فوائد حديث ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ...). حفظ
الشيخ : نرجع الآن إلى الفوائد:
من فوائد الحديث: أنّ عمل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بحسب المصالح يؤخذ من قولها:
( كان يصوم حتى نقول لا يفطر، وكان يفطر حتى نقول أنّه لا يصوم ).
ومن فوائده: أنّه ينبغي للإنسان أن يسوس نفسه في العمل الصّالح ويروّضها على العمل ويتبع ما هو أنفع نعم.
فإن قلت كيف نجمع بين هذا الحديث وبين قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( أحبّ العمل إلى الله أدومه وإن قلّ )؟
فالجواب أن يقال: لا تعارض، لأنّنا لا نقول اترك العمل هكذا بل نقول: اتركه لأيّ شيء؟
الطالب : لمصلحة.
الشيخ : لعمل آخر، لمصلحة، لغيره، وأنت إذا تركت العمل الذي تداوم عليه لمصلحة أو لعذر فكأنّك لم تتركه، قال النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام: ( من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما ) : يكتب له ما كان يعمل كأنّما فعله صحيحا مقيما، وحينئذ لا منافاة بين الحديثين.
ومن فوائد الحديث: فضيلة الصّوم لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يكثر منه حتّى يقال: لا يفطر.
ومن فضيلته أنّ للصّوم تطوّعا مقيّدا وتطوّعا مطلقا ما معنى مقيّد؟
يعني: مخصوصا بيوم معيّن، وصوما غير مخصوص بيوم معيّن، لكن سيأتينا إن شاء الله أنّ بعض الأيّام يحرم صومه مفردا ومجموعاً، وبعض الأيّام ينهى عن صومه مفردا لا مجموعا، وسيأتي في بيان ما نهي عنه إن شاء الله.
ومن فوائد الحديث: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يصم شهرا كاملا قطّ إلاّ رمضان صحّ؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم صحيح، هل يؤخذ منه أنّ تحريم الزّوجة ليس بظهار؟
الطالب : كيف شيخ ؟
الشيخ : هل يؤخذ من هذا الحديث أنّ تحريم الزّوجة ليس بظهار؟
الطالب : لا يؤخذ.
الشيخ : هاه؟
الطالب : ما معنى هذا؟
الشيخ : نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : الرّسول عليه الصّلاة والسّلام آلى من نسائه شهرا وأتمّ الشّهر ما جاءهن، وحرّم العسل وأمر بأن يكفّر كفّارة يمين، وقلنا: إنّ الصّواب أنّ التّحريم يشمل الزّوجة وغير الزّوجة، وكفّارة تحريم الزّوجة كفّارته : كفّارة يمين.
المهمّ أن الواقع لا يمكن الأخذ من هذا الحديث أنّ تحريم المرأة ليس بظهار، ما يمكن يؤخذ.
الطالب : ما وجهه ؟
الشيخ : وجه ذلك أن يقال: إنّ من خصال كفّارة الظّهار صوم شهرين متتابعين، وهذا أيضا حتى لا يصحّ لماذا؟
قد يقول قائل: لو فرض أنّ تحريم الزّوجة ظهار نعم فإنّ الرّسول قد يعتق ولايلزم أن يصوم شهرين متتابعين.
طيّب المهمّ على كلّ حال نقول: يؤخذ من هذا الحديث أنّه لا ينبغي للإنسان أن يصوم في التّطوّع شهرا كاملا، من أين يؤخذ؟
من كون الرّسول صلّى الله عليه وسلّم لم يفعله، وفعل الرّسول صلّى الله عليه وسلّم سنّة وتركه سنّة.
طيب لو أنّه صام يوما وأفطر يوما مدى الدّهر؟
الطالب : صيام داود.
الشيخ : هذا أفضل الصّيام، ولا يقال: إنّك صمت شهرا كاملا.
ومن فوائد الحديث أيضا: مشروعيّة إكثار الصّوم في شعبان، من أين يؤخذ؟ " ( وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان ) ".
هل يؤخذ منه بيان ضعف الحديث الذي رواه أبو هريرة: ( إذا انتصف شعبان فلا تصوموا )؟
الطالب : نعم.
الشيخ : كيف ذلك؟
الطالب : لأنّه يكثر الصّيام.
الشيخ : لأنّه مادام يكثر الصّيام في شعبان .
الطالب : زاد على النصف.
الشيخ : أكثر من النّصف، دلّ هذا على أنّ الثّاني ضعيف، وفيه مناقشة.
