا أفطر في قضاء رمضان عامدًا فالفطر حرام، لكن هل يلزمه الإمساك إلى الغروب؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، ولو أفطر في نهار رمضان عامدًا فالفطر حرام ويلزمه الإمساك، وإذا كان الجماع في نهار رمضان يمتاز عن غيره بهذه العلّة فإنه لا يمكن إلحاق غيره به.
طيب من جامع زوجته في كفّارة عليه كفّارة؟
الطالب : لا.
الشيخ : ليس عليه كفّارة، لكنّ صومه يبطل بلا شكّ، لكنّه ليس عليه كفّارة ككفّارة المجامع في نهار رمضان.
طيّب ويستفاد من هذا الحديث: أنّ الرّجل لو جامع غير زوجته في نهار رمضان فلا شيء عليه.
الطالب : لا يا شيخ.
الشيخ : ليش؟ انظر للحديث يقول: ( وقعت على امرأتي ).
الطالب : عليه الكفّارة والحدّ.
الشيخ : نشوف، إذا قيل من باب أولى قد يقول قائل: إنّ هذا سيحدّ ويكتفى بحدّه عن الكفّارة فلا يجمع عليه بين كفّارتين؟ هاه؟
الطالب : يجمع.
الشيخ : فالجواب عن ذلك أن يقال: أمّا قوله: ( على امرأتي ) فهذا وصف طردي لا أثر له، الوصف الطّردي الذي يسمّيه بعض الأصوليّين مفهوم اللّقب هذا لا أثر له، والأثر الحقيقي للمعنى وهو الفعل الذي هو الجماع، هذا وجه. وجه آخر: ما يمكن أن نقول أنّ هذا الأغلب لأنّك إذا قلت أنّه الأغلب كان معناه في غير الأغلب؟
الطالب : يطأ غيرها.
الشيخ : يطء غير زوجته نعم، لكن نقول هذا وصف طرديّ ليس قيدا فلا يؤثّر في الحكم.
طيب إذن نقول: إذا جامع غير امرأته في نهار رمضان فإن انطبقت عليه شروط الحدّ وجب عليه شيئان :
كفّارة الجماع ، والثّاني الحدّ.
طيّب وإن وقع على غير امرأته على وجه يعذر فيه كالوطء بشبهة فعليه؟
الطالب : الكفّارة.
الشيخ : الكفّارة فقط.
الطالب : على أمته؟
الشيخ : نعم؟
الطالب : على أمته؟
الشيخ : إذا وقع على أمته نعم ففيه الكفّارة فقط.
طيب يستفاد من هذا الحديث: أنّه لو جامع زوجته في رمضان والصّوم غير واجب عليه فلا كفّارة عليه.
الطالب : نعم.
الشيخ : يستفاد من هذا الحديث؟
الطالب : نعم.
الشيخ : لو جامع زوجته في نهار رمضان وهو صائم والصّوم غير واجب عليه فلا كفّارة عليه.
الطالب : نعم.
الشيخ : من أين يؤخذ؟
الطالب : يؤخذ من !
الشيخ : دقيقة، هلكت، لأنّ المسافر لو أفطر في نهار رمضان وهو صائم يهلك ولاّ لا؟
الطالب : لا يهلك.
الشيخ : لا يهلك، يباح له ذلك، وعلى هذا فلو أنّ رجلا كان مع امرأته في نهار رمضان صائمين وهما مسافران فجامعها فلا شيء عليه.
طيب ويستفاد من هذا الحديث: جواز الفتوى بدون السّؤال عن الموانع، من أين يؤخذ؟
الطالب : من فتوى النبي.
الشيخ : لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يسأله لم يقل: هل أنت مسافر، ولكن أفلا يحتاج هذا إلى نقاش هذه الفائدة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : كيف؟
الطالب : قوله: هلكت واضح.
الشيخ : لأنّ قوله: هلكت يدلّ على أنّ الصّوم؟
الطالب : واجب.
