فوائد حديث ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفه ...). حفظ
الشيخ : فيستفاد من الحديث عدّة فوائد:
أوّلاً: حرص الصّحابة رضي الله عنهم على العلم، من أين تؤخذ؟
الطالب : أنا؟
الشيخ : أيوا أنت.
الطالب : من السّؤال.
الشيخ : النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
طيب هل سؤال الصّحابة عن هذا للعلم أو للعلم والعمل؟ بندر؟
الطالب : للعلم والعمل.
الشيخ : للعلم والعمل، أمّا أسئلتنا نحن في هذا العصر فأكثرها للعلم، العلم كثير ولكنّ العمل قليل.
ومن فوائد الحديث: أن صوم يوم عرفة يكفّر سنتين ماضية وباقية، وظاهر الحديث أنّه يكفّر الصّغائر والكبائر، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أطلق ولم يفصّل، وما أطلقه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فإنّه يكون مطلقا.
وقد أخذ بهذا بعض العلماء وقال إنّه يكفّر السّنة الماضية والباقية سواء كانت هذه الذّنوب صغائر أم كبائر، ولكنّ الجمهور على أنّه لا يكفّر إلاّ الصّغائر، أمّا الكبائر فلا بدّ لها من توبة، وأيّدوا رأيهم قالوا: لأنّ صوم يوم عرفة ليس أوكد ولا أفضل من الصّلوات الخمس أو الجمعة أو رمضان، وقد قال النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام: ( الصّلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفّرات لما بينهنّ ما اجتنبت الكبائر ) فقالوا: إذا كانت هذه العبادات العظيمة الجليلة التي هي من أركان الإسلام لا تقوى على تكفير الكبائر فصوم هذا اليوم النّفل من باب أولى، فيه أيضا -خلينا بس نكمل الفقرة هذه- .
الطالب : الرّاجح؟
الشيخ : الرّاجح : أنّه يقيّد كما قيّد في الصّلوات الخمس ورمضان إلى رمضان. وظاهر الحديث أنّه يسنّ أو يشرع صوم يوم عرفة لمن كان واقفا بها ولغيرهم.
الطالب : لا.
الشيخ : ظاهر الحديث هكذا، لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يفصّل، سئل عن صوم يوم عرفة بدون أن يقال: في عرفة أو خارج عرفة.
وهذه المسألة مختلف فيها، فقال بعض العلماء: إنّ هذا الحكم شامل لمن كان واقفا بعرفة ولم يكن واقفا بها.
ولكنّ الصّحيح الذي عليه الجمهور أنّه لمن لم يقف بعرفة، فأما من كان واقفا بها فالمشروع له أن يفطر، واستدلّ هؤلاء بأنه يروى عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ( أنّه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة ) وهذا الحديث وإن كان ضعيفا ولكن يشهد له فعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الثّابت في الصّحيح : ( أنّه صلّى الله عليه وسلّم أتي يوم عرفة بقدح من لبن فشربه والنّاس ينظرون إليه )، وهذا يدلّ على أنّ المشروع هو الفطر ولهذا أعلمه النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام.
وأيضا فإنّ الذين في عرفة مسافرون، إن كانوا من غير مكّة فالأمر ظاهر، وإن كانوا من أهل مكّة فالصّحيح أنّهم مسافرون ، لأنّ أهل مكّة كانوا يقصرون مع الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ويجمعون في عرفة ومزدلفة وفي منى، وهذا يدلّ على أنّهم مسافرون.
وإذا قدّر أنّ الرّجل من أهل عرفة مثلا حجّ وهو من أهل عرفة فهو في عرفة غير مسافر، فإنّ الأفضل له أن يفطر ليتقوّى بذلك على الدّعاء الذي هو مخصوص لهذا اليوم وهو من أهمّ ما يكون: ( خير الدّعاء دعاء يوم عرفة )، والإنسان الصّائم كما نعلم يكون في آخر النّهار الذي هو أرجى الأوقات إجابة يكون عنده كسل وتعب ولا يكون قويّا على الدّعاء.