فوائد حديث ( لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ...). حفظ
الشيخ : ويستفاد من هذا الحديث: جواز قيام ليلة الجمعة بدون تخصيص كرجل رأى من نفسه نشاطا تلك اللّيلة فقام، لا لأنّها ليلة الجمعة ولكن لأنّه كان نشيطا، فلهذا لو نشط ليلة الخميس أو ليلة السّبت أو ليلة الأربعاء لقام، فهذا لا يشمله النّهي لأنّ المقصود بذلك أن نخصّها.
ويستفاد من هذا الحديث: أنّه لو كان الإنسان يقوم ليلة بعد ليلة وصادف أن يكون قيامه في ليلة الجمعة، فإنّ ذلك لا يضرّ ولا يشمله النّهي، لأنّ هذا الرّجل إنّما قام لما كان يعتاده من القيام ليلة بعد ليلة.
ويستفاد من هذا الحديث: أنّ ما شرُف من الزّمان والمكان فإنّه لا ينبغي أن يخصّص بزيادة عبادات ليست في غيره، لأنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام قال: ( لا تخصّوا يوم الجمعة ).
فمثلا لو قال قائل: إنّي سأخصّ مثلا شهر ربيع الأوّل بزيادة عمل صالح، لأنّه الشّهر الذي بعث فيه الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، والشّهر الذي قدم فيه إلى المدينة، والشّهر الذي ولد فيه!
نقول: له لا تفعل، لا تخصّ، لأنّه ما فيه دليل.
فإن قلت: أليس رمضان خصّ بالصّيام لأنّه أنزل فيه القرآن؟
فالجواب: بلى، لكنّه خصّه بأمر من الشّرع، وما أمر به الشّرع فموقفنا نحن أن نقول: سمعنا وأطعنا، أمّا أن نقيس ونجتهد نحن ونخصّ بعض الأيّام الفاضلة أو الأماكن الفاضلة بعبادة لم يرد بها الشّرع فإنّ هذا من البدع.
ويستفاد من هذا الحديث: النّهي عن إقامة أعياد مولد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لماذا؟
لأنّنا خصصناه بعبادة لم يُخصّ بها شرعًا ، فيؤخذ من هذا النّهي عن إقامة الأعياد بدون دليل شرعيّ.
ويستفاد من هذا الحديث أيضا: النّهي عن تخصيص يوم الجمعة بالصوم وهو ظاهر فيه.
ويستفاد منه: أنّه لو صامه الإنسان لا للتّخصيص ولكنّه رجل له عمل في أيّام الأسبوع، لا يستطيع الصّوم في هذه الأيّام لمشقّته عليه، وهو يحبّ أن يصوم من كلّ شهر ثلاثة أيّام فكان يصوم يوم الجمعة نعم، فهل يدخل في النّهي؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، لأنّه لم يخصّ يوم الجمعة لأنّه يوم الجمعة لكن لأنّه يوم فراغه، فلو كان له فراغ في يوم الاثنين أو الثّلاثاء نعم لصام، وهذا يقع كثيرًا في القضاء، بعض النّاس يكون عليه قضاء من رمضان فلا يحصل له فراغ إلاّ في يوم الجمعة فنقول له: لا بأس أن تصوم في يوم الجمعة.
ويستفاد من هذا الحديث: أنّه لو صادف يوم الجمعة يوما كان يعتاد صومه مثل أن يكون ممّن يصوم يوما ويفطر يوما، فصادف ذلك اليوم يوم جمعة هاه؟
الطالب : يصومه.
الشيخ : فلا بأس؟
الطالب : نعم.
الشيخ : فلا بأس، لأنّه إذا كان يصوم يوما ويفطر يوما، سيفطر يوم الخميس ويوم السّبت، ويكون يوم الجمعة يصادف أحيانا هو اليوم الذي يصوم فيه.
صام الجمعة وأفطر السّبت، صام الأحد وأفطر الاثنين، وصام الثّلاثاء وأفطر الأربعاء، وصام الخميس وأفطر الجمعة هذا في الأسبوع الثاني، الأسبوع الذي بعده بالعكس، لأنّه سبعة أيّام، طيب هذا استثناه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بقوله: ( إلاّ أن يكون في صوم يصومه أحدكم ).
ويستفاد من هذا الحديث: أنّ للعادة تأثيراً وأنّه يفرّق بين الشّيء المعتاد والشّيء الذي يأتي صدفة، لأنّ الرّسول قال: ( إلاّ أن يكون في صوم يصومه أحدكم ) : فانظر الآن العادة كيف رفعت النّهي عن صوم هذا اليوم، كما أنّ العادة قد تكون بدعة في أمر يجوز فيه الشّيء أحياناً كالجماعة في النّوافل، الجماعة في النّوافل إذا فُعلت أحيانا فلا بأس بها، لحديث ابن عبّاس وحذيفة وابن مسعود في صلاة اللّيل حيث صلّوا مع النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام كلّ على انفراده، نعم في بعض اللّيالي.
لكن لو أنّ أناسا قالوا: سنقوم اللّيالي جماعة كلّ ليلة؟
قلنا لهم: هذا بدعة، أمّا أحيانا فلا بأس، وبهذا يعرف أنّ الشّرع يفرّق بين الشّيء الذي يتّخذ عادة والشّيء الذي لا يتّخذ عادة، فهذا الرّجل لما كان يعتاد صوم يوم الجمعة لسبب من الأسباب لا لأنّه يوم الجمعة رفع الشّارع النّهي عنه، ولهذا قال: " ( إلاّ أن يكون في صوم يصومه أحدكم ) رواه مسلم ".
طيب هل يستفاد منه إنّ النّهي عن التّخصيص على سبيل الكراهة؟
الطالب : نعم ؟
الشيخ : هاه؟
الطالب : كيف يا شيخ ؟
الشيخ : هل يستفاد من هذا الحديث أنّ النّهي عن التّخصيص على سبيل الكراهة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : هاه؟
الطالب : نعم يستفاد.
الشيخ : كيف ذلك يا عيد؟
الطالب : لقوله: ( إلاّ أن يكون في صوم يصومه ) ، لأنّه لو كان محرّما لم يجز هذا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
الشيخ : لو كان محرّما لم تؤثّر فيه العادة ، ولهذا لو صادف يوم عيد الفطر أو يوم عيد الأضحى لو صادف أنه يوم يصومه عادة مثل أن يصوم يوما ويفطر يوما لا يصومه، فلمّا كان هذا التّخصيص تبيحه العادة فإنّ النّهي يكون فيه للكراهة.
طيب وعلم من هذا الحديث أنّه لو صام مع يوم الجمعة يوما آخر فلا كراهة لأنّه لم يخصّصه.
ولكن هل يشترط أن يليه أو لا بأس وإن كان في أيّ يوم من أيّام الأسبوع؟
الطالب : يشترط.
الشيخ : نشوف.