الشيخ : واجب عليه، وحينئذ لا يستقيم هذا الاستدلال ، ولكنّ المسألة من حيث هي صحيحة، يعني : أنّه يجوز للمفتي أن يفتي ولا يسأل عن الموانع، فلو جاءه رجل وقال: إنّي طلّقت زوجتي طلقة فهل لي أن أراجعها؟
هل يلزم أن يقول طلّقتها في الحيض؟ طلّقتها في طهر لم تجامعها فيه؟ طلّقتها حاملا؟ طلّقتها في طهر جامعتها فيه؟
الطالب : لا يلزم.
الشيخ : لا، لو جاءه يسأل هلك هالك عن ابن وعمّ، فهل يلزمه أن يسأل هل الابن قاتل؟ هل هو رقيق؟ هل هو مخالف لدين أبيه؟
لا، فذكر الموانع لا تتوقّف عليه الفتوى، أمّا التفصيل في أمر وجوديّ فلا بدّ منه، كما لو قال السّائل: هلك هالك عن أخ وبنت وعمّ، فهنا البنت ما يحتاج يستفصل فيها ولاّ لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم، لها النصف ، والعمّ الشّقيق والأخ يحتاج يستفصل يا ياسر، يقول من الأخ؟ يقول: من الأخ أو ما الأخ؟
الطالب : ما الأخ.
الشيخ : ما الأخ، إن كان أخاً من أمّ فالباقي بعد فرض البنت للعمّ، وإن كان أخا لغير أمّ فالباقي بعد فرض البنت؟
الطالب : للأخ.
الشيخ : فحينئذ يحتاج إلى استفصال، فبخلاف ذكر الموانع فليس بشرط.
إنّما لو ذكر المانع في الاستفتاء يجب أن يفتي على حسب هذا المانع، نعم؟
الطالب : حتى في الحدود؟
الشيخ : الحدود قد يقال: أنّها تدرأ بالشّبهات فلا بدّ من استثبات لأنّه قد يظنّ أنّه زنا وليس بزنا.
الطالب : هل يقال للجهل ؟
الشيخ : يمكن أن يقال إذا كثر الجهل، وقد يقال إنّه لا يلزم لأنّ الصّحابة في عهد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام كانوا يطلّقون ويفتَون أو يأخذون بالعدّة، ويدلّ لذلك أنّهم ليسوا كلّهم يعلمون هذا أنّ ابن عمر طلّق امرأته وهي حائض.
الطالب : الغالب عليهم أنّهم يعلمون، والآن غلب الجهل في المسألة.
الشيخ : والله قد يقال: أنّه إذا غلب الجهل، قد يقال بهذا، وقد يقال أنّ الأصل السّلامة، لأنّه مشكل بعد حالة النّاس الآن مع غلبة الجهل غلب عليهم نقص الإيمان، بدا كل واحد الآن يتحسف إذا طلّق وإلاّ شيء يأتي ويقول: أنا مطلّق وأنا غضبان، وإلاّ أنا مطلّق وهي حائض ويتّفق مع المرأة على هذه الدّعوة مشكلة .
الطالب : له حكم الزنا ؟
الشيخ : لا ، ما له حكم الزنا ، نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : أي نعم، عشان يأكل حرام، لكن ما هي كفّارة رمضان، ليست كفّارة الوطء في رمضان، يجب عليه كفّارة الوطء في العمرة .
الطالب : إذا كان يعني؟
الشيخ : حتى يقوم بالكفّارة أو يقام عليه الحدّ؟ نقول يقام عليه الحدّ ما يؤخّر.
الطالب : ...
الشيخ : لا ما قال: في كلّ يوم مسكين، قال: ( عن كلّ يوم مسكين )، وهذا الآن أطعم عن كلّ يوم مسكين.
نعم إذا لم يوجد في البلد سواه يمكن يجزئ، نعم؟
الطالب : ... أن يصوم.
الشيخ : نعم.
الطالب : ...
الشيخ : نعم، لا المشقّة الزّائدة عن الحضر، يعني المشقّة في السّفر، مع أنّه في أيّام الشّتاء ما يحصل فيه مشقّة إطلاقا، يحتاج ندرس المسألة هذه اليوم.
