تتمة فوائد حديث ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفه ...). حفظ
الشيخ : طيب أخذنا من فوائد هذا الحديث عدّة فوائد، نعم؟
الطالب : ما أكملناها.
الشيخ : نعم؟
الطالب : بقية الفوائد.
الشيخ : طيب، حرص الصّحابة رضي الله عنهم على السّؤال عن العلم.
ثانيا: أنّ الصّحابة يسألون عن العلم للعمل به لا لمجرّد العلم، عكس ما كان عليه كثير من النّاس اليوم يسأل ويبحث عن حكم المسألة ثمّ لا يعمل بها إلاّ قليلا.
ومن فوائده أيضا: فضيلة صوم يوم عرفة، ويستثنى من ذلك الواقف بعرفة، فإنّ الأفضل أن لا يصوم، لأنّه ثبت عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ( أنّه دعا بقدح من لبن يوم عرفة فشربه والنّاس ينظرون ) ، ليبيّن للنّاس أنّ هذا ليس يوم صوم لمن كان واقفا بعرفة.
ويروى عن النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام : ( أنّه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة ). والحكمة في استثناء هذا اليوم لمن كان حاجّا ، ليتقوّى على الدّعاء لأنّ الدّعاء خاصّ في هذا الزّمن وفي هذا المكان بخلاف صوم يوم عرفة، فلذلك صارت المحافظة عليه أولى من المحافظة على صوم ذلك اليوم.
ومن فوائد الحديث: أنّ التّكفير يكون في الماضي والمستقبل لقوله : ( السّنة الماضية والباقية )، ولكن المستقبل على سبيل الدّوام مدى الحياة لم يرد إلاّ للرّسول صلّى الله عليه وسلّم ولأهل بدر، أمّا في حقّ الرّسول فقد قال الله تعالى: (( ليغفر لك الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر )).
وأمّا لأهل بدر: ( فإنّ الله سبحانه وتعالى اطّلع على أهل بدر وقال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) ، وسبب ذلك أنّ هؤلاء القوم أتوا حُسنى كبيرة عظيمة أعزّ الله بها الإسلام وأهله وأذلّ بها الشّرك وأهله ولهذا سمّاه الله تعالى: (( يوم الفرقان )) فكان من شكر الله عزّ وجلّ لهؤلاء السّادة أن قال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
ولهذا قال بعض العلماء: كلّما رأيت حديثا فيه غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر فإنّه ضعيف، كلمة ما تأخّر تكون ضعيفة، لأنّ هذا خاصّ بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
أمّا مؤقّتا فكما رأيت في صوم يوم عرفة، يكفّر السّنة الماضية والآتية.
ومن فوائد الحديث: فضل صوم يوم عاشوراء لقوله: ( يكفّر السّنة الماضية ). ومن فوائده: أنّ فضل صوم عاشوراء أدنى من فضل صوم عرفة لأنّ يوم عرفة يكفّر سنتين، وهذا يكفّر سنة واحدة.
ومن فوائده: أنّ نعمة الله على المسلمين في الأمم السّابقة هي نعمة على جنسهم إلى يوم القيامة، فانتصار المسلمين في الأمم السّابقة هو من نعمة الله علينا، ولهذا صام النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هذا اليوم شكراً لله على ما أنعم به على موسى وقومه حيث أنجاهم من الغرق ونصرهم على فرعون، وأغرق فرعون وقومه.
ومن فوائد هذا الحديث: فضيلة صوم يوم الاثنين، لأنّه لما سئل عن صومه قال: ( ذاك يوم ولدت فيه، وبعثت فيه أو أُنزل عليّ فيه ) فهذا يدلّ على أنّ صومه مستحبّ وفيه فضل ، لأنّ ذكر هذه الأشياء التي فيها منفعة لعباد الله تدلّ على أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يرغب في أن يصام ذلك اليوم، ولهذا قال الله تعالى: (( يا أيّها الذين آمنوا كتب عليكم الصّيام كما كتب على الذين من قبلكم )) إلى قوله: (( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن )) فخصّ الله هذا الشّهر الذي أنزل فيه القرآن فدلّ ذلك على مزيّة هذا الشّهر بسبب نزول القرآن فيه.
