وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين : يوم الفطر ويوم النحر ). متفق عليه . حفظ
الشيخ : في الحديث السّابق دليل على منع المرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلاّ بإذنه.
" وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ( أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين: يوم الفطر ويوم النّحر ) متفق عليه " :
قوله : ( أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى ) : النّهي سبق لنا عدّة مرّات أنّه: طلب الكفّ على وجه الاستعلاء، يعني: على وجه يعتقد النّاهي أنّه أعلى رتبة من المنهيّ، وكلّ النّواهي التي ترد في الكتاب والسّنّة فهي على هذا الوصف.
فإنّ النّاهي إمّا الله عزّ وجلّ، وإمّا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
وقوله: ( عن صيام يومين يومِ الفطر ) بالكسر على أنّه بدل؟
الطالب : بعض.
الشيخ : بدل بعض من كلّ، ويوم الفطر هو أوّل يوم من شوّال، لأنّ النّاس يفطرون فيه من رمضان، ويوم النّحر هو اليوم العاشر من شهر ذي الحجّة لأنّ النّاس ينحرون فيه الضّحايا، وسمّي يوم النّحر تغليباً لما هو أكبر وأفضل وهي الإبل وإلاّ فإنّ فيه نحرا وفيه ذبحا.
في هذا الحديث يقول: نهى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن كذا، وإذا قال الصّحابيّ: نهى عن كذا فالصّواب بلا شكّ أنّه بمنزلة قوله: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا تصوموا، يعني : أنّ تعبير الصّحابيّ بقوله : نهى كالنّهي الصّريح بلفظ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، لأنّ هناك فرقا بين نهى وبين لا تصوموا لأنّ الثاني صريح، والصّواب أنّ الأوّل أيضا صريح.
وأمّا قول من قال: إنّه ليس بصريح، لاحتمال أن يكون الصّحابيّ فهم أنّه نهى وليس بنهي فهذا بعيد ولا يرد، وذلك لأنّ الصّحابيّ عالم باللغة العربيّة ومدلولاتها ولا سيما كلام النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الذي لم يزل يسمعه منه كثيرا.
فالصّواب أنّ قوله: أمر، وأنّ قوله: نهى، أنّ الأوّل بمنزلة افعل والثاني بمنزلة لا تفعل ولا فرق.
وقوله: ( عن صيام يومين يوم الفطر ويوم النّحر ) : إنّما نهى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن صيامهما لأّنّهما اليومان اللّذان يحصل بهما الأكل والشّرب إظهارا لنعمة الله سبحانه وتعالى بالنّحر في أيّام النّحر، وإظهارا للفطر في يوم الفطر، لأنّ النّاس لو صاموا لم يكن هناك فرق بين أوّل يوم من شوّال وآخر يوم من رمضان، واختلطت الأيّام التي يجب صيامها بالأيّام التي لا يجب، والشّارع له نظر في التّفريق ولهذا سبق لنا : ( أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم نهى أن يتقدّم الإنسان رمضان بصوم يوم أو يومين ) خوفا من أن يختلط الواجب بغيره .
ولأنّ العبادة المحدودة بوقت إذا لم يكن هناك تمييز بين طرفيها فإنّها تبدو وكأنّها إيش؟
غير مؤقّتة، فمن أجل هذه الحكم نهى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يصام يوم عيد الفطر.
وأمّا قول بعض أهل العلم: إنّه نهي عن صيامهما لأنّ الخلق في ضيافة الله ففيه نظر ظاهر، لأنّ الخلق دائما هاه؟
الطالب : في ضيافة الله.
الشيخ : في ضيافة الله عزّ وجلّ، لكن الحكمة هو هذا.
أمّا يوم النّحر فالحكمة فيه لأنّ النّاس لو صاموا لكان هذا عزوفا عن تمتّعهم بالأكل من هداياهم وضحاياهم، وقد أمر الله تعالى بالأكل منها، وقد أشار النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام إلى هذه الحكمة في قوله: ( أيّام التّشريق أيّام أكل وشرب وذكر لله عزّ وجلّ ): فلمّا كان الصّوم يحول بين الإنسان وبين أكله من هذه الشّعيرة العظيمة وهي: النّسك، نهى عنه النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام.
وقوله: ( نهى عن صيامهما ) : عامّ، يشمل صيامهما على أنّه فريضة، أو أنّه نافلة، ويشمل صيامهما مضمومين إلى ما بعدهما أو منفردين، يعني بمعنى: أنّه لا يجوز أن تصوم يوم الفطر ولو صمت اليوم الثاني، ولا اليوم العاشر ولو صمت اليوم التّاسع أو الحادي عشر فالنّهي عن صيامهما مطلقا.