الطالب : ...
الشيخ : أي نعم نعم .
من فوائد الحديث: السّؤال عن المجمل، سؤال المفتي عن المجمل، من أين يؤخذ؟ من قوله: ( وما أهلكك؟ ) لما قال: هلكت.
ومن فوائده أيضا: إثبات رسالة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، لقوله: ( يا رسول الله ) فأقرّه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
ومن فوائده أيضا: أنّه تنبغي الكناية عمّا يستحيا منه لقوله: ( وقعت على امرأتي ) ولم يقل جامعت.
ومن فوائد الحديث: الاستفهام عن الشّيء مرتبة مرتبة إذا كان له مراتب، لأنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام قال: هل تجد كذا، هل تجد كذا، فدلّ هذا على أنّ المفتي ينبغي أن يسأل عن مراتب الشّيء أوّلا بأوّل إذا كان له مراتب.
ومن فوائده أيضا: أنّه لا يجزئ الجمع بين خصلتين من خصال الكفّارة كما لو أعتق نصف عبد وأطعم ثلاثين مسكيناً ، أو صام شهراً لقوله: ( رقبة )، وقوله: ( شهرين )، وقوله: ( ستّين مسكينا ).
ومن فوائد الحديث: أنّ كفّارة الجماع في نهار رمضان على التّرتيب لأنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم لم ينتقل عن خصلة إلاّ حين قال الرّجل إنّه لا يستطيع أو لا يجد، نعم.
ومنها: فضيلة العتق لأنّه بدأ به أوّلا، ولأنّه كفّارة عن هذا الذّنب العظيم، نعم.
ومنها: إثبات الرّقّ شرعاً لقوله: ( هل تجد ما تعتق؟ ) فإذن الرّقّ ثابت.
ومنها: جواز قول الإنسان لذي الشّرف والمنزلة العظيمة: لا، دون أن يلجأ إلى قوله: سلامتك، عندنا مثلا إذا كان واحد يكلّمك وهو شريف نحن نقول: ما لك لوى وإلاّ سلامتك، وهنا يقول: لا، فلا بأس أن تقول للإنسان ولو كان كبيرا في المرتبة أن تقول: لا.
ومنها أيضا: صحّة الاكتفاء بالجواب بما يدلّ عليه، لقوله: لا، فإنّ كلمة لا تتضمّن جملة السّؤال، ولهذا يقال: إنّ السّؤال معادٌ في الجواب.
ومن فوائد الحديث: أنّ الإنسان مؤتمن على عباداته، من أين يؤخذ؟
من اكتفاء الرّسول عليه الصّلاة والسّلام بجواب هذا الرّجل بقوله: لا، ما قال هات بيّنة أنّك لا تجد، ولا قال لما قال: لا أستطيع الصّوم إنّك امرئ شابّ وما أشبه ذلك وتستطيع، فالإنسان مؤتمن على عباداته، ولهذا قال العلماء: إنّ الرّجل يصدّق إذا قال: إنّي صلّيت، أو قال إنّي أدّيت الزّكاة، أو قال إنّي صمت، أو قال إنّي كفّرت أو ما أشبه ذلك، ويصدّق بلا يمين، لأنّه مؤتمن على عباداته.
اللهمّ إلاّ إذا كان فيه حقّ لآدميّ كالزّكاة فإنّه قد يتوجّه إلزامه باليمين أحياناً إذا اتّهمه القاضي أو اشتبه في أمره.
أمّا الحقّ الخاصّ لله المحض فهذا لا يحلّف عليه الإنسان لأنّه مؤتمن على دينه فيما بينه وبين ربّه.
ومن فوائد الحديث: اشتراط التّتابع في صيام الشّهرين، نعم لقوله: ( متتابعين ) : فلو أفطر بينهما يوما واحدا أعاد من جديد حتى وإن لم يبق آخر يوم فإنّه يعيد من جديد ، ولكن لو أفطر لعذر كمرض وسفر وما أشبهها فهل يقطع التّتابع؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، لماذا؟
لعموم قوله تعالى: (( فاتّقوا الله ما استطعتم )) ، وهذا ملتزم بتقوى الله عزّ وجلّ وأن يصوم شهرين متتابعين لكن حصل له مانع.
