فوائد حديث ( من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر ) حفظ
الشيخ : أقول في هذا الحديث الحثّ على صيام ستّة أيّام من شوّال، لقوله: ( كان كصيام الدّهر ).
ووجه ذلك أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يذكر هذا إلاّ ترغيبا فيه وليس تحذيرا منه.
فإن قلت: أفلا يمكن أن يقول قائل: إنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ذكر ذلك تحذيراً لأنّه نهى عن صيام الدّهر كلّه وقال: ( لا صام من صام الأبد ) ؟
فالجواب : أنّ مثل هذا التّعبير يقطع به قطعا : أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم أراد أن يبيّن أنّ هذا يجزؤه عن صوم الدّهر بمعنى : يعادله في الأجر ، وحينئذ صوم الدّهر لا يبقى فيه إلاّ المشقّة وإتعاب النّفس.
ومن فوائد الحديث: أنّ صيام هذه الأيّام لا يجزئ عنها إلاّ إذا صام رمضان كاملا، وبناء على ذلك فمن كان عليه قضاء من رمضان وقال: إنّي سأبادر وأصوم السّتّة قبل أن يخرج شوّال والقضاء أجعله في ما بعد يجزئ ولاّ لا؟
الطالب : لا يجزئ.
الشيخ : لا يجزئ، وهذا ليس مبنيّا على خلاف العلماء هل يجوز صوم النّفل لمن عليه قضاء، يعني: هذا صرّح فيه النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام بأنّه من صام رمضان ثمّ أتبعه، وعليه فلا ينبني هذا على خلاف العلماء في التّطوّع بالصّوم ممّن عليه قضاء، لأنّ العلماء مختلفون فيما إذا كان عليه قضاء من رمضان هل لك أن تتطوّع في الصّوم كصوم عشر ذي الحجّة، وصوم عرفة، وصوم محرّم، وصوم الإثنين، أو لا تتطوّع فيه خلاف بين العلماء والرّاجح أنّك لا تتطوّع حتى تقضي الواجب.
طيب ومن فوائد هذا الحديث: أنّه يجوز أن تصوم هذه الأيّام على وجه التّتابع أو التّفريق، يؤخذ من إطلاق قوله: ( ستّا من شوّال )، وهل يؤخذ منه أنّ الأفضل أن يفصل بينها وبين رمضان بيوم لقوله: ( ثمّ أتبعه )؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم؟
الطالب : يؤخذ.
الشيخ : ذكر بعض العلماء أنّه يستحبّ أن يفصل بينها وبين رمضان بيوم لقوله : ( ثمّ أتبعه ) هذه واحدة.
ولأنّ الفرض والسّنّة ينبغي أن يفصل بينهما حتّى لا يختلط هذا بهذا، ولكن نقول: هذا القول فيه شيء من النّظر، لأنّ الفصل بين رمضان وهذه السّتّ حاصل بكلّ حال.
الطالب : يوم العيد.
الشيخ : بيوم العيد، وعليه فالمبادرة بصومها بعد يوم العيد أفضل لما فيه من المسارعة في الخير وعدم تعرّض الإنسان لأمر يمنعه من صومها، لأنّك لا تدري ما يعرض لك، أمّا يوم العيد فمعلوم أنّه لا يصام.
ويستفاد من هذا الحديث أيضا: أنّ صيامها بعد شوّال لا يجزئ، وهذا لمن تعمّد تأخيرها واضح، يعني: لو تعمّد تأخيرها بعد شوّال فإنها لا تجزؤه بلا شكّ، لأنّ هذه عبادة مؤقّتة، بماذا؟
الطالب : بشوّال.
الشيخ : بشوّال، فإذا أخّرتها بلا عذر عن شوّال لا تجزؤه، ولكن إذا أخّرها الإنسان لعذر مثل أن يسافر من يوم العيد إلى آخر شوّال فهل يقضيها أو لا؟ قد يقول قائل: إنّه يقضيها قياسا على قضاء رمضان، لأنّها عبادة مؤقّتة بوقت أخّرها عن وقتها لعذر فلا بأس أن يقضيها.
وقد يقال: إنّه لا يقضيها لأنّها سنّة فات محلّها بخلاف الفريضة.