فوائد حديث ( من مات وعليه صيام صام عنه وليه ). حفظ
الشيخ : نعود إلى فوائد هذا الحديث، نقول هذا الحديث فيه فوائد:
أوّلا: مشروعيّة الصّيام للوليّ إذا مات مورّثه قبل أن يصوم الواجب عليه، يؤخذ ذلك من قوله: ( صام عنه وليّه ) ولولا هذا لكان الصّيام عنه بدعة وكلّ بدعة ضلالة.
ويستفاد منه أيضا من هذا الحديث: أنّ من مات وعليه صيام من رمضان فإنّه يصام عنه لعموم قوله: ( وعليه صيام ) وهذا هو القول الرّاجح في هذا الحديث، وذهب بعض أهل العلم إلى أنّه لا يصوم أحد عن أحد.
وذهب آخرون إلى أنّه يصام النّذر ولا يصام قضاء رمضان فالأقوال إذن؟
الطالب : ثلاثة.
الشيخ : ثلاثة، حجّة القائلين بأنّه لا يصام عن أحد حديث روي عن النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام أنّه قال: ( لا يصوم أحد عن أحد، ولا يصلّي أحد عن أحد ) قالوا وهذا عامّ فيكون هذا الحديث على رأيهم منسوخا لأنّهم لا يقولون به.
ويقولون أيضا: لو قلنا إنّه يصوم عنه فإن أثّمناه بعدم الصّوم خالفنا قوله تعالى: (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) ، وإن لم نؤثّمه فقد يكون مخالفا لظاهر الحديث لأنّ ظاهر حديث: ( صام عنه وليّه ) الأمر والأصل في الأمر؟
الطالب : الوجوب.
الشيخ : الوجوب، أمّا الذين قالوا إنّه في النّذر خاصّة، أنّ هذا في النّذر دون الواجب بأصل الشّرع، فقالوا: لإنّ الواجب بأصل الشّرع أوكد من حيث الفرض من الواجب بالنّذر، لأنّ الواجب بأصل الشّرع أوجبه الله على عباده عينا، والواجب بأصل النّذر أوجبه الإنسان على نفسه، فدخلته النّيابة دون الواجب بأصل الشّرع، فهو كما لو التزم الإنسان بدين عليه ثمّ مات فإنّه يقضى عنه، ولكن نقول هذا تعليل عليل كالأوّل، الأوّل رددناه بأنّ الحديث ضعيف، وأظنّ أنّني نسيت أن أردّ عليه، نردّ الأوّل بأنّ الحديث الذي نقلوه ضعيف، والثاني لو فرضت صحّته لكان عامّا يخصّ بهذا الحديث، ويكون معنى: ( لا يصوم أحد عن أحد ) : يعني لو كنّا أحياء وجاء واحد إلى شخص وقال: والله أنا أعرف أنّ الصّوم يكلّفك ولكنّي سأصوم عنك هذا ما يجوز، نعم، وأمّا إذا مات فهي مسألة خاصّة فيكون مخصّصة للعموم على تقدير صحّة الحديث أمّا على رأي من رأوا أنّه خاصّ بالنّذر فنقول لهم هذا ضعيف أيضا، لأنّا لو نظرنا إلى الواجب بأصل الشّرع والواجب بأصل النّذر لوجدنا أنّ الواجب بالنّذر نعم قليل بالنّسبة إلى الواجب بأصل الشّرع، متى يأتي رجل ينذر أن يصوم ولكن متى يكون على الرّجل قضاء من رمضان؟
الطالب : كثير.
الشيخ : كثير، فكيف نحمل الحديث على الشّيء النّادر القليل وندع الشّيء الكثير؟ هذا بعيد، إذا حملنا كلام الرّسول عليه الصّلاة والسّلام على الشّيء النّادر وألغينا الشّيء الكثير فهذا صرف للكلام عن ظاهره، وعلى هذا فنقول: الصّواب بلا شكّ أنّه يجوز أن يصام عن الميّت ما كان واجبا بأصل الشّرع وما كان واجبا بالنّذر.
طيب رجل مرّ به رمضان وهو مريض مرضا معتادا يرجى برؤه كالزّكام مثلا استمرّ به المرض حتى مات في آخر شوّال، يقضى عنه وإلاّ لا؟
الطالب : لا يقضى.
الشيخ : هاه؟
الطالب : لا يقضى.
الشيخ : لا يقضى عنه، لماذا؟
الطالب : لم يتمكّن.
الشيخ : لأنّه لم يتمكّن والمريض عليه عدّة من أيّام أخر.
رجل آخر عليه قضاء من رمضان كان مسافرا لمدّة خمسة أيّام وقدم من سفره وبعد مدّة مرض ومات يصام عنه وإلاّ لا؟
الطالب : يصام عنه.
الشيخ : يصام عنه، لأنّ هذا قد وجب عليه الصّوم وتمكّن منه وفرّط فيه فيصام عنه.
طيب هل يصام عنه متتابعا أو متفرّقا؟
نقول: ظاهر الحديث ( صام عنه وليّه ) أنّه يجوز متتابعا ويجوز متفرّقا، كما أنّ الأصل الميّت الذي عليه الصّوم إذا صام متتابعا أو متفرّقا جاز فكذلك من صام عنه يجوز أن يصوم متتابعا ومتفرّقا.
طيب في الحديث دليل على أنّه لو اجتمع عدد من الأولياء وصام كلّ واحد منهم جزءً ممّا عليه فهو جائز، من أين يؤخذ؟
الطالب : ( صام عنه وليّه ).
الشيخ : من عموم قوله: ( صام عنه وليّه ) ، إلاّ إذا كان الصّوم ممّا يشترط فيه التّتابع فلا يجزئ مثل؟
الطالب : الكفّارة.
الشيخ : الكفّارة، فإنّه لا يجزئ لأنّه من ضرورة التّتابع أن لا يصوم جماعة عن واحد، فمثلا إذا قدّرنا أنّهم عشرون نفرا وواجب عليه صيام شهرين متتابعين كم يصوم كلّ واحد؟
الطالب : ثلاثة أيّام.
الشيخ : ثلاثة أيّام؟
الطالب : ثلاثة أيّام.
الشيخ : أي نعم، ثلاثة أيّام، لو صام واحد ثلاثة أيّام، والآخر ثلاثة أيّام، والثّالث ثلاثة أيّام، ما صام كلّ واحد شهرين متتابعين حتى لو فرض أنّ كلّما فرغ واحد من ثلاثة شرع الثّاني ثمّ الثّالث إلى آخره فإنه لا يصحّ، لأنّه لم يصم كلّ واحد شهرين متتابعين.
أمّا في رمضان فيمكن لأنّ الله قال: (( فعدّة من أيّام أُخَر )) مطلقة، ولهذا لو كان عليه عشرة أيّام من رمضان وكان أولياؤه عشرة، كم يصام في يوم واحد؟
الطالب : عشرة.
الشيخ : يجزئ؟
الطالب : نعم.
الشيخ : يجزئ.
الطالب : لا يمنع.
الشيخ : نعم؟
الطالب : العدّة.
الشيخ : هذه عدّة، (( فعدّة من أيّام أخر )) كلمة أيّام قد نقول إنّها مبنيّة على الغالب، وإلاّ فهذه عدّة ولكن في يوم واحد، إلاّ أن يقال: هذا بناء على الغالب على أنّ الذي سيصوم رجل وحده.
طيب هذه أظنّ انتهى الكلام على الحديث الأخير، والحديث الأول تقول ما فيه فوائد؟
الطالب : أخذنا فوائده.
الشيخ : أخذنا فوائده، طيب.