فوائد حديث ( أيام التشريق أيام أكل وشرب ، وذكر الله عز وجل ). حفظ
الشيخ : طيب نعود إلى فوائد الحديث:
من فوائد الحديث أوّلا: أنّه ينبغي للإنسان أن يتمتّع بنعم الله من الأكل والشّرب، حتى في أيّام الأعياد؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : حتّى في أيّام الأعياد، بل هي أولى، ولهذا رُخّص للنّاس في أيّام الأعياد رُخّص لهم في شيء من الفرح لا يرخّص لهم في غيره، الجاريتان اللّتان تغنّيان في يوم بُعاث بين يدي الرّسول عليه الصّلاة والسّلام في أيّام منى، لما انتهرهما أبو بكر قال له النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام: ( دعهما فإنّها أيّام عيد ) ، فيستفاد من هذا: أنّه يبنغي للإنسان في أيّام الأعياد أن يتبسط وأن يفرح بنعمة الله سبحانه وتعالى عليه بإكمال الصّوم لا للتّخلّص منه ولكن للتّخلّص به، بينهما فرق؟
الطالب : نعم.
الشيخ : هاه؟ لا للتّخلّص منه ولكن للتّخلّص به، التّخلّص به من أين؟
الطالب : من الذنب.
الشيخ : من الذّنوب ، ( لأنّ من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه ) .
في يوم النّحر عرفة الواقف فيها يقال لهم : ( ارجعوا مغفورا لكم )، أو انصرفوا مغفورا لكم فلهذا صار عيدا يفرح به الإنسان من التّخلّص من الذّنوب، نعم بسبب هذا العيد.
ومن فوائد الحديث أيضا: تحريم صيام أيّام التّشريق، لأنّه خروج بها عن إيش؟
الطالب : عن مراد الشّارع.
الشيخ : خروج عمّا أراد الشّارع بها من أن تكون أيّام أكل وشرب.
ومنها: أنّه ينبغي للإنسان أن لا يلهيه الأكل والشّرب الذي هو غذاء البدن عن ذكر الله الذي هو غذاء الرّوح، فإنّ الإنسان إذا أكل وشرب حصل له من الأشر والبَطَر ما لا يحصل للجائع فأعرض عن ذكر الله، فقال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام : ( وذكر ) حتى لا يغفل الإنسان بالأكل والشّرب عن ذكر الله.
ومن فوائد الحديث: حكمة النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام في تربية الخَلْق ، لأنّه لمّا ذكر هذا الأكل والشّرب الذي يكون مظنّة للغفلة نبّههم على ذكر الله، قال: ( وذكر لله عزّ وجلّ ).
طيب ومنها: أنّه ربّما يستدلّ بعموم كلمة ذكر على مشروعيّة التّسمية على الذّبائح، لأنّه لا شكّ أنّ من ذِكْر الله في هذه الأيّام التّسمية على الذّبائح، والتّسمية على الذّبائح كما سبق لنا في كتاب الفقه شرط لحلّ الذّبيحة، فمن ذبح ذبيحة لم يسمّ الله عليها حرم أكلها حتّى وإن كان الذّابح ناسياً، لكن لو أكلها ناسيا فلا إثم عليه، لقوله تعالى: (( ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )).
ولا يصحّ أن يستدلّ بهذه الآية على حلّ ذبح مَن نسي التّسمية، لا يصحّ أن يستدلّ بهذه الآية: (( ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) على حلّ ما نسي الذّابح التّسمية عليه، لماذا؟
لاختلاف الفعلين، الذّابح له فعله فلا يؤاخذ إذا نسي أن لا يسمّي، وأمّا أنا الآكل فلي حكم فعلي والله يقول: (( ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم الله عليه )) ولهذا لمّا جاء قوم إلى الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وقالوا: ( يا رسول إنّ قوما من أهل الكتاب يأتوننا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ قال لهم: سمّوا أنتم وكلوا ) : ففرّق الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بين الفعلين، فعل أولئك عليهم مسؤوليّته، أمّا فعلكم أنتم وهو الأكل فعليكم مسؤوليّته.