ماذا تقولون لو سافر ليفطر؟
الطالب : ينقطع.
الشيخ : ينقطع التّتابع ولاّ لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم ينقطع التّتابع، إذا أفطر ينقطع التّتابع، لأنّ هذا حيلة على إسقاط ما أوجب الله عليه.
ومن فوائد الحديث: أنّ المعتبر الشّهور لا الأيّام، لقوله : ( شهرين ) ، والشهر كما قال النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام : ( يكون هكذا وهكذا وهكذا وقبض الإبهام يعني ويكون تسعة وعشرين ) ، وعلى هذا فإذا ابتدأ الصّوم في اليوم السّابع عشر من شهر ربيع الأوّل ينتهي في اليوم؟
الطالب : السادس عشر
الشيخ : السّادس عشر من شهر جمادى الأولى كذا؟
حتى وإن كان شهر ربيع الأوّل ناقصا وشهر ربيع الثّاني أيضا ناقصا، فإن كانا ناقصين كم سيصوم؟
ثمانية وخمسين يوما.
طيب ومن فوائد الحديث: أنّه لا بدّ من إطعام ستّين مسكيناً ، لا إطعام طعام ستّين مسكيناً، أنّه يجب إطعام ستّين مسكينا لا إطعام طعام ستّين مسكينا صحّ؟
الطالب : نعم.
الشيخ : بينهما فرق؟
الطالب : نعم.
الشيخ : بينهما فرق، إذا قلنا إطعام طعام ستّين مسكينا صار معناه أن يجمع ما يكفي ستّين مسكينا ويعطيه ولو مسكينا واحدا وهذا لا يجوز، بل لا بدّ من إطعام ستّين مسكيناً لقوله هنا: ( فهل تجد ما تطعم ستّين مسكينا ). طيب ومنها: أنّنا إذا رجعنا إلى البدل أخذنا بكمال المبدل منه، من أين يؤخذ؟ ( ستّين مسكينا ) ، ولم يقل: إطعام ما يقابل صيام شهرين متتابعين ، لأنّنا نقول في الصّيام أنت وما تكون الشّهران، لكن في الإطعام تطعم ستّين مسكينا عن ستّين يوما، لأنّ الله جعل: (( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين )).
طيب ومن فوائد الحديث: عظم الجماع في نهار رمضان، لقوله: هلكت، ولإيجاب الكفّارة المغلّظة، لأنّ أغلظ الكفّارات هذه، وكفّارة الظّهار، وكفّارة القتل، فهذا يدلّ على أنّ الجماع في نهار رمضان من أعظم الذّنوب.
طيب فإن قلت: هل تجب الكفّارة في غير الجماع كما لو أكل أو شرب أو أنزل بتقبيل أو ما أشبه ذلك؟
فالجواب: لا، لأنّ الإنسان لا ينال من الشّهوة بهذه الأمور كما ينال بشهوة الجماع، ولأنّ شهوة الجماع شهوة تمتّع وتلذّذ، وشهوة الأكل في الغالب شهوة حاجة، فلهذا خفّفت، يعني لو أنّ الإنسان أكل وشرب عامدا فلا كفّارة عليه بخلاف الجماع.
طيب ومن فوائد الحديث: أنّ الإنسان قد يرزق من حيث لا يحتسب، لأنّ الله ساق صاحب هذا التّمر إلى أن جاء به إلى مجلس النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الذي كان فيه هذا الفقير، ولاّ لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : لقوله: ( ثمّ جلس فأتي النّبيّ ) إلى آخره.
طيب ومن فوائد الحديث: سقوط كفّارة الوطء في نهار رمضان عند العجز عنها من أين تؤخذ؟
الطالب : التّدرّج.
الشيخ : هاه؟
الطالب : التدرج في الحكم.
