وعن أبي ذر رضي الله عنه قال :( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام : ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة ). رواه النسائي والترمذي وصححه ابن حبان . حفظ
الشيخ : طيب، ثمّ قال: " وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: ( أمرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام ) " :
( أمرنا ) : الأمر هو طلب الفعل على وجه الاستعلاء، لأنّ الأمر إذا كان من الأعلى إلى الأدنى فهو أمر، ومن الأدنى إلى الأعلى؟
الطالب : سؤال.
الشيخ : سؤال، ومن المماثل للمماثل؟
الطالب : التماس.
الشيخ : التماس، فالزّميل إذا أمر زميله فهو التماس، والأمير إذا أمر مأموره فهو أمر، والمأمور إذا أمر الأمير؟
الطالب : دعاء.
الشيخ : ليس دعاء، سؤال، السّؤال أحسن من كلة دعاء طيب.
" ( أمرنا أن نصوم من الشّهر ثلاثة أيّام: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة ) رواه النسائي والترمذي وصحّحه ابن حبّان " :
نعم، أمرنا الأمر هنا للإرشاد وليس للوجوب، والأيّام الثّلاثة نصف الشّهر، يعني في منتصف الشّهر، وتسمّى الأيّام؟
الطالب : البيض.
الشيخ : البيض، أي: أيّام اللّيالي البيض، وسمّيت اللّيالي فيها بيضاً لابيضاضها بنور القمر، واختير وسط الشّهر لأنّ فيه مصلحة للبدن، مصلحة طبّيّة لأنّ الدّم في هذه المدّة يفور ويزداد، والصّيام في هذه الأيّام يقلّل من مضرته، فإنّ الدّم كما يقال: يتبع القمر يزيد بزيادته وينقص بنقصانه، والقمر أكثر ما يكون امتلاءً من النّور في هذه الأيّام الثّلاثة ، فأمر النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام أن نصوم هذه الأيّام الثّلاثة.
ولكن صيام الأيّام الثّلاثة من كلّ شهر له جهتان:
الجهة الأولى: استحباب صيام الأيّام الثّلاثة مطلقا.
الوجه الثاني: استحباب أن تكون في هذه الأيّام، فاستحباب الأيّام الثّلاثة ثبتت من قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وفعله، فقد كان يصوم من كلّ شهر ثلاثة أيّام، وقال: ( صيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر صيام الدّهر كلّه )، ولكنّها غير معيّنة، تصوم مثلا أوّل يوم واليوم الحادي عشر واليوم التّاسع والعشرين يصحّ ولاّ لا؟
الطالب : نعم.
الشيخ : يصحّ، يعني: هذا صيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر، تصوم الرّابع والخامس والسّادس، أو الخامس عشر والسّادس عشر والسّابع عشر، أو الخامس والعشرين والسّادس والعشرين والسّابع والعشرين، يصحّ؟
الطالب : نعم.
الشيخ : يصحّ، ولهذا قالت عائشة في ما صحّ عنها: ( كان النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام يصوم ثلاثة أيّام من كلّ شهر لا يبالي أفي أوّل الشّهر صامها أم وسطه أم آخره ) .
أمّا الوجه الثّاني: فأن تكون الثّلاثة في هذه المدّة المعيّنة وهي: الثّالث عشر والرّابع عشر والخامس عشر.
ونظير ذلك الوتر سنّة ولاّ لا؟
الطالب : بلى .
الشيخ : من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، ولكن كونه في آخر اللّيل أفضل لمن يقوم آخر اللّيل، فهنا نقول: في الأيّام الثّلاثة من كلّ شهر هي سنّة مطلقا وكونها في هذه الأيّام الثّلاثة أفضل، كما أنّ الصّلاة في أوّل وقتها أفضل والوتر في آخر اللّيل أفضل، فهذا اختيار وقت فقط، وإلاّ فالأيّام مشروعة في أيّ وقت من الشّهر.