طيب ومن فوائد الحديث: وصف الله عزّ وجلّ بالعزّة والجلال لقوله: ( عزّ وجلّ ) .
طيّب هل يؤخذ من هذا الحديث إباحة الأكل والشّرب؟
الطالب : هذا الأصل.
الشيخ : هاه؟
الطالب : بناء على الأصل.
الشيخ : أي لا، من هذا الحديث، ليس بناء على الأصل، هاه؟
الطالب : أيام أكل وشرب.
الشيخ : أي لكن لو قال قائل: هذه في أيّام التّشريق.
الطالب : باقي الأيّام من باب أولى.
الشيخ : لا، ما هي من باب أولى.
الطالب : ...
الشيخ : هاه؟
الطالب : ما يؤخذ يا شيخ.
الشيخ : من هنا ما يؤخذ، لكن يؤخذ من أدلّة أخرى ما فيه إشكال هذا، ما فيه إشكال أنّ الأكل والشّرب حلال، لكن هل نأخذه من هذا الحديث أم لا؟ لأنّنا نودّ أن نمرّن الإنسان على أخذ الفوائد واستنباطها من النّصوص.
طيّب ذكر الله هل هو باللّسان أو بالقلب أو بهما؟
الطالب : بهما.
الشيخ : بهما جميعاً، ويكون بالقلب وحده، ويكون باللّسان وحده، لكن اللّسان وحده الذّكر فيه ضعيف جدّا، غاية ما فيه أنّه يجزئ الإنسان في ما إذا كان واجبا، وأمّا الثّواب المرتّب على الأذكار فإنّ حصوله لمن يذكر الله بلسانه فقط فيه نظر.
الذّكر بالقلب لا يترتّب عليه الثّواب المعلّق بالقول مثل: من قال لا إله إلاّ الله مائة مرة ، لو واحد قالها في قلبه ما يترتّب عليه هذا الفضل لأنّه لا يصدق عليه أنّه قال، بل هو حدّث نفسه وفكّر، فهو يؤجر على هذا التفكير، وربّما يكون تؤثّر قلبه بالذّكر القلبي أكثر بكثير من تأثّره بالذّكر اللّساني.
ولا ريب أنّه إذا اجتمع الأمران فهو أكمل بلا شكّ.
طيب هل يكون ذكر الله عزّ وجلّ بذكر أحكامه ونشرها وتعلّمها؟
الطالب : نعم نعم.
الشيخ : هاه؟
الطالب : نعم.
الشيخ : يكون؟
الطالب : نعم.
الشيخ : يعني واحد مثلا يقرأ في دراسة علم : فقه توحيد نعم هذا من ذكر الله؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب، أمر بالمعروف ونهي عن منكر؟
الطالب : نعم.
الشيخ : هاه؟
الطالب : نعم من ذكر الله.
الشيخ : من ذكر الله، طيب لو قال قائل: الصّلاة إذن من ذكر الله؟
الطالب : أي نعم.
الشيخ : صحيح؟
الطالب : صحيح.
الشيخ : إذا قلتم إنّه صحيح نورد عليكم آية من القرآن يدلّ على أنّ في كلامكم نظر: (( إنّما يريد الشّيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدّكم عن ذكر الله وعن الصّلاة )) ؟
الطالب : أخرجها من ذكر الله لفضيلتها.
الشيخ : يعني من باب إيش ذكر الخاصّ؟
الطالب : بعد العامّ.
الشيخ : بعد العامّ، وهذا لا يقتضي أن لا يشمله العامّ ولاّ لا؟
الطالب : بلى.
الشيخ : طيب صحّ، إذن مثل: (( العليم الخبير )) ومثل: (( تتنزّل الملائكة والرّوح )) .
طيب إذن نقول: إنّ ذكر الله إذا أطلق يشمل كلّ شيء يتذكّر به الإنسان ربّه من أقوال وأفعال في القلوب وفي الجوارح.
وأحيانا يراد به الذّكر الخاصّ: (( فإذا قضيتم الصّلاة فاذكروا الله )) هنا ما تدخل الصّلاة لأنّه ليس المعنى إذا قضيتم الصّلاة فصلّوا بل المراد الذّكر الخاصّ المعروف.