الشيخ : لأنّه لما قال: لا أستطيع إطعام ستين مسكينا ما قال تبقى في ذمّتك، لكن يعكّر على هذه الفائدة أنّه لما جيء بالتّمر قال له: ( خذ هذا فتصدّق به ) ، فإنّ هذا يدلّ على أنّها لم تسقط، وسيأتي إن شاء الله البحث فيه قريبا.
ومن فوائد الحديث أيضا: أنّ الإنسان ينبغي له إذا استفتى مفتيا في حلقة علم أن يجلس لينال فضل العلم، هاه؟ أو ما يمكن؟
الطالب : يمكن.
الشيخ : إلاّ، يقول ثمّ جلس.
الطالب : ...
الشيخ : ما يدل عليه؟
الطالب : جلس النبي ولا هو ؟
الشيخ : لا، الرّجل، الرّجل يا طلال خلّيك فاهم إن شاء الله.
طيب ومن فوائد الحديث أيضا: أنّه يجوز دفع الصّدقات للإمام ليقوم بدفعها لأهلها ، ( فأتي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعَرَق فيه تمر ) ، لأنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام هو الإمام ، والنّاس يأتون إليه أحيانا بمثل هذا ليصرفه في أهله.
ومن فوائد الحديث: أنّ الإمام مخيّر في صرف ما يأتيه من الأموال بمعنى: أنّ له أن يخصّ به من شاء، فلا يقال: يجب أن يوزّعه على النّاس بالسويّة نعم ، نقول هو مخيّر في أن يدفعه لمن شاء، من أين يؤخذ؟
الطالب : لأنّه أعطاه للرّجل.
الشيخ : لأنّه أعطاه لهذا الرّجل وقال: ( تصدّق به ) ، مع أنّ الرّجل في الواقع لم يأخذه إلاّ لدفعه كفّارة وليس لحاجته الخاصّة، لدفعه كفّارة.
إذن لو أنّ أحدًا من النّاس أرسل إليك دراهم من الزّكاة لتدفعها، ورأيت رجلا طالب علم، صاحب دين محتاجاً للزّواج، يحتاج إلى عشرين ألف للزّواج، والدّراهم التي أتتك عشرون ألفا، هل يجوز أن تعطيها لهذا الرّجل وحده؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : نعم، هاه؟
الطالب : ...
الشيخ : إيش؟
الطالب : إذا لم يحدّد فقال اصرفها في هذا .
الشيخ : هو للزّكاة، للزّكاة، وعلى هذا فيجوز أن تعطيها لهذا الرّجل وحده، لأنّه من أهل الزّكاة، ولا أحد يستطيع أن يحتجّ عليك ويقول: ليش تعطي فلان لحاله ونحن ما أعطيتنا، لأنّ الإنسان مؤتمن في هذا الشّيء.
طيب ومن فوائد الحديث: جواز مساعدة الإنسان في الكفّارة، من أين؟
من قوله: ( خذ هذا فتصدّق به ) .
ومن فوائده أيضا: أنّ الكفّارة تسمّى صدقة، لقوله؟
الطالب : تصدّق.
الشيخ : تصدّق، والجامع بينهما أنّ الصّدقة كما قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماءُ النّار ) ، والكفّارة أيضا تذهب أيضا خطيئة هذه المعصية التي كفّر عنها.
الطالب : من أين تؤخذ يا شيخ؟
الشيخ : هاه؟
الطالب : من أين تؤخذ هذه؟
الشيخ : من قوله: ( تصدّق به ).
الطالب : تصدّق بهذا.
الشيخ : بهذا أي نعم.
من فوائد الحديث أيضا: جواز ذكر الإنسان حاله من غنى أو فقر أو مرض أو حاجة لا على وجه الشّكاية إلى الخلق، لقول الرّجل: ( أعلى أفقر منّا؟ ) فيجوز لك أن تخبر إنسانا مثلا فتقول: إنّه فقير لا على سبيل الشّكاية.
وهل يجوز على سبيل السؤال؟
تأتي إلى شخص أمين تخبره أنّك في حاجة لعلّه يعطيك؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : هاه؟
الطالب : الحديث: ( لا تحلّ المسألة إلاّ لثلاث ).