طيب واستدلّ بهذا الحديث من قال: إنّه يسنّ الإحتفال بمولد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام جعل هذه المناسبة لها مزيّة وهي؟ صوم ذلك اليوم الذي ولد فيه، ولكن هل هذا الاستدلال صحيح؟
الطالب : دليل عليهم.
الشيخ : نعم؟
الطالب : دليل عليهم.
الشيخ : صحيح وإلاّ لا؟
الطالب : لا.
الشيخ : هو ليس بصحيح، نعم، هذا ليس بصحيح، وهم لا يعملون به أيضًا، أمّا كونه غير صحيح: فلأنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام قيّد الذي يشرع في ذلك اليوم وهو الصّوم هذا واحد، فدلّ ذلك على أنّ ما عداه ليس بمشروع وحينئذ يكون دليلا عليهم وليس دليلا لهم.
ثانياً: أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام عيّن اليوم ولم يعيّن الشّهر، وعلى هذا فلو صادف أنَّ يوم ولادة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام إن صحّ تعيين يوم ولادته في غير يوم الاثنين فإنّه لا يصام، لأنّ العلّة هو صوم يوم الاثنين، التّعيين في يوم الاثنين فقط.
ثالثا: أن نقول: الرّسول عليه الصّلاة والسّلام قال: ( ذاك يوم ولدت فيه وبعثت فيه وأنزل عليّ فيه ) وهم لا يعتبرون الإنزال فيه، وإنّما يعتبرون الولادة دون إنزال القرآن فيه، مع أنّ فضل الله علينا بالإنزال على الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أكمل من فضله بالولادة، لأنّ الذي حصل فيه الشّرف وتمّت به النّبوّة للرّسول عليه الصّلاة والسّلام هو؟
الطالب : نزول القرآن.
الشيخ : إنزال القرآن، أمّا قبل ذلك فإنّه بشر من البشر الذين ليسوا بأنبياء ولا رسل نعم، ولم يكن نبيّا إلاّ بعد ما أنزل إليه، ولم يكن هناك دين جاء به إلاّ بعد أن أنزل إليه.
ثمّ نقول: من قال لكم أنّ ميلاده في شهر ربيع؟ وأنّ ميلاده في الثاني عشر منه؟
كلّ هذا غير متيقّن، ومن المعلوم أنّ هذه البدعة لم تحدث في عهد الصّحابة ولا التّابعين ولا تابعي التّابعين، وأنّ القرون المفضّلة انقرضت ولم يتكلّم أحد منهم بكلمة ولم يفعل منهم أحد فعلا من هذا النّوع، وعليه فيكون محدثاً، وكلّ محدث يتقرّب به الإنسان إلى الله فهو بدعة وضلالة.
ثمّ نقول أيضا: هذه الذّكرى التي تقيمونها كان عليكم أن تصبحوا يومها صائمين، لأنّ هذه المناسبة التي عيّنها الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، أمّا أن تبقوا في تلك الذّكرى كثير منكم يقدّمون الحلوى والفرح وكذلك الأغاني التي كلّها غلوّ لا يرضاه الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، فليس هذا من إقامة ذكراه، بل هذه من محادّة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام.
طيب إذن نأخذ من هذا الحديث مشروعيّة صيام ثلاثة أيّام: يومان سنويّان، ويوم أسبوعيّ، نعم.
وعن أبي أيّوب الأنصاريّ رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، نعم؟
الطالب : فيه فائدة ذكرها صاحب *سبل السّلام؟
الشيخ : وهي؟
الطالب : يقول : " ينبغي تعظيم اليوم الذي أحسن الله فيه على عبده نعمة بصومه والتّقرّب إلى الله ".
الشيخ : أي.
الطالب : أيّ يوم تحصل فيه نعمة للإنسان يعظمه بصيامه.
الشيخ : أي هذا غير صحيح، نعم.