الرّسول عليه الصّلاة والسّلام قال: ( أحبّ العمل إلى الله أدومه وإن قلّ ) مع أنّ عائشة كانت تقول: ( إنّه يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم ) : كيف الجمع يا عبد الله زيدان؟
أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم كان يكثر الصّيام في شعبان تقول: ( وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان ) حتى المحرّم؟
الطالب : نعم.
الشيخ : حتّى المحرّم، ونحن لو ثبت عندنا أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم كان يصوم شهر المحرّم أكثر من شعبان لقلنا إنّ عائشة رضي الله عنها حكت ما رأت، هي تقول: ( ما رأيته ) ونفيها للرّؤية لا يمنع رؤية غيرها واضح؟
لكن لم يثبت عندنا أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام كان يصوم المحرّم كاملا بل قال في آخر حياته : ( لئن بقيت إلى قابل لأصومنّ التّاسع ) وهذا ممّا يردّ قول النّووي رحمه الله : " إنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام علم بفضل المحرّم قبل وفاته فلم يصمه " ، نعم.
على كلّ حال نقول كما قال ابن القيّم وجماعة من أهل العلم: إنّ شهر المحرّم أفضل الشّهور في الصّيام المطلق، وشهر شعبان صوم مقيّد لأنّه لرمضان بمنزلة الرّاتبة، والرّواتب للفرائض أفضل من النّوافل المطلقة، وعلى هذا فيكون الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يكثر الصّوم في شعبان لأنّه كالمقدّمة بين يدي رمضان فهو كالرّاتبة له، فيكون رمضان محفوفا بصيامين: صيام شعبان، وستّة أيّام من شوّال.
طيب يستفاد من هذا الحديث فوائد نعم؟
الطالب : السؤال.
الشيخ : السّؤال بعدين.
الطالب : ما هو سؤال مسألة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في محرّم أمر بصيامه.
الشيخ : نعم.
الطالب : وفي شعبان جاءنا دليل على أنّه فعله، وما فعله أقوى ممّا أمر به.
الشيخ : لا لا، بعض النّاس يعكس كلامك، بعض النّاس يقول: ما أمر به أوكد ممّا فعل، لكن على كلّ حال الواقع أنّ هذا يقال: إنّ محرّم صومه من باب الصّوم المطلق فهو أفضل الصّيام المطلق، يعني: لو قال قائل: نصوم ربيع الأوّل أو المحرّم؟
قلنا المحرّم، أمّا صوم شعبان فهذا من باب النّفل المقيّد، يعني أنّه كالرّاتبة للفريضة لشهر رمضان، ومعلوم أنّ النّفل المقيّد أفضل من النّفل؟
الطالب : المطلق.
الشيخ : المطلق.
نأخذ من الحديث فوائد: الفائدة الأولى .
الطالب : أخذناها.
الشيخ : هاه؟
الطالب : الفوائد مرت.
الشيخ : كيف؟
الطالب : أخذنا الفوائد كلّها.
الشيخ : أخذنا الفوائد كلّها؟
الطالب : إلى ...
الشيخ : لكن كلمة الإنسان يسوس نفسه في العبادات هذا مهمّ جدّا، لأنّ بعض النّاس إذا عمل العمل أثبته ولو جاء شيء أفضل منه لم يتركه، وهذا لا ينبغي، بل إذا جاء شيء أفضل منه تترك العمل إن كان ممّا يقضى قضيته وإن كان مما لا يقضى سقط عنك بما هو أفضل منه.
طيب بقينا في حديث: ( إذا انتصف شعبان فلا تصوموا ) :
قلنا: قد يؤخذ من هذا الحديث ضعف حديث أبي هريرة: ( إذا انتصف شعبان فلا تصوموا ) وجهه؟
( ما رأيته في شهر أكثر صيام منه في شعبان ) ، وقلت : إنّ هذا فيه مناقشة لأنّه قد يقال نعم هو يكثر الصّوم في شعبان إذا صام خمسة عشر يوما منه وكان لا يصوم في الشّهور الأخرى إلاّ عشرة أيّام مثلا، فإنّه يصدق أن يقال: إنّي ما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان، واضح؟
الطالب : نعم.
الشيخ : ولكن لفظ الحديث اللّفظ الثاني: ( كان يصومه كلّه ) وفي لفظ: ( كان يصومه إلاّ قليلا ) في نفس الحديث وهذا يتبيّن به الدّلالة على ضعف الحديث المذكور.
كما أنّ الإمام أحمد رحمه الله أعلّه بحديث: ( لا تقدّموا رمضان بصوم يوم ولا يومين